لعل الكل يتابع في اليومين الاخيرين ، تداعيات تقدم فرق المعارضة بطلب تشكل لجنة لتقصي الحقائق حول ملف استراد الاغنام، بعد الضجة التي اثارها تضارب الارقام المقدمة من طرف مكونات الحكومة و الاتهامات الموجهة في هذا الصدد فيما بين مكوناتها ، و الكل تابع بكل تاكيد موقف الاتحاد الاشتراكي من هذه اللجنة و تشكيلها وجدواها السياسية ، هل الاتحاد الاشتراكي يعتقد ان هذه اللجنة ذات جدوى ام انها مجرد خرجة بدون اي أفق او اي نتيجة ؟ الجواب على هذا السؤال جاء على لسان الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي الاستاذ ادريس لشكر في مناسبتين ، برنامج نقطة الى السطر و ندوة المعارضة بجامعة HEM.
ادريس لشكر كان واضحا بهذا الخصوص ، المعارضة المؤسساتية يتوجب عليها استغلال كل الامكانيات الدستورية المتاحة لديها لمحاسبة الحكومة ، لكنه شدد على ان بعض الامكانيات الدستورية المتاحة للمعارضة معطلة بحكم الامر الواقع المتجلي في الاختلال العددي بين الحكومة و المعارضة داخل قبة البرلمان و من بينها لجان تقصي الحقائق ، فتشكيل لجنة لتقصي الحقائق يقتضي توفر ثلث اعضاء مجلس النواب ، و هو الشي غير المتوفر اليوم لدى المعارضة ، مما يجعل فكرة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق ليس بيد المعارضة بل هو مرهون بقرار احد مكونات الأغلبية ، و اي قرار ايجابي من احد مكونات هذه الأغلبية يعني انهيار الحكومة ، وهو مايظل مستبعد في ظل المسؤولية المشتركة لمكونات الحكومة فيما يتعلق بموضوع الاستيراد، و حتى لا يتهم الاتحاد الاشتراكي بعرقلة تشكيل هذه اللجنة ، و حتى لا يتم الدفع بالقيل و القال الى اتهام الحزب بعدم ارادته بكشف الحقيقية في هذا الملف ، فإن الاتحاد الاشتراكي ينخرط في مبادرة المعارضة لتشكيل لجنة تقصي الحقائق حول استيراد الاغنام ، و يوقع مع فرق المعارضة في هذا الصدد.
انتفاء اي لبس فيما يتعلق بموقف الاتحاد الاشتراكي بخصوص تشكيل لجنة تقصي الحقائق ، سينقل الكرة إلى ملعب مكونات الحكومة ، و خاصة حزب الاستقلال ، حيث سيكون التحالف الحكومي على المحك ، و سيظهر هل الأمر يتعلق فعلا بنية لكشف الحقيقية ام مجرد مزايدات بين مكونات الحكومة ، و بلا شك سيكون هناك خاسر من هذه العملية ، فإذا وقع حزب الاستقلال على تشكيل اللجنة (وهو مستبعد) فالخاسر هو الحكومة و على رأسها الحزب الأغلبي ، اما اذا لم يوقع فإن المعارضة ستفشل في محاسبة الحكومة لكن حزب الاستقلال و كما يقال بالدارجة ، غادي يهز الليلة كاملة.
منطق الاتحاد الاشتراكي على لسان كاتبه الاول لم يتوقف عند لجنة تقصي الحقائق ، بل انه طرح سؤالا مهما للغاية ، هل تريد مكونات المعارضة محاسبة الحكومة فعلا؟ فإذا كانت كذلك فلا مفر من تقديم ملتمس الرقابة ، لانه الوسيلة الدستورية الوحيدة المتاحة أمام المعارضة ، لان القيام به يتطلب خمس اعضاء مجلس النواب ، وهو ما يتوفر لدى المعارضة ، و ملتمس الرقابة بغض النظر عن قدرته على اسقاط الحكومة من عدمه ، لكنه يمنح للمعارضة فرصة حقيقية لتجاوز عائق الزمن غير المتكافئ في الجلسات العادية ، و فتح باب النقاش والمساءلة بمصرعيه و امام الرأي العام الوطني ، و هو ما يمكن المعارضة من فضح كل ممارسات الحكومة المختلة ، و تسجيل ادانتها امام عموم الشعب المغربي.
اقتراح الاتحاد الاشتراكي على لسان كاتبه الاول لملتمس الرقابة ، ليس مجرد اقتراح عابر ، او كما يقال بالدارجة ، ارجاع الصرف ، لكنه فرصة حقيقة لاختبار جدية المعارضة في محاسبة الحكومة و ادانتها ، و رغبتها في المضي الى أبعد الحدود في فضح تغول الحكومة ، بعيدا على اي حسابات ضيقة او اصطفافات ملتبسة ، لهذا فالاختبار الحقيقي لمكونات المعارضة سيكون هو ملتمس الرقابة ، فمن خلاله سيظهر من هو جاد في معارضة الحكومة واصطفافه مع عموم الشعب المغربي و مع من هو غير ذلك.
تعليقات
0