عندما تتحول الحدائق إلى طاولات مقهى: من يحمي فوضى التعمير بتراب مقاطعة سيدي بليوط؟

جواد رسام الإثنين 7 أبريل 2025 - 11:59 l عدد الزيارات : 72973

بينما تحتفي ساكنة العاصمة الاقتصادية بخطوة تحرير الملك العام بشارع الزرقطوني وشارع المقاومة، والتي أعادت للمنطقة بعضا من بهائها الحضري، تعيش أحياء قريبة، وتحديدا بتراب مقاطعة سيدي بليوط، على وقع مفارقة صارخة ، مقاه تتمدد على الأرصفة وتستولي على حدائق عمومية، دون حسيب أو رقيب، وأمام أعين السلطات.

فعدد من أرباب المقاهي تجاوزوا مجرد “احتلال طفيف” لرصيف هنا أو هناك، إلى ممارسات خطيرة تمس بجوهر التعمير واحترام الملك العمومي. فقد حولوا، بجرأة مقلقة، حدائق خضراء تابعة للمقاطعة إلى فضاءات خاصة تابعة لمقاهيهم، تستغل تجاريا دون أي سند قانوني.

والأخطر، أنهم أجروا إصلاحات وتعديلات عمرانية دون ترخيص، شملت إزالة “الزليج” المخصص للممرات  وهو تجهيز حضري يدخل ضمن الملك العام – وتغيير معالم الممرات الحضرية، دون ترخيص من المقاطعة، في خرق سافر للقوانين التنظيمية المعمول بها.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن لجان المقاطعة ومصالح الشرطة الإدارية قامت بعدة زيارات ميدانية، وحررت محاضر معاينة قانونية توثق هذه المخالفات بدقة. ما يظهر أن الخروقات موثقة ومسجلة رسميا، لكن ما ينقص فعليا هو إجراءات التنفيذ والزجر، ما يجعل القانون حبرا على ورق، ويطرح تساؤلات مشروعة حول من يعرقل المساطر القانونية.

ينص القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، في مادته 65، بشكل واضح:

“يمنع إحداث أي بناء أو إقامة تجهيز أو منشأة فوق الملك العام أو تغييره دون الحصول على ترخيص مسبق من السلطة المختصة.”

ويعزز القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، في المادة 100، هذه القاعدة، حين يحمل رئيس المجلس الجماعي مسؤولية مراقبة وضبط كل أشكال احتلال الملك العمومي الجماعي.

كما أن الفصل 36 من نفس القانون يمنح صلاحيات إصدار أوامر الهدم أو الإرجاع إلى الحالة الأصلية في حال المخالفات، مما يعني أن المساطر القانونية موجودة وصريحة، لكن مشكل التنفيذ هو العائق الحقيقي.

من المهم أن نؤكد أن تشجيع الاستثمار المحلي لا يمكن أن يتم على حساب القانون، ولا على حساب المواطنين. لا يجوز أن يتحول “المستثمر” إلى عنوان للفوضى، أو أن يمنح امتيازات غير قانونية تمكنه من السيطرة على الفضاء العمومي واستغلاله تجاريا دون مقابل، ودون احترام للضوابط.

فالإشادة مستحقة لقرار السيد الوالي الذي أعاد النظام والهيبة لشارع الزرقطوني والمقاومة، عبر تحرير واسع للملك العام، ومنع التعديات عليه، لكن هذا الجهد يفقد زخمه وقيمته عندما تترك مساحات خضراء وأرصفة داخل تراب سيدي بليوط عرضة للفوضى والتسيب، بل ويحدث بعضها على مقربة من مقر العمالة، ما يضعف من مصداقية أي جهد رسمي.

المطلوب اليوم ليس فقط تحرير محاضر، بل تفعيل إجراءات الهدم والإرجاع إلى الحالة الأصلية، واستصدار قرارات زجرية فورية، تطبق على الجميع دون استثناء. فعدم تنفيذ القانون هو دعوة ضمنية للفوضى، وتشجيع لمزيد من التعديات.

على العموم فالمواطن البسيط والمسؤول والمستثمر… جميعهم سواسية أمام القانون. فإما أن نختار دولة الحق والمؤسسات، وإما أن نترك الحبل على الغارب ونحول الملك العام إلى ملكية خاصة بحجج واهية.

إن مسؤولي كل القطاعات بتراب مقاطعة سيدي بليوط اليوم أمام اختبار حقيقي:  إما حماية  القانون  بالسهر على تطبيقه ، أم  انها سيوضعون انفسهم في خانة من يتواطأ بصمت مع من يخرقه. ليبقى السؤال العريض : من يحمي  الفوضى ؟

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الجمعة 18 أبريل 2025 - 11:10

بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولاتها الجمعة 18 أبريل 2025 على وقع الارتفاع

الجمعة 18 أبريل 2025 - 10:58

الحوامض المغربية تدخل السوق الياباني

الجمعة 18 أبريل 2025 - 10:35

بين فشل الحكومة وعجز السياسات: نمو هشّ يتعثر رغم الوعود.. وتضخم يهدّد القدرة الشرائية

الجمعة 18 أبريل 2025 - 10:14

تخريب وتكسير سيارات الغير يقود شابا إلى ردهات السجن

error: