المعارضة التركية تتحدى أردوغان: حملة لسحب الثقة ودعوة إلى انتخابات مبكرة

محمد اليزناسني الأحد 6 أبريل 2025 - 16:36 l عدد الزيارات : 33427

في خطوة تعكس تصاعد الغضب الشعبي وتزايد الاحتقان السياسي في تركيا، أعلنت المعارضة التركية، ممثلة في حزب الشعب الجمهوري، عن إطلاق حملة وطنية لجمع التوقيعات بهدف التعبير عن سحب الثقة من الرئيس رجب طيب أردوغان، والمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. الإعلان جاء خلال المؤتمر الاستثنائي الحادي والعشرين للحزب الذي عقد الأحد في العاصمة أنقرة، وسط أجواء مشحونة بالأمل والمقاومة، وشارك فيه عدد كبير من قيادات الحزب ومناصريه.

وفي كلمة حماسية متلفزة، أكد رئيس الحزب، أوزغور أوزيل، أن الحملة ستنطلق رسميًا يوم الاثنين، موضحًا أن فرق الحزب ستنتشر “في كل بيت، وعلى كل شارع، وفي كل حي” لجمع التوقيعات التي تهدف إلى إيصال رسالة واضحة لا لبس فيها: “الشعب لم يعد يثق في هذا النظام، ويريد استعادة صوته عبر صناديق الاقتراع”.

وقال أوزيل متحديًا الرئيس أردوغان: “نحن مستعدون للمواجهة. إذا أردتم، فلنلتقِ في يونيو. وإن تعذر عليكم، فنحن جاهزون لنوفمبر. المهم أن يواجه مرشحنا مرشحكم أمام الإرادة الشعبية الحرة”. وأضاف: “ندعوكم إلى العودة لصوت الشعب، نحن نتحداكم بكل شجاعة”.

إمام أوغلو… رمز المقاومة والمرشح الوحيد حتى الآن

في قلب هذا الحراك الديمقراطي يقف إكرام إمام أوغلو، عمدة إسطنبول السابق والقيادي البارز في حزب الشعب الجمهوري، والذي اختير رسميًا مرشحًا للحزب في حال جرت انتخابات رئاسية مبكرة. رغم اعتقاله في 19 مارس، لم يخفت صوته، بل تحوّل إلى أيقونة للمقاومة المدنية والنزاهة السياسية، وسط تنديد واسع من داخل وخارج البلاد لما وصفته المعارضة بـ”الانقلاب على إرادة الشعب”.

ورغم حظر السلطات التركية لكافة أشكال التظاهر، تواصلت منذ يوم توقيف إمام أوغلو احتجاجات شعبية حاشدة في إسطنبول ومدن تركية أخرى، شارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين الرافضين لقمع الحريات وتكميم الأصوات. وقد تم لاحقًا انتخاب المعارض نوري أصلان قائمًا بأعمال عمدة إسطنبول، في خطوة أصرّ من خلالها حزب الشعب الجمهوري على التمسك بالشرعية الانتخابية وعدم ترك الفراغات التي يسعى النظام إلى استغلالها.

و اتهم زعيم المعارضة التركي السجين أكرم إمام أوغلو، الرئيس رجب طيب أردوغان، بتحويل تركيا إلى “جمهورية خوف” عن طريق تفكيك المؤسسات الديمقراطية وقمع المنتقدين.
وكتب إمام أوغلو في مقال بصحيفة “نيويورك تايمز”: “قلص نظام السيد أردوغان منذ سنوات الرقابة والتوازن، وأسكت الإعلام وقام بإحلال البيروقراطيين محل رؤساء البلديات المنتخبين، وهمّش التشريعات، وتحكم في القضاء وتلاعب بالانتخابات”.
وحذر إمام أوغلو: “بعث القبض على المحتجين والصحفيين على نطاق واسع في الشهور القليلة الماضية رسالة مخيفة هي أنه ليس هناك أحد في مأمن”.
ويقبع إمام أوغلو في سجن مرمرة شديد الحراسة بإسطنبول بعد القبض عليه على خلفية تهم فساد.
ويواجه إمام أوغلو مزاعم بالتورط في الإرهاب بصورة منفصلة، وينفي جميع التهم المنسوبة إليه.
وأدى احتجاز إمام أوغلو، وهو من أبرز رموز المعارضة، الأسبوع الماضي لتفجر احتجاجات على مستوى البلاد.

معركة برلمانية معقدة

ورغم الحماس الشعبي الكبير والمواقف الثابتة للمعارضة، إلا أن تنظيم انتخابات مبكرة يواجه عقبة قانونية كبرى، تتمثل في الحاجة إلى موافقة 360 نائبًا من أصل 600 في البرلمان التركي. وحاليًا، يمتلك حزب الشعب الجمهوري 127 مقعدًا فقط، في حين يسيطر تحالف حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية على 315 مقعدًا، ما يجعل الوصول إلى النصاب القانوني مهمة صعبة، لكنها ليست مستحيلة في ظل ما تشهده تركيا من تحولات سياسية دراماتيكية.

المعارضة تحقق تقدمًا لافتًا في الانتخابات البلدية

يأتي هذا التصعيد من جانب المعارضة بعد نجاح كبير في الانتخابات البلدية التي جرت في مارس 2024، حيث تصدر حزب الشعب الجمهوري المشهد بحصوله على 37,8% من الأصوات على المستوى الوطني، وانتزع الفوز في كبرى المدن التركية مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير، بل وتمكن من تحقيق اختراق تاريخي بالفوز في معاقل ظلت لعقود محسوبة على حزب العدالة والتنمية الحاكم.

هذا الانتصار الانتخابي وضع المعارضة في موقع جديد، أكثر ثقة وأكثر جرأة، وأعاد طرح سؤال جوهري على الساحة السياسية التركية: هل بات أردوغان فعلاً يمثل إرادة غالبية الأتراك، أم أن زمنه السياسي بدأ بالأفول؟

في بلد تشتد فيه التوترات السياسية ويضيق فيه هامش الحريات يوماً بعد يوم، تعكس حملة سحب الثقة التي أطلقها حزب الشعب الجمهوري إصرارًا شعبيًا متزايدًا على التغيير، ومطالبة صريحة بعودة الديمقراطية إلى مسارها الصحيح. وبينما يبقى المآل مرهونًا بحسابات البرلمان وتعقيدات التحالفات، فإن ما لا شك فيه هو أن الشارع التركي بدأ يقول كلمته، وقد لا يتأخر يوم الحسم كثيرًا.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الإثنين 21 أبريل 2025 - 22:51

و أخيرا الإفراج عن اللجنة الموضوعاتية لتقييم “كارثة”مخطط المغرب الأخضر 

الإثنين 21 أبريل 2025 - 22:14

لقاء أدبي بالرباط حول فكر الراحل إدمون عمران المالح

الإثنين 21 أبريل 2025 - 21:59

مثقفون ومفكرون وشعراء وأبناء أصيلة يشاركون في تكريم الراحل محمد بنعيسى

الإثنين 21 أبريل 2025 - 20:56

عدم الالتزام بآجال الأداء يهدد الشركات الصغيرة.. الفريق الاشتراكي يطالب الحكومة بالوفاء بالتزاماتها

error: