أكدت أربع جمعيات وطنية، معنية بالصحة العامة وحقوق الإنسان، أن “تقليص جرعات الميثادون Methadone يجب أن يتم وفقاً للبروتوكولات المعتمدة وطنيا ودوليا، بما فيها المقترح من قبل منظمة الصحة العالمية، والتي تؤكد على “ضرورة موافقة المريض، حيث إن أي تغيير في الجرعات دون استشارته قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة”، حيث خرجت هذه الجمعيات ببيان تدق فيه ناقوس الخطر مع توجيه نداء مستعجل لأجل “عدم ترك المرضى وحدهم في مواجهة هذا الوضع الصعب وعدم السماح بتحول الأزمة الصحية إلى أزمة إنسانية واجتماعية”.
الجمعيات الأربع، جمعية حسنونة لمساندة مستعملي ومستعملات المخدرات AHSUD، الجمعية الوطنية للتقليص من مخاطر المخدرات RR Maroc، جمعية محاربة السيدا ALCS، والائتلاف العالمي للاستعداد للعلاج في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ITPC-MENA، ذكرت بأن “توقف توفير هذا العلاج سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الانتكاس وحالات العودة لاستهلاك المخدرات زيادة حالات الانسحاب التي تسبب المعاناة النفسية والجسدية”، خصوصا مع غياب استراتيجيات بديلة للأدوية المهدئة التي لا تتوفر حاليا في المراكز المتخصصة.
كما لم يفت ذات الجمعيات التذكير أيضا بباقي المضاعفات الأخرى الناتجة عن توقف توفير العلاج، ومن ذلك أساسا “التأثير سلبا على استمرار الأشخاص في الإدماج الاجتماعي والمهني تراجع إقبال مستعملي ومستعملات المخدرات على أنشطة الوقاية والتوعية، نظرا للقلق النفسي الناتج عن الخوف من عدم استمرارية العلاج”، وهذا الوضع، تضيف الجمعيات، “سيؤثر بشكل خطير على صحة المرضى وعلى البرنامج الوطني لمحاربة السيدا، واستمراره يدفع إلى التخوف من أن تتأثر الجهود الوطنية لتحقيق هدف القضاء على السيدا في المغرب بحلول عام 2030”.
وباعتبارها جمعيات تدافع عن حق الأشخاص في الوصول إلى العلاج والرعاية الصحية، فقد شددت على حث الجهات المعنية، وخاصة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، على “اتخاذ إجراءات عاجلة ومستدامة من أجل اعادة توفير مخزون الميثادون من خلال التعاون مع المنظمات الدولية والشركاء التقنيين لتأمين مخزون الطوارئ وضمان استمرارية العلاج”، مع “احترام حقوق المرضى: الالتزام بأن لا يتم أي تعديل في جرعات الميثادون الا بموافقة مستنيرة من المرضى ووفقًا للبروتوكولات العلمية”.
ذلك فضلا عن ضرورة “إيجاد حلول بديلة استكشاف خيارات علاجية مؤقتة، تحت إشراف طبي، لتعويض النقص مع تقليل المخاطر على المرضى”، و”تعزيز إدارة المخزون بوضع خطة لمنع نقص المخزون تشمل تحسين إدارة التوريد وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية”، علاوة على “إشراك المجتمع المدني: العمل بشكل وثيق مع الجمعيات المدنية لإيجاد حلول مستدامة وضمان وضع حقوق واحتياجات المرضى في صلب القرارات”، فيما أعربت الجمعيات عن “تجديد تأكيدها على استعدادها للتعاون مع جميع الأطراف المعنية لإيجاد حلول مستدامة لهذه الأزمة”.
وجاء بيان الجمعيات الأربع بعد “قيام وزارة الصحة باتخاذ عدة إجراءات، من بينها ما نصت عليها الدورية الوزارية من تقليص جرعات الميثادون بشكل آلي ومنهجي، حسب الفئات ولجميع المرضى بما فيهم المتعايشون والمتعايشات مع فيروس نقص المناعة البشري VIH ومرضى الالتهاب الكبدي “س” و”ب”، بالإضافة إلى مرضى السل”، مع ما عرفه ذلك من “نفاذ في مخزون الميثادون، الذي يعتبر دواء أساسيا للمساهمة في علاج الإدمان على المواد الأفيونية ويلعب دورا محورا في الحد من المخاطر الصحية والاجتماعية المرتبطة بتعاطي المخدرات”.
وفي هذا الصدد، رأت الجمعيات الأربع أن “ما قامت به وزارة الصحة والحماية الاجتماعية من اجراءات وقرارات، فهي لم تستشر في ذلك أي شريك من الشركاء، أو حتى إخبارهم بها”، من بينهم الجمعيات ذاتها التي “لم تعلم بالأمر إلا من خلال الاشعارات التي تم إشهارها بمداخل مراكز محاربة الادمان كباقي المستفيدين والمستفيدات”، علما أنها من جمعيات المجتمع المدني التي تعمل على تسهيل وصول الفئات الهشة إلى الخدمات الصحية ودعم حقوق الأشخاص مستعملي ومستعملات المخدرات.
ورغم تقديرها لجهود وزارة الصحة في التعامل مع هذه الأزمة، لم يفت الجمعيات التأكيد أن “الحلول المقترحة تظل غير كافية وقد تؤدي إلى نتائج كارثية على صحة المرضى والمجتمع ككل”، وكثيرا ما أعربت عن “استعدادها لتقديم خبراتها ودعمها لضمان استمرارية الرعاية والحفاظ على صحة وحقوق المرضى”، انطلاقا من مبدأ الصحة حق أساسي والوصول إلى الأدوية الأساسية (مثل الميثادون) هو واجب أخلاقي وقانوني، حسب بيانها الذي دعت فيه إلى “تعبئة جماعية لكي لا تؤدي هذه الأزمة إلى عواقب وخيمة على الصحة العامة وحقوق الإنسان في المغرب”.
تعليقات
0