نظم المجلس الأعلى للسلطة القضائية، اليوم الجمعة بالرباط، جلسة علمية استعرض خلالها حصيلة منجزاته، وذلك برواقه بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته الثلاثين، وسط حضور لافت من القضاة والمسؤولين القضائيين والأكاديميين والمهتمين.
وتندرج هذه الفعالية، المنظمة تحت شعار “فعالية قضائية تعزز الثقة والمصداقية”، ضمن استراتيجية المجلس لتعزيز سياسته التواصلية والانفتاح على المجتمع المدني، ولتسليط الضوء على دوره المحوري في تنزيل الرؤية الملكية السامية لإصلاح المنظومة القضائية، خاصة بعد مرور 8 سنوات على تأسيسه لتجسيد مبدأ فصل السلط ورهان الدولة على قضاء فعال ومستقل.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومسير الجلسة، محمد الناصر، أن تشكيلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية تمثل نموذجا متقدما للاستقلال المؤسساتي، حيث لا تدخل في تركيبته لا السلطة التنفيذية ولا السلطة التشريعية.
وأوضح الناصري أن الدستور المغربي حظي بإشادة الهيئات والمنظمات الدولية، لاسيما لجنة البندقية التابعة للمجلس الأوروبي، التي صنفته كدستور يتبنى المعايير الدولية في مجال فصل السلط والديمقراطية.
من جهته، قدم الأمين العام للمجلس، منير المنتصر بالله، عرضا تناول فيه المسار الاستراتيجي للمجلس خلال السنوات الأربع الماضية، مبرزا القرارات الهيكلية التي اتخذها في مجال التنظيم القضائي وتعزيز آليات الحكامة، إضافة إلى جهوده في توسيع التعاون الدولي مع المؤسسات القضائية النظيرة في أوروبا وآسيا، والتقدم الملموس في تعزيز المنظومة الرقمية للقضاء، لاسيما إطلاق البوابة القضائية للمملكة التي تتيح الوصول إلى ثروة معرفية هامة من الاجتهادات القضائية المنشورة.
وأبرز المنتصر بالله التحسن الملحوظ الذي حققته المحاكم خلال العام الماضي، حيث تجاوزت نسبة إنجاز القضايا المعروضة عليها المعدل المستهدف، “مسجلة بذلك أرقاما غير مسبوقة في تاريخ القضاء المغربي”.
كما أكد على التراجع المهم في حجم القضايا المتراكمة مقارنة بالسنة الماضية، وعلى النتائج الإيجابية المتحققة في احترام الآجال الاسترشادية للبت في مختلف أنواع القضايا، سواء المدنية أو التجارية أو الجنائية أو الإدارية أو قضايا الأسرة، معتبرا أن هذا التقدم “يعكس التزام القضاة بروح المسؤولية والكفاءة المهنية”.
من جانبه، توقف رئيس قطب الدراسات والشؤون القانونية بالمجلس، شكير الفتوح، عند ورش النجاعة القضائية الذي يعد من أولويات المجلس، موضحا أن هذا الورش يواجه تحديات عديدة نظرا للضغط الكبير على القضاة في المحاكم الابتدائية.
وأشاد الفتوح بالجهود الاستثنائية التي يبذلها القضاة لمعالجة الكم الهائل من القضايا المعروضة، مسلطا الضوء على ورش الرقمنة والتحديث الذي يواكب التطور التكنولوجي العالمي، بالنظر للاهتمام الخاص الذي يوليه المجلس للتعامل مع تحديات العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي.
بدوره، تناول رئيس شعبة الشؤون المالية للقضاة بالمجلس، عبد القادر شيخي، موضوع الاستقلال المالي والإداري للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مؤكدا أن دستور 2011 “عزز استقلال هذه الهيئة بمنحها استقلالا ماليا وإداريا” .
وأبرز شيخي التطور الملحوظ الذي شهدته ميزانية المجلس، خاصة بعد نقل اختصاص تدبير الوضعيات المالية للقضاة من وزارة العدل إلى المجلس، معتبرا هذا أن هذا التحول ساهم في تعزيز الموارد البشرية والمالية للمؤسسة بشكل غير مسبوق، مما مكنها من توسيع نطاق أنشطتها وتحسين أداء مهامها وفق متطلبات الاستقلالية والحكامة الجيدة.
وبخصوص إصلاح المنظومة القضائية، أكدت آمال المنيعي، رئيسة قطب التكوين والتعاون بالمجلس، أن التكوين المستمر والتخصصي للقضاة يمثل “مفتاحا جوهريا لأي عدالة فعالة”، مشيدة بريادة المغرب في هذا المجال منذ إنشاء معهد متخصص للتكوين القضائي سنة 1962، ومستعرضة البرامج الشاملة التي ينفذها المجلس والتي تتجاوز الجوانب القانونية التقليدية لتشمل تنمية المهارات الشخصية للقضاة ومواكبتهم للمستجدات التكنولوجية.
وشددت المنيعي على أن القاضي يعتبر الشريك الأساسي في تنزيل رؤية عدالة حديثة وإنسانية، مشيرة إلى أن دور هذا الفاعل في العصر الحالي تجاوز إصدار الأحكام، ليصبح صانعا للأمن القانوني ومرسخا للثقة ومساهما في ضمان الاستقرار.
ودعت إلى تعزيز قدرات القضاة لمواكبة التحديات المحلية والوطنية والدولية، خاصة في ظل عولمة القوانين والتحديات البيئية وثورة الرقمنة والجرائم السيبرانية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وغيرها من القضايا ذات البعد العالمي.
ويشارك في الدورة الـ 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، المنظمة من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل، خلال الفترة ما بين 18 و27 أبريل الجاري ، بشراكة مع جهة الرباط- سلا- القنيطرة، وولاية الجهة، 756 عارضا، موزعين بين 292 عارضا مباشرا و464 عارضا بالوكالة، يمثلون 51 بلدا.
ويقترح المعرض، الذي يكرم هذه السنة إمارة الشارقة ويحتفي بمغاربة العالم الذين يساهمون في إشعاع الهوية المغربية التعددية خارج حدودها، باقة واسعة تتجاوز 100 ألف عنوان تشمل كافة مجالات المعرفة ومختلف الأجناس الأدبية.
تعليقات
0