في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، إطلاق عملية برية جديدة في مدينة غزة شمال القطاع، في خطوة تؤكد مضيه في توسيع ما يُعرف بـ”المنطقة الأمنية” داخل الأراضي الفلسطينية، على حساب أرواح المدنيين ومعاناتهم اليومية.
وتزامن الإعلان مع تصاعد مأساوي في أعداد الضحايا، حيث أفاد الدفاع المدني الفلسطيني في القطاع المحاصر باستشهاد ما لا يقل عن 30 شخصًا منذ فجر الجمعة، في وقت تتواصل فيه الضربات الجوية والقصف العنيف الذي يطاول كل أنحاء القطاع، بما في ذلك المناطق المكتظة بالسكان والنازحين.
ومنذ انتهاء الهدنة المؤقتة الشهر الماضي، كثّفت القوات الإسرائيلية عملياتها البرية والجوية، وسط تبريرات تقول إنها تهدف إلى الضغط على حركة حماس من أجل الإفراج عن الأسرى، غير أن الواقع على الأرض يُظهر أن المدنيين هم من يدفعون الثمن الأكبر، في مشهد يُفاقم الكارثة الإنسانية المستمرة منذ أكثر من عام ونصف.
وحذرت كتائب القسام، الذراع العسكري لحماس، من أن استمرار العدوان يعرض حياة الأسرى المحتجزين للخطر الشديد، مشيرة إلى أن نصفهم موجود في مناطق طلب الاحتلال إخلاءها. وقال المتحدث العسكري أبو عبيدة إن “هؤلاء الأسرى باقون في أماكنهم ضمن إجراءات تأمين قاسية لكنها محفوفة بالمخاطر”.
وفي أحدث حلقات العدوان، أعلن الاحتلال بدء عملية برية في حي الشجاعية بمدينة غزة، مشيرًا إلى أن الهجوم يهدف إلى “تعميق السيطرة” و”توسيع المنطقة الأمنية”، بينما أكدت مصادر فلسطينية ارتقاء عدد من الشهداء وتدمير منازل وبنى تحتية في المنطقة.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد أعلن توسيع العمليات للسيطرة على “مناطق واسعة” من غزة، في وقت يتباهى فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ”تجزئة القطاع” في محاولة للضغط على حماس.
في المقابل، تستمر المنظمات الإنسانية في تسجيل خسائر فادحة في صفوفها، إذ أعلنت منظمة أطباء بلا حدود عن استشهاد موظفها حسام اللولو مع أفراد من أسرته في غارة جوية، ليرتفع عدد شهداء الطواقم الطبية من المنظمة إلى 11 منذ اندلاع الحرب.
وتتوالى الضربات التي تطال المدنيين، حيث سقط 25 شهيدًا في خان يونس جنوب القطاع نتيجة قصف جديد، كما استشهد 31 آخرون في قصف استهدف مدرسة دار الأرقم التي كانت تؤوي نازحين، شمال شرق غزة، في مشهد يعكس الاستهداف الممنهج للمراكز المدنية.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع حصيلة الشهداء إلى أكثر من 50 ألفًا منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، فيما تجاوز عدد الشهداء منذ استئناف العدوان الشهر الماضي حاجز 1160، في ظل حصار خانق ونقص حاد في الغذاء والدواء والماء.
وفي سياق التصعيد المتواصل، امتدت تبعات الحرب إلى لبنان، حيث استشهد قائد ميداني في كتائب القسام ونجله في غارة إسرائيلية بمدينة صيدا، ما أدى إلى حالة من الذعر في المدينة البعيدة عن خطوط المواجهة. وأدان رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام ما وصفه بـ”اعتداء سافر على السيادة اللبنانية”.
كما شنت إسرائيل غارات جديدة على سوريا، في إطار سياسة توسعها العدواني، بينما نددت دمشق والأمم المتحدة بهذه الهجمات التي تهدد الاستقرار الإقليمي.
في ظل هذا الواقع المأساوي، تبقى أصوات المدنيين الفلسطينيين، مثل زياد أبو ريالة من مخيم النصيرات، شاهدة على الخوف والرعب اليومي: “أخاف أن أغمض عيني ليلًا وأستيقظ فلا أجد عائلتي… هذا هو واقعنا تحت القصف المستمر”.
تعليقات
0