أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي في المغرب، وصلت إلى مستويات منخفضة، حيث بلغت 19 في المائة مقابل
69.6 في المائة بالنسبة للرجال. ويتواصل هذا الانخفاض على الرغم من الارتفاع الملحوظ لعدد النساء الحاصلات على شهادات، مما يؤكد على التفاوت الكبير بين التطور المحرز في قطاع التربية والتعليم والادماج الفعلي للنساء في سوق الشغل. ويظل معدل البطالة لدى هذه الفئة من النساء مقلقا على وجه الخصوص إذ وصل إلى 34.8 في المائة سنة 2022.
وأوضح المجلس في تقريره السنوي لسنة 2023، أن ضعف مشاركة النساء له تداعيات اقتصادية واجتماعية حيث يساهم في الحد من النمو الاقتصادي وخلق الثروة. فوفقا لتقديرات المندوبية السامية للتخطيط، يمكن أن يؤدي إدماج 1.7 مليون امرأة غير نشيطة إلى رفع معدل النشاط لدى النساء إلى 34.8 في المائة والزيادة في القيمة المضافة الاجمالية بنسبة 13 في المائة. مضيفا أن عدم نشاط النساء يساهم في تكريس وضعية الفقر والتفاوتات الاجتماعية واستمرار تبعيتهن الاقتصادية وهو ما يؤثر سلبا على مكانتهن داخل الاسرة والمجتمع.
وسجل المجلس، أن هناك العديد من التحديات التي تعيق إدماج النساء في سوق الشغل،ومنها، التمييز وعدم المساواة في الاجور، حيث تعاني النساء من فجوات عميقة فيما يتعلق بالاجور والولوج إلى مناصب المسؤولية. وتكشف دراسة أجرتها المندوبية السامية للتخطيط حول تشغيل النساء سنة 2024 أن عدم استقرار عقود العمل محددة المدة مع عدم احتمال تحويلها إلى عقود دائمة، فضلا عن ضعف الاجور، تعتبر إكراهات لا تساعد النساء على الاندماج في سوق الشغل. وتظهر هذه التحديات بشكل واضح في جهة الشرق مقارنة بجهة الدار البيضاء-سطات، مما يسلط الضوء على التفاوتات المجالية في المواقف في ما يتعلق بظروف تشغيل النساء.
كما أن هناك تحديات تتعلق بالعوامل الثقافية والاعباء الاسرية، حيث تشكل الانتظارات الاجتماعية والمسؤوليات الاسرية غالبا معيقات تلقي بثقلها على كاهل النساء الراغبات في ولوج سوق الشغل. وفي غالب الاحيان، تتحمل النساء أغلب الاعباء المنزلية سواء داخل المنزل أو خارجه وكذا رعاية الاطفال والاشخاص المسنين أو فاقدي الاستقلالية، وذلك بغض النظر عن المستوى التعليمي أو النشاط المهني أو العمر.
وأكد المجلس، أن هناك تحدي النقص الحاصل في بنيات الدعم، حيث يعيق نقص خدمات رعاية الاطفال والحضانات والدعم الاسري قدرة المرأة على التوفيق بين العمل والواجبات الاسرية. بالاضافة إلى غياب التكوين المناسب، حيث يرتبط عدم نشاط المرأة بالتعليم حيث لا تتوفر 50.3 في المائة من النساء اللواتي يبلغن 25 سنة فأكثر على أي مستوى تعليمي، و42.3 في المائة من النساء البالغات 15 سنة فأكثر يعانين من الامية. علاوة على ذلك، هناك خصاص على مستوى التكوين قصير الامد الذي يستهدف النساء الحاملات للشهادات، اللواتي تركن سوق الشغل بغية تيسير إعادة إدماجهن في الحياة المهنية.
وخلص تقرير المجلس، إلى أنه لمواجهة هذه التحديات، يكتسي تطوير اقتصاد الرعاية أهمية بالغة. في هذا الصدد، تؤكد بعض الهيئات والمؤسسات الدولية على غرار منظمة العمل الدولية وهيئة الامم المتحدة للمرأة، على قدرات هذا القطاع ودوره في تدارك الخصاص المسجل على مستوى تغطية الرعاية الصحية وخلق فرص عمل لائق للنساء، مع دعم التنمية الدامجة والمساواة بين الجنسين.
وشدد المجلس على ضرورة اعتماد سياسة إرادية تهدف إلى تشجيع المرأة على العودة إلى النشاط الاقتصادي مع مراعاة مختلف فئات النساء غير النشيطات واعتماد تدابير خاصة بكل فئة منهن. وبالنسبة للنساء الحاصلات على دبلوم واللواتي تركن سوق الشغل لمدة طويلة، يتعين تسهيل إدماجهن في الحياة العملية عبر دورات تكوينية قصيرة الامد في مهن معينة أو في مجال خلق المقاولات في بعض القطاعات المحددة. كما يتعين تقديم المواكبة اللازمة للبحث عن شغل أو لخلق مقاولاتهن الخاصة. ومـن جهـة أخـرى، لا يتـم الاعتـراف بعمـل ربـات البيـوت المتزوجـات اللواتـي يتحملـن جميـع الاعبـاء المنزليـة، لـذا، فإن منحهـن تعويضـا ماديـا عـن هـذه الأعمـال غيـر المـؤدى عنهـا يعتبـر مـن بيـن الاجـراءات الضروريـة فـي هـذا المجـال. أمـا بالنسـبة لغيـر المتزوجـات، فيتعيـن الاسـراع بإعـادة إدماجهـن فـي سـوق الشـغل، ممـا يسـتدعي اتخـاذ مبـادرات خاصـة لتيسـير انتقالهـن إلـى نشـاط مهنـي منتظـم.
وأوصى المجلـس الاقتصـادي والاجتماعـي والبيئـي بتقليص الفوارق في الاجور بين الرجال والنساء ومكافحة مظاهر التمييز المرتبطة بالترقي المهني. وتعزيز وتثمين إحداث المقاولات لا سيما من خلال تيسير ولوج النساء إلى التمويل والعقار، وخلق مصادر تمويل ملائمة للنساء لمواكبتهن في المبادرات الاقتصادية أو توفير التكوين اللازم لهن. داعيا إلى تعزيز الاستقلالية الاقتصادية لربات البيوت عن طريق إقرار دخل أدنى، اعترافا بمساهمتهن الاقتصادية غير المدفوعة الاجر. كما يمكن اللجوء إلى الدعم الاجتماعي المباشر لتحقيق هذه الغاية.
وشدد على ضرورة إدماج ربات البيوت في سوق الشغل من خلال إطلاق بحث وطني لتحديد الاسباب والمحددات الموضوعية لإقصاء المرأة من النشاط الاقتصادي،
وتنزيــل استراتيجية وطنية انطلاقا من النتائج التي ســيتم التوصــل إليهــا. وتمكين ربات البيوت من تعزيز مهاراتهن المهنية وتحسين فرصهن في الادماج الاقتصادي، من خلال المشاركة فــي برامــج التكويــن التأهيلي في مختلــف القطاعــات، مــع مراعــاة خصوصيات كل جهــة. وتقديم تحفيزات مالية لربات البيوت الشابات الراغبات في العمل لحسابهن الخاص. ومنح إعانات لأمد محدد للمقاولات التي تشغل ربات البيوت الشابات.
تعليقات
0