بينما تحاول الشركات والحكومات حول العالم التكيف مع تداعيات الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تتزايد المخاوف من تداعياتها الاقتصادية والسياسية. ففي الثاني من أبريل، كشف ترامب عن حزمة جديدة من الرسوم الجمركية التي تطال أقرب حلفاء واشنطن مثل اليابان، كما تستهدف خصومها كالصين، ما يثير تساؤلات حول مستقبل النظام التجاري العالمي.
تصعيد جمركي يثير القلق
تتضمن الإجراءات فرض تعريفة جمركية بنسبة 10% على جميع السلع المستوردة تقريبًا، مع تعريفات متفاوتة على دول بعينها، إذ تواجه الصين رسومًا إضافية بنسبة 34%، ما يرفع إجمالي الجمارك المفروضة على سلعها إلى 54%. كما تشمل التعريفات الجديدة اليابان (24%)، فيتنام (46%)، كوريا الجنوبية (26%)، وتايوان (32%)، بالإضافة إلى زيادات أخرى تستهدف دولًا مثل الهند وسويسرا وإسرائيل. وعلى الرغم من استثناء بعض القطاعات مثل الأدوية وأشباه الموصلات، فإن التعريفات الجديدة تهدد بإعادة تشكيل التجارة العالمية بشكل جذري.
ردود فعل غاضبة في الداخل والخارج
أثارت هذه الإجراءات معارضة واسعة داخل الولايات المتحدة، حيث حذر ممثلو قطاع الصناعة من أن الرسوم الجمركية سترفع التكاليف وتؤثر سلبًا على الاستثمارات والوظائف. كما نددت كبرى المنظمات التجارية بالإجراءات، معتبرة أنها تمثل عبئًا ضريبيًا جديدًا على المستهلكين الأمريكيين قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم والركود الاقتصادي.
أما على الصعيد الدولي، فقد اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين أن هذه الرسوم “ستزيد من عدم اليقين وتعرقل سلاسل التوريد”، فيما دعت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى تجنب التصعيد والبحث عن حلول توافقية. في المقابل، بدأت دول مثل كندا والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية في البحث عن تحالفات جديدة لمواجهة هذا التصعيد التجاري.
الأسواق المالية والمخاوف الاقتصادية
انعكست هذه القرارات على الأسواق المالية، حيث أشار محللون في دويتشه بنك إلى أن هذه التعريفات قد تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي بنسبة 1% إلى 1.5%. كما حذرت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 0.5%، مع تأثيرات سلبية تمتد إلى منطقة اليورو واليابان.
هل نحن أمام حرب تجارية شاملة؟
من الصعب التنبؤ بجميع التداعيات طويلة الأمد لهذه التعريفات الجمركية، لكن المؤكد أن النظام التجاري العالمي قد يشهد تغيرات كبيرة. فقد بدأت بعض الدول بالفعل في إعادة النظر في تحالفاتها الاقتصادية، إذ تعزز كندا علاقاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي، فيما تتجه دول آسيوية مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية نحو مزيد من التعاون المشترك.
على المدى القصير، من المرجح أن يتحمل المستهلك الأمريكي العبء الأكبر، إذ ستؤدي زيادة الرسوم الجمركية إلى ارتفاع الأسعار، مما سيؤثر بشكل خاص على الأسر ذات الدخل المحدود. كما أن احتمالية الرد بالمثل من قبل الدول المتضررة قد تؤدي إلى تصعيد سريع نحو حرب تجارية أوسع، وهو السيناريو الذي قد يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي لسنوات قادمة.
تعليقات
0