تتواصل الجهود المضنية في إقليم خنيفرة للعثور على جثة الطفل محمد الراجي، البالغ من العمر 12 سنة، الذي غرق في مياه نهر أم الربيع، قبل دقائق معدودة من آذان مغرب يوم الأربعاء 19 مارس 2025، وسط أجواء يلفها الحزن والتوتر والترقب، وبينما تتطلع أسرته، ومعها ساكنة المنطقة، بقلق شديد انتهاء عمليات البحث، تبذل فرق الوقاية المدنية بخنيفرة قصارى جهودها، مستعينة بكل عناصرها وفرق الضفادع البشرية القادمة من بني ملال، إلى جانب متطوعين لم يدخروا جهداً في مساعدة السلطات وفرق الإنقاذ على تمشيط جنبات النهر، في محاولة يائسة للعثور على جثمان الطفل العالقة في مكان مجهول تحت المياه.
وفي تطور لافت، قام عامل إقليم خنيفرة، محمد عادل إهوران، يوم الاثنين 24 مارس 2025، بزيارة تفقدية مفاجئة إلى موقع الحادث، مرفوقا برئيس الشؤون الداخلية وباشا المدينة، حيث عاين عن كثب عمليات البحث، وقدم تعازيه الحارة لعائلة وأقارب الطفل الفقيد، مؤكدا قيامه بكل ما يتطلبه البحث عن جثة الطفل من جهود، والتزامه بتعزيز فرق الإنقاذ بعناصر إضافية للمساعدة في هذه المهمة، وموازاة مع ذلك أمر بإقامة خيمة عزاء أمام بيت العائلة، بينما جدد عدد من الفاعلين المحليين مطالبتهم بتوفير إمكانيات وآليات لوجستية أكثر تطورا لفائدة الوقاية المدنية، لتعزيز قدراتها في عمليات الإنقاذ المائي.
ووسط هذه الأجواء المشحونة، لم تتوقف مناشدات مختلف الشرائح الاجتماعية للسلطات المعنية والجهات المختصة بالإسراع في العثور على جثمان الطفل، بينما انقسم الرأي العام بين مستنكر لما اعتبره تأخرا في عمليات البحث، وبين مشيد بالمجهودات الجبارة المبذولة رغم قساوة الظروف المناخية والمياه المعكرة بالأوحال، وعلى هامش هذه الفاجعة، لم يفت بعض الأصوات انتقاد غياب الرقابة الأسرية على الأطفال، معتبرة أن مثل هذه الحوادث المتكررة تستوجب دق ناقوس الخطر حول مسؤولية الأهل في تتبع تحركات أبنائهم وسير دروسهم، وحمايتهم من المخاطر المحتملة، سيما ما يجري تسجيله في الآونة الأخيرة.
ويذكر أن ساكنة خنيفرة كانت قد عاشت، عشية الأربعاء 19 مارس 2025، على وقع غرق الطفل المذكور في مياه نهر أم الربيع، بالقرب من “القنطرة القديمة” المحاذية لقصبة موحى وحمو الزياني، وهو من أبناء “حي آمالو إغريبن”، وفور إشعارها بالحادث، هرعت السلطات المحلية إلى عين المكان، مصحوبة بعناصر الوقاية المدنية التي باشرت عمليات البحث عن هذا الطفل، فيما فتحت عناصر الأمن تحقيقًا، تحت إشراف النيابة العامة، لمعرفة تفاصيل الواقعة، غير أن الجهود المبذولة لم تثمر عن العثور على الجثة بسبب حمولة الوادي وتلوثه، فضلا عن التيارات الناتجة عن الأمطار الأخيرة والتي تكون قد جرفت الطفل بعيدا عن مكان سقوطه.
وقد تضاربت الاحتمالات والروايات حول سبب غرق الطفل في النهر، حيث أفاد البعض بأنه كان يسبح، بينما رجّح آخرون أنه كان يحاول اصطياد السمك، فيما زعم البعض الآخر أن مزاحا مع أحد أقرانه انتهى بانزلاقه إلى المياه العميقة، لكن، ورغم اختلاف الأقاويل، فإن الحقيقة التي تحبس الأنفاس هي فاجعة طفل صغير فقد حياته في ظروف مأساوية بمكان مجهول تحت مياه النهر، وهي أم مكلومة تعيش فاجعة ثانية بعدما فقدت زوجها قبل عامين إثر سقوطه من ورشة بناء وفارق الحياة، وفي انتظار ما ستسفر عنه عمليات البحث، تبقى دعوات الأهالي والمتابعين بأن يتم العثور على جثة الطفل وتمكين أهله من توديعه وإنهاء معاناة الانتظار القاتل.
وأكد مصدر من فرق الوقاية المدنية أن طبيعة قاع النهر تشكل تحديا كبيرا لعمليات البحث والإنقاذ، حيث تتميز بتضاريس غير مستقرة تعج بالصخور، وجذوع الأشجار، والأسلاك، والطحالب الكثيفة التي قد تعيق عمليات الغوص، بل وتخفي الجثث في أماكن يصعب الوصول إليها، وأوضح المصدر أن هذه العوامل، إلى جانب ارتفاع منسوب المياه نتيجة الأمطار الأخيرة، أسهمت في تعكير المياه وتقليص مدى الرؤية تحت سطحها، مما زاد من تعقيد المهمة أمام فرق البحث والمعدات المستخدمة، وفي المقابل، شدد المتحدث على أن عمليات البحث في البحيرات تكون عادة أكثر استقرارا، مقارنة بالأنهار التي تفرض تحديات أكبر.
تعليقات
0