حين يرفع بنكيران بإسم حزب العدالة والتنمية شعارات الدفاع عن الفقراء، يتذكر المغاربة كيف أزال الدعم عن المحروقات بيد، ورفع سقف الخطاب الاجتماعي باليد الأخرى حين كان يترأس الحكومة. حين يتحدث عن “الغلاء”، ينسى الجميع أنه هو من فتح الباب لتحرير أسعار الغاز والمحروقات، فكانت الشرارة الأولى لأزمة المعيشة التي نعيشها اليوم. وحين يلوح بقضية فلسطين، يتناسى أنه يحول مأساة إنسانية إلى منصة دعائية، تماماً كما فعل مع احتجاجات “20 فبراير” حين حول مطالب الشعب إلى أصوات في صناديق الاقتراع.
اللعب على التناقضات أصبح تكتيكاً واضحاً. فالحزب الذي حكم لسنوات يُظهر نفسه فجأة كـ”معارض” للأوضاع التي ساهم فيها. حملة “سمح لينا بنكيران ظلمناك”التي أطلقها حواريو بنكيران مؤخرا، لم تكن سوى محاولة لدفن تاريخ من الوعود الفارغة.
المغاربة لا ينسون. لا ينسون من أزال الدعم ورفع الأسعار، ولا ينسون من حوّل القضايا الوطنية والعربية إلى خلفية لخطاباته. بنكيران يعود اليوم بذات الأساليب: عاطفة دينية هنا، وشعارات اجتماعية هناك، لكن السؤال هو: كم من مرة يمكن خداع نفس الشعب بنفس الطريقة؟
يعود بنكيران اليوم إلى الواجهة بنفس الأساليب البالية: عاطفة دينية مشحونة هنا، وشعارات اجتماعية مستهلكة هناك، لكن السؤال يطرح نفسه بإلحاح: كم مرة يعتقد هؤلاء أن بإمكانهم خداع شعب ذكي يمتلك ذاكرة حية؟
التاريخ لا يرحم. وما يحاول الحزب طمسه من سياسات كرست الفقر واللامساواة سيكون غداً دليلاً إضافياً على سقوطه المحتوم. المغاربة لم يعودوا دمى تحركها الخطب الرنانة، ولا قلوباً تسحرها الدموع المصطنعة. لقد تعلموا الدرس، ولن يسمحوا بتكرار المأساة مرة أخرى.
تعليقات
0