لقجع يرمم ثغرات ميزانية 2025 …هل أصبح سوء التقدير قاعدة في التدبير المالي؟

محمد رامي الجمعة 25 أبريل 2025 - 06:33 l عدد الزيارات : 14415

مرة أخرى، وجدت الحكومة نفسها أمام ضرورة فتح اعتمادات إضافية لفائدة الميزانية العامة، في خطوة صادق عليها مجلس الحكومة اليوم الخميس، بموجب مشروع المرسوم رقم 2.25.368، الذي قدمه الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني عبد اللطيف لوديي، نيابة عن الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع. هذا القرار، الذي تم اتخاذه وفقًا لمقتضيات المادة 60 من القانون التنظيمي لقانون المالية، يطرح أسئلة متعددة حول دقة التقديرات المالية التي اعتمدتها الحكومة في قانون المالية لسنة 2025، وحدود قدرتها على استشراف الالتزامات الكبرى، خاصة تلك المتعلقة بالدعم الاجتماعي واستقرار المؤسسات العمومية.

الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس أوضح أن هذه الاعتمادات غير المتوقعة تأتي لسد حاجيات مستعجلة، على رأسها دعم المكتب الوطني للكهرباء والماء لضمان استقرار الأسعار، وتمويل مساهمات الدولة في رأسمال مؤسسات عمومية تمر بصعوبات مالية، إلى جانب تغطية نفقات تحسين أجور بعض الفئات في إطار الحوار الاجتماعي. غير أن هذه المبررات، على وجاهتها الظرفية، تفتح الباب أمام انتقادات بشأن التخطيط المالي الحكومي،فمبررات الحكومة لفتح هذه الاعتمادات تؤكد تخبطها وفقدانها بوصلة التدبير الجيد وهي تعد قانون مالية هذه السنة لسبب بسيط، وهي أن أسباب فتح الاعتمادات الجديدة كانت قائمة حين تم وضع قانون المالية الحالي وبالتالي فهي لم تأخدها بعين الاعتبار حينها .

كما أن الحكومة لم توضح لنا في إطار الشفافية  من أين يتم الحصول على هذه الاعتمادات؟ وكيف يتم توفيرها؟

نحن نعرف أن التمويل يتم بعدة طرق، حسب طبيعة الظرفية ومدى استعجال النفقات إما من فوائض فئات أخرى في الميزانية أو من خلال الاقتراض  داخليًا عبر إصدار سندات الخزينة أو خارجيًا من مؤسسات مالية دولية أو شركاء دوليين أو من خلال تعديل قانون المالية  وتعرض فيه تفاصيل النفقات الجديدة ومصادر تمويلها أو أحيانًا من صندوق الحوادث أو الاحتياط (مثل صندوق الكوارث الطبيعية).

الحكومة التزمت الصمت بهذا الشأن، لم تبين لنا طريق التمويل شكل واضح فهي تحدثت عن فتح اعتمادات دون تبيان مصدرها…

اللجوء المتكرر إلى فتح اعتمادات إضافية يعكس من جهة ضغطًا ماليًا ناتجًا عن التزامات متزايدة، ومن جهة أخرى ضعفًا في تقدير أولويات الإنفاق العمومي، خاصة إذا علمنا أن مشروع القانون المالي الحالي تضمن تعهدات طموحة في مجالات الحماية الاجتماعية، دعم الاستثمار العمومي، وتحسين الأجور، دون توضيح مصادر تغطية دقيقة ومستدامة.

 ومهما حاولت الحكومة تسويق هذه الخطوة كحل تقني لتحديات ظرفية، فإنها تثير مخاوف حقيقية حول اتساع رقعة اللجوء إلى الاقتراض أو إعادة توجيه الموارد، مما قد يعمق عجز الميزانية.

في خلفية هذا القرار، تطفو على السطح الإشكالية الأعمق المرتبطة بوضعية المؤسسات العمومية، التي لا تزال تلتهم الموارد المالية دون مردودية واضحة، في غياب تفعيل حقيقي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. كما أن استمرار دعم أسعار الماء والكهرباء من دون إصلاح شامل لمنظومة الدعم، يعيد إنتاج نفس السيناريوهات التي أرهقت المالية العمومية في فترات سابقة، ويؤجل مواجهة استحقاقات إصلاحية لا مناص منها.

إن فتح هذه الاعتمادات قد يكون مبررًا من منظور اجتماعي لتفادي صدمات معيشية قد تمس الأسر الهشة، لكنه في المقابل يعكس هشاشة التخطيط ومحدودية القدرة على التنبؤ المالي، ويطرح علامات استفهام حول ما إذا كانت الحكومة ستنجح في تحقيق توازن حقيقي بين الوفاء بالتزاماتها الاجتماعية وضبط عجز الميزانية. فهل تتحول الاعتمادات الإضافية إلى سياسة دائمة بدل أن تظل أداة استثنائية؟ وأين تتجه أولويات الدولة حين تُموّل اليوم بالنقطة بدل الرؤية؟

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الجمعة 25 أبريل 2025 - 11:52

اعتداء خطير على سائق حافلة بإنزكان ينتهي بسرقة تحت التهديد

الجمعة 25 أبريل 2025 - 11:15

الضرب والجرح باستعمال أداة راضة يقود عشرينيا إلى السجن بانزكان

الجمعة 25 أبريل 2025 - 11:04

المغرب يجدد من أبيدجان التزامه من أجل تعاون إفريقي متضامن ومستدام في مجال الصيد البحري

الجمعة 25 أبريل 2025 - 10:59

ضحيتان ولائحة موت وهواتف مشبوهة في جريمة ابن أحمد التي هزت الرأي العام

error: