المغرب يقتحم الأسواق عالية المخاطر بتأمين عمومي.. هل تصمد الصادرات أمام التحديات؟

محمد اليزناسني الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 22:52 l عدد الزيارات : 5231

أطلق المغرب، في خطوة استراتيجية لتعزيز دينامية صادراته نحو أسواق ذات مخاطر مرتفعة، برنامجا جديدا للتأمين العمومي التكميلي للتصدير، يرتقب دخوله حيز التنفيذ في فاتح يونيو 2025، باستثمار إجمالي يبلغ 100 مليون درهم. ويأتي هذا البرنامج كثمرة لتنسيق بين وزارة الصناعة والتجارة، وكاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، ومختلف الفاعلين العموميين والخواص في منظومة التأمين على التصدير، في محاولة لتقليص الفجوة التأمينية التي تعيق ولوج الشركات المغربية إلى أسواق ناشئة تكتسي أهمية استراتيجية، خاصة في إفريقيا والشرق الأوسط، لكنها تبقى غير مغطاة بالشكل الكافي من طرف التأمينات التقليدية.

ومن خلال نظام تسعير ديناميكي يأخذ بعين الاعتبار درجة المخاطر حسب البلدان، يسعى البرنامج إلى تكييف خدماته مع واقع الأسواق المستهدفة، وتمكين المقاولات المغربية من تغطية محسنة ضد الأخطار التجارية والسياسية المرتبطة بالتعامل مع مقتنين خواص وعموميين في خمسة عشر بلدا إفريقيا في المرحلة الأولى، على أمل توسيع هذا النطاق لاحقا.

المؤشرات المرتقبة توحي بأثر اقتصادي كبير لهذا البرنامج، إذ ينتظر أن يغطي ما يقارب 7,5 ملايير درهم من التصدير الإضافي سنويا، ما يعني خلق قيمة تصديرية مضافة تبلغ 75 درهما عن كل درهم مستثمر. غير أن هذه التوقعات تبقى رهينة بعدة محددات تتصل بمدى استجابة السوق، واستعداد الفاعلين المغاربة للتوجه نحو أسواق عالية المخاطر تتطلب بدورها قدرات مالية، ومهارات تدبيرية، ومرونة لوجستيكية وتنظيمية تتجاوز مجرد التغطية التأمينية.

كما أن حصر البرنامج في خمسة عشر بلدا فقط خلال مرحلته الأولى قد يُقلل من وقعه المنتظر، خاصة إذا لم تُواكب هذه الخطوة بإجراءات داعمة من قبيل تبسيط ولوج المقاولات إلى المعلومات حول الأسواق المعنية، وتوفير أدوات تمويل موازية لتحمل التكاليف المرتفعة المرتبطة بالتصدير إلى وجهات معقدة.
من جهة أخرى، ورغم أهمية المشروع، فإن إطلاقه في هذا التوقيت يكشف عن تأخر نسبي في معالجة أحد أبرز معيقات تنويع الأسواق التصديرية، خصوصا وأن دراسة مقارنة دولية أنجزت بشراكة مع الجمعية المغربية للمصدرين، أبرزت أن المصدرين المغاربة يتمركزون أساسا في مناطق آمنة نسبيا، مثل أوروبا وبلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، في حين ظلت الأسواق الناشئة بعيدة عن اهتمامهم بسبب غياب أدوات تأمينية كافية. ويزيد من تعقيد الوضع غياب مؤشرات واضحة لتقييم أداء البرنامج على المدى المتوسط والبعيد، ما يجعل من الصعب تتبع أثره الفعلي وضمان عدم تحوله إلى مجرد رقم مالي في التقارير السنوية دون أثر ملموس على أرض الواقع.

في المجمل، يشكل برنامج التأمين العمومي التكميلي للتصدير خطوة اقتصادية واعدة قد تعيد رسم خريطة التصدير المغربي، لكنه يظل مشروعا محفوفا بتحديات تقنية ومؤسساتية وسوقية تتطلب حُسن التدبير، وتقييما دوريا صارما، وتكاملا مع أدوات مرافقة تعزز قدرات المقاولات على تحمل المخاطر والتموقع بثقة في بيئات اقتصادية غير تقليدية.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأربعاء 23 أبريل 2025 - 01:14

عبد القادر باينة:ضيف استثنائي برواق مؤسسة وسيط المملكة

الأربعاء 23 أبريل 2025 - 00:59

« ثَابتًا فِي حَيْرَتِي» بمحمد التهامي الحراق .. استلهام الميراث العرفاني في النظر النقدي

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 23:56

الحكومة تضحك على ذقون المغاربة: هذه خلاصات حوار اجتماعي بلا روح و بلا عدالة اجتماعية…

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 23:37

إدريس لشكر يعبّئ الوعي الوطني: معركة الحكم الذاتي بدأت والمطلوب جبهة داخلية واعية وصلبة

error: