لقاء إدريس لشكر بين رهانات التجديد السياسي وجدلية الانتقادات

جواد رسام الثلاثاء 1 أبريل 2025 - 22:43 l عدد الزيارات : 99364

في لقاء إعلامي جريئ أثار اهتمام المتابعين وأشعل نقاشا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية، استعرض إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، رؤيته لقضايا سياسية حساسة، محليا ودوليا، في حوار مفتوح مع صحفيين من منصتين إعلاميتين بارزتين.
وكما كان متوقعا، تباينت ردود الفعل بين مؤيد يرى في اللقاء خطوة ضرورية نحو إعادة ترتيب المشهد السياسي، ومنتقد يعتبره تحركا تكتيكيا محفوفا بالمخاطر.
فحسب رأيي المتواضع ، و هو نفس رأي مجموعة ممن تابعو اللقاء ، على أنه يأتي في سياق الحاجة إلى تحديث الخطاب السياسي وإعادة ترتيب أولويات العمل الحزبي وفق رؤية أكثر انسجاما مع التحولات الراهنة.
ففتح قنوات الحوار مع مختلف الفاعلين الإعلاميين هو مؤشر على انفتاح جديد يهدف إلى استعادة الثقة في المؤسسات السياسية وتعزيز دور الأحزاب كوسيط بين الدولة والمجتمع.

لقد اعتبر الكاتب الاول ادريس ادريس لشكر من خلال هذه المبادرة، انه تأسيس لنهج جديد يقوم على إعادة التموقع الحزبي استعدادا للاستحقاقات السياسية المقبلة، مما يتطلب خطابا أكثر شمولية وقدرة على التكيف مع المتغيرات الوطنية والدولية.
فالحراك السياسي لا يمكن أن يظل جامدا أمام التطورات، بل يجب أن يكون استباقيا وقادرا على تقديم بدائل حقيقية.
لقد كان من بين المحاور التي تناولها اللقاء، نقطة ملتمس الرقابة التي تقدمت بها المعارضة ضد الحكومة ، و التي يعتبرها بعض المنتقدين انها ليست الا ورقة ضغط ظرفية . بحيث اعتبر إدريس لشكر أن هذه الخطوة تندرج ضمن الأدوات الدستورية المشروعة لخلق توازن في المشهد السياسي، مشددا على أن الهدف منها ليس العرقلة، بل الدفع نحو نقاش سياسي أكثر جدية وفعالية.

و في حديثه عن قضية الصحراء المغربية، أكد الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ادريس لشكر على أهمية المكاسب التي حققتها الدبلوماسية الوطنية،
و ان مواقف الشعب المغربي بكل مكوناته هي مواقف تابثة و تاريخية ، مشيدا بالدور الذي لعبته في ترسيخ الاعترافات الدولية بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
مما اصبح معه الامر ضرورة لانتقال الملف من مرحلة التدبير الى مرحلة التغيير .
و لقد وقف الكاتب الاول عند نجاح حزبه في تعزيز العلاقات مع تيارات يسارية عالمية لدعم هذا التوجه، معتبرا أن المعركة الدبلوماسية تظل رهانا استراتيجيا لا يقل أهمية عن المسارات الأخرى.
و هو ما نجح فيه ‬حزب‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاشتراكي خلال‭ ‬زيارته‭ ‬إلى‭ ‬المكسيك‭ ‬مؤخرا،‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬الحزب‭ ‬الثوري‭ ‬المؤسساتي‭ ‬المكسيكي ، و هو الحزب اليساري المعارض الذي حكم‭ ‬المكسيك‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ستين‭ ‬سنة ،‭ ‬ فهو‭ ‬قوة‭ ‬سياسية‭ ‬كبيرة يقود‭ ‬إطارا‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬يضم‭ ‬74‭ ‬حزبا‭ ‬يساريا‭ ‬وتقدميا،‭ ‬ومعظمها‭ ‬كانت‭ ‬سابقا‭ ‬داعمة‭ ‬للجزائر‭ ‬والبوليساريو.

أما بشأن القضية الفلسطينية، فقد شدد على موقفه الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، مدينا الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال.
لقد خصص الكاتب الأول للحزب في حديثه عن معاناة الفلسطينيين من جرائم الاحتلال الاسرائيلي الذي وصفه بالنجس مدة تفوق 18 دقيقة وتحدث عن التطرف اليميني ، وتحدث عن مساهمة الحزب في منظمة الأممية الاشتراكية لإصدار بيان يدين الجرائم الإسرائيلية، ويدعو لوقف إطلاق النار.

ان تدخل الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في هذا الشق كان واضحا، فلقد كان مؤيدا لفلسطين ومناهضا للمجازر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الأعزل تحت أي مبرر، و في الوقت نفسه وصف عملية 7 أكتوبر التي نفذتها حماس بـ”النكسة الاستراتيجية”، مرجعا ذلك إلى كونها قرارا انفراديا لم يتم التشاور بشأنه داخل إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني،

على العموم فمواقف ادريس لشكر تعكس اتزانا سياسيا، و ان لغة التخوين الذي نهجها بعض المضللين للتشويش عليه ، لم و لن تجد مكانة لها .
و في ظل هذا الجدل، و بكلامه هذا يبدو الرجل واثقا من رؤيته، التي هي رؤية الحزب ككل مستندا إلى استراتيجية يعتبرها ضرورية لمواكبة التحولات السياسية، سواء الداخلية أو الخارجية .
فهو يرى أن الفعل السياسي يجب أن يتجاوز منطق الصراعات التقليدية، ليؤسس لتحالفات وتوافقات جديدة تخدم الاستقرار السياسي وتدعم الإصلاحات المنشودة.

من هذا المنطلق، فإن اللقاء لم يكن خطوة معزولة أو استجابة ظرفية للضغوط، بل يأتي في إطار مسار مدروس يهدف إلى توجيه النقاش السياسي نحو قضايا أعمق وأكثر تأثيرا.
كما يشدد على أن الانفتاح على مختلف الفاعلين هو المدخل الأساسي لأي إصلاح حقيقي، بعيدا عن الحسابات الحزبية الضيقة.
فبالرغم من اختلاف التقديرات، يبقى لقاء إدريس لشكر محطة مفصلية تعكس دينامية جديدة في العمل السياسي الوطني، و يظل الأهم أن النقاش الذي أثاره يعكس حجم الرهانات المطروحة أمام الفاعلين السياسيين.
فاللقاء يبقى محطة هامة في المشهد السياسي المغربي، حيث سلط الضوء على قضايا مصيرية تمس الداخل والخارج. رغم الجدل التي واكب تفسير تصريحاته، ليبقى الأهم هو النقاش السياسي الذي ولده هذا اللقاء، ومدى تأثيره على توجهات الرأي العام والسياسات المستقبلية.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

السبت 19 أبريل 2025 - 09:20

سعر الدرهم يرتفع أمام الدولار…

السبت 19 أبريل 2025 - 09:14

قبل مباراته أمام مالي.. لقجع يحث المنتخب الوطني على خوض النهائي بعزيمة…

السبت 19 أبريل 2025 - 07:18

أبرز عناوين الصحف الوطنية الصادرة اليوم السبت 19 أبريل

السبت 19 أبريل 2025 - 06:10

توقعات أحوال الطقس يومه السبت

error: