تفكيك 947 عصابة وإيقاف 29 ألف شخص .. الأمن الوطني يعيد رسم خريطة الجريمة في المغرب

أفادت المديرية العامة للأمن الوطني في بلاغ حول حصيلتها السنوية برسم عام 2024 أن السنة التي نودعها شهدت تحولات نوعية في مكافحة الجريمة بالمغرب، حيث نجحت المديرية العامة للأمن الوطني في تحقيق إنجازات غير مسبوقة تمثلت في تفكيك 947 عصابة إجرامية متخصصة وتوقيف 29,959 شخصًا على صلة بالقضايا العنيفة، من بينهم 10,720 كانوا يشكلون موضوع مذكرات بحث وطنية. هذه النتائج جاءت في سياق استراتيجية أمنية محكمة امتدت من سنة 2022 إلى 2026، ركزت على تعزيز بنيات مكافحة الجريمة، وتطوير مختبرات الشرطة العلمية والتقنية، ودعم آليات الاستعلام الجنائي والتنسيق مع مختلف الأجهزة الأمنية.
التراجع الملحوظ في معدلات الجريمة العنيفة كان أبرز ملامح السنة، حيث انخفضت السرقات تحت التهديد بنسبة 24%، وسرقة السيارات بـ20%، والسرقات بالعنف بـ12%. الاعتداءات الجنسية سجلت تراجعًا بـ4%، فيما تهاوت جرائم السطو على المؤسسات البنكية بنسبة قياسية بلغت 45%. هذه المؤشرات الرقمية تترجم تحسنًا ملموسًا في الإحساس بالأمن لدى المواطنات والمواطنين، خصوصًا مع تسجيل معدل زجر للجرائم بلغ 95%، وهو الأعلى في تاريخ المديرية العامة للأمن الوطني.
لم تقتصر الجهود على مواجهة الجريمة التقليدية، بل امتدت إلى تعزيز آليات الوقاية من الجرائم السيبرانية والتهديدات الإرهابية على الإنترنت من خلال إطلاق منصة “إبلاغ” الرقمية، التي وفرت قناة تفاعلية للمواطنين للتبليغ عن التهديدات الإجرامية. كما عززت مصالح الأمن الوطني فرق مكافحة العصابات، التي بلغت 26 فرقة مجهزة بأحدث المعدات، من بينها الصاعق الكهربائي “TASER-7″، و104 سيارات رباعية الدفع، و720 دراجة نارية، بالإضافة إلى 60 كلبًا مدربًا للكشف عن المتفجرات والمخدرات.
هذه الدينامية لم تكن لتتحقق لولا التركيز على البعد الحقوقي في الوظيفة الشرطية، من خلال تكوين آلاف الموظفين في مجالات احترام حقوق الإنسان، وإطلاق دليل استرشادي لضمانات الأشخاص المحتفظ بهم قيد الحراسة النظرية، فضلاً عن تكثيف عمليات المراقبة الفجائية لأماكن الإيداع وتقييد الحرية.
بهذه المعطيات، أظهرت سنة 2024 أن مكافحة الجريمة ليست مجرد أرقام تُسجل، بل هي معركة شاملة تدمج بين الصرامة الأمنية واحترام الحقوق، وبين التحديث التكنولوجي والإشراك الفعلي للمجتمع. إنها صورة تعكس إرادة صلبة في الحفاظ على أمن الوطن والمواطنين في مواجهة تحديات متزايدة التعقيد.