يفترض أن يكون العمل الجمعوي ركيزة أساسية في التنمية المجتمعية، يسعى من خلاله الفاعلون الجمعويون إلى خدمة الفئات الهشة ، وتعزيز التضامن الاجتماعي.
غير أن هذا المجال لم يسلم من الاختراق، بحيث أصبح ملاذا لمن يبحث عن الامتيازات تحت غطاء العمل الخيري، حتى بات يُقال إن الفاعل الجمعوي “مهنة من لا مهنة له”.
في السنوات الأخيرة، انتشرت جمعيات تؤسسها فئة لا تمتلك أي مؤهلات ثقافية و لا اجتماعية ، ولا تحمل أي رؤية أو برنامج واضح و هادف ، بل اصبحت تتخد من العمل الجمعوي وسيلة للاستفادة من الدعم المحلي والدولي. رافعين شعارات رنانة دات ابعاد كالتنمية والمساعدة، لكن واقعهم يقول عكس ذلك ، فهم في كثير من الاحيان بحاجة إلى المساعدة ، بل يجب ان تطبق عليهم البرامج قصد تأهيلهم ، و تنميتهم . فهم مع كل أسف يجوبون المؤسسات طولا و عرضا و من غير ملل بحثًا عن تمويل، لكن ما يصل إلى الفئات المستهدفة لا يعكس حجم الدعم الذي يحصلون عليه.
و بجانب هؤلاء نجد فئة أخرى تستغل الجمعيات بطرق أكثر احترافية، تضم أفرادًا من عائلات نافذة أو زوجات مسؤولين، بحيث يوظفون علاقاتهم و علاقات عائلاتهم النافدة لضمان موارد مالية كبيرة ، و تملك مقرات ودعم متواصل. هؤلاء يستغلون العمل الجمعوي لأغراض انتخابية أو اجتماعية، ويجعلونه أداة لتحسين وضعهم الشخصي لا لخدمة المحتاجين. الدعم يصل، لكن المستفيد الحقيقي هم هؤلاء الذين يجيدون توظيف المعاناة لصالحهم.
ورغم هذه الصورة القاتمة، يظل هناك فاعلون جمعويون حقيقيون، يعملون بصدق وإخلاص وفق برامج واضحة ومبادئ نزيهة، و هم أقلية ، يحققون تغييرا حقيقيا رغم كل العقبات التي تواجههم .
إن وجود الانتهازيين أضعف ثقة المجتمع في الجمعيات الهادفة ، فباتت النظرة إليها مشوبة بالشك، مما ينعكس سلبًا على العمل الخيري بشكل عام.
فالعمل الجمعوي ليس تجارة، ولا ينبغي أن يكون وسيلة لتحقيق المصالح الخاصة. و اصبح من لزاما وضع آليات رقابية صارمة لتمييز الفاعلين الحقيقيين عن الدخلاء، حتى يعود لهذا المجال بريقه، ويتمكن من تحقيق الغايات التي نشأت الجمعيات لأجلها.
تعليقات
0