لقاء مفتوح للنقابة الوطنية للصحافة المغربية: مطالب مهنية واجتماعية في ظل تحديات القطاع

نظمت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، يوم الاثنين 24 مارس 2025 بالدار البيضاء، لقاء مفتوحا حول الأوضاع المهنية والاجتماعية للصحافيات والصحافيين، وهو تقليد دأبت النقابة على إحيائه كل شهر رمضان. وقد حضر اللقاء عدد من الفاعلين في القطاع، من بينهم عبد الكبير خشيشن، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وحنان رحاب، رئيسة جمعية الأعمال الاجتماعية لصحفيي الصحافة المكتوبة .

ففي كلمته، وصف عبد الكبير خشيشن هذا اللقاء بكونه فرصة لتعزيز الروابط بين أبناء الجسم الإعلامي، مذكرا بالمجهودات النضالية التي قامت بها النقابة في الدفاع عن حقوق الصحفيين. وأكد أن هذه السنة تختتم بمسار إعداد القوانين الثلاث المتعلقة بتنظيم المهنة، حيث عملت النقابة على دراسة ومناقشة هذه القوانين من خلال 18 لقاء وجلسات استماع ومنصة للاقتراحات، ما أسفر عن مذكرة تفصيلية تم تسليمها للوزارة الوصية.

كما استحضر رئيس النقابة المؤتمر الأخير لسنة 2023، الذي رفع عددا من الأوراش الكبرى، وانعقاد المجلس الوطني الاخير للنقابة، الذي ناقش مستجدات القطاع وخلص إلى أهمية تسريع إخراج القوانين المنظمة للمهنة. وفي هذا السياق، شدد خشيشن على ضرورة تفعيل الدعم العمومي للصحافة بشكل عادل، مشيرا إلى تصريحات الوزير التي تؤكد أنه “لا دعم من دون اتفاقية جماعية”.

وتطرق أيضا إلى إشكالية الدعم العمومي الموجه للمؤسسات الصحفية، مبرزا أن الصحفيين والعاملين لم يتوصلوا بعد بالمستحقات المتفق عليها. كما نبه إلى ظاهرة تسلل بعض الأشخاص إلى المشهد الإعلامي دون استيفاء الشروط المهنية، وهو ما يستدعي يقظة كبيرة من الفاعلين في القطاع.

من جهتها، ركزت حنان رحاب على الجوانب الاجتماعية، مؤكدة أن الوضعية الحالية للصحفيين تتسم بالهشاشة الشديدة، حيث أصبح العيش الكريم في ظل هذه الظروف أمرا صعبا. ودعت إلى ضرورة تدخل إرادة سياسية عليا لحماية الصحفيين كما هو الحال بالنسبة للمقاولات الصحفية.

وسلطت الضوء على تملص المؤسسات الإعلامية من مسؤولياتها تجاه العاملين، إذ لم تعد توفر لهم الوسائل الضرورية للاشتغال، في حين تبقى الأجور غير كافية وغير مقنعة. وأضافت أن الصحفي بات يصرف من ماله الخاص لضمان استمرارية العمل داخل بعض المقاولات الإعلامية، مما يزيد من معاناته اليومية.

كما أشارت إلى التحديات التي يواجهها الصحفيون، بما في ذلك انتشار “صحافة البوز” عبر منصات اليوتيوب، حيث يتم استغلال المهنة من قبل غير المختصين، ما يؤثر سلبًا على سمعة القطاع. وأكدت ضرورة التزام المؤسسات الإعلامية بتطبيق الاتفاقيات التي تم توقيعها، خاصة فيما يتعلق بالأقدمية والعطل السنوية.

وفي ما يخص الجانب الاجتماعي، كشفت رحاب عن تقديم النقابة وجمعية الأعمال الاجتماعية مشروعا للوزارة لدعم التغطية الصحية التكميلية والتقاعد التكميلي وتحسين أوضاع الصحفيين. وأشارت إلى أن الأمراض المهنية باتت منتشرة بشكل كبير في أوساط الصحفيين، مثل أمراض المفاصل والظهر والعينين، ما يتطلب توفير حماية صحية إضافية.

من جانبه، تناول الطالبي محمد  نائب رئيس النقابة الوطنيةللصحافة المغربيةالدور الحاسم الذي لعبته النقابة في مواجهة بعض الجهات التي تحاول إضعاف المشهد النقابي، مبرزا أن قوة النقابة تتجلى في العدد الكبير من المنخرطين، حيث بلغ عددهم 2400 صحفي، وهو مؤشر على الثقة المتزايدة في العمل النقابي.

وشملت مداخلات الصحفيين قضايا ملحة، مثل التلاعب في التصريح بالأجور، مما يؤثر سلبا على التقاعد، ومشاكل الحصول على البطاقة المهنية، بالإضافة إلى غياب الحماية القانونية للصحفيين في مواجهة المتابعات القضائية. كما أثيرت مخاوف بشأن استمرار تدهور أوضاع الصحفيين وعدم التزام المؤسسات باتفاقيات تحسين أوضاعهم.

و في رده على المداخلات، أكد عبد الكبير خشيشن أن المعركة المقبلة ستكون شرسة، وأن النقابة لن تتنازل عن المكتسبات التي حققتها. وشدد على أن الصحافة تظل مهنة نبيلة تستحق الاحترام والتقدير، مشيرا إلى ضرورة الدفاع عن مصالح الصحفيين وحماية حقوقهم.

كما أكد أن النقابة تقوم بدورها على أكمل وجه، وأنها مستعدة لمواصلة النضال من أجل تحسين أوضاع الصحفيين. وأشار إلى ضرورة تحميل الجهات الأخرى مسؤولياتها في النهوض بالقطاع، مبرزا أن النقابة تعمل في إطار قانوني ومنظم، وتسعى إلى تحقيق توازن بين الحقوق والواجبات.

وفي ختام اللقاء، جددت النقابة التزامها بتنظيم لقاءات مفتوحة كبرى، من بينها لقاء الصحفيين الأفارقة المزمع عقده في مراكش، ولقاء آخر في سيدي إفني، وذلك في إطار تعزيز الحوار المهني والانفتاح على التجارب الدولية.

على العموم يبقى قطاع الصحافة في المغرب أمام تحديات كبرى، حيث تتطلب الأوضاع الراهنة تدخلات حاسمة لضمان بيئة عمل عادلة ومستقرة. وبينما تواصل النقابة الوطنية للصحافة المغربية نضالها من أجل تحسين ظروف الصحفيين، يبقى الرهان معلقا على الإرادة السياسية ومدى تجاوب الحكومة مع مطالب الجسم الإعلامي.