في أجواء نضالية صاخبة، شهدت الدار البيضاء صباح أمس الخميس احتفالات فاتح ماي التي نظمتها الفيدرالية الديمقراطية للشغل وحليفها الاستراتيجي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث احتشدت جموع غفيرة من المناضلات والمناضلين، رافعين شعارات تندد بالسياسات الحكومية وتطالب بإنصاف الطبقة العاملة.
اكتسى التجمع زخماً استثنائياً بحضور شخصيات وازنة، من ضمنها إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، ويوسف إيذي، الكاتب العام للفيدرالية، إلى جانب قادة نقابيين وسياسيين، في مقدمتهم نبيل النوري رئيس النقابة الوطنية للتجار والمهنيين، والهبري الهبري الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، والصادق الرغيوي الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم.
افتتح لشكر كلمته بالتأكيد على التضامن الراسخ للمغرب، ملكاً وشعباً ونخباً، مع القضية الفلسطينية، مشدداً على أن هذا التضامن يتجاوز الشعارات ليصل إلى الدعم الملموس لغزة والضفة والقدس. ثم انتقل إلى توجيه نقد لاذع للحكومة التي وصفها بأنها أعادت البلاد مائة سنة إلى الوراء، مشبهاً الوضع الحالي بأول تظاهرات فاتح ماي في التاريخ. ولم يتردد في وصف البلاد بأنها «سخفانة سياسياً»، داعياً إلى تقديم ملتمس رقابة كحقنة إنعاش سياسي من شأنها إنصاف الشعب المغربي وطبقته العاملة، واستعادة التعددية والحيوية السياسية التي ينتظرها العالم من المغرب. كما حذر من استفراد الحكومة بترتيبات انتخابات 2026، معتبراً ذلك تهديداً للتوازن الديمقراطي والسلم الاجتماعي.
من جانبه، شدد يوسف إيذي على أن الحوار الاجتماعي لا ينبغي أن يبقى رهين بلاغات تقنية وتدابير أحادية، بل يجب أن يفضي إلى اتفاقات ملزمة تعيد الاعتبار للكرامة والثقة في المؤسسات. وأكد أن بناء دولة اجتماعية حقيقية يتطلب إشراكاً فعلياً للشغيلة، داعياً إلى وحدة نقابية قوية قادرة على مواجهة السياسات اللاشعبية ومواجهة التفاوتات والتهميش.
أما نبيل النوري، رئيس النقابة الوطنية للتجار والمهنيين، فقد أثار معاناة التجار والمهنيين من غياب الحماية أمام المنافسة غير الشريفة من المساحات الكبرى والتجارة غير المهيكلة، وغياب استراتيجية حكومية واضحة للنهوض بالقطاع، مطالباً بتنفيذ التزامات الدولة المتعلقة بالحماية الاجتماعية والتعويضات.
تميزت الاحتفالية بأجواء حماسية حيث صدحت الحناجر بالشعارات المنددة بغلاء الأسعار وتجميد الأجور وتآكل المعاشات، بينما علت رايات الفيدرالية والاتحاد الاشتراكي في سماء التجمع، وسط حضور مكثف من المناضلين والمناضلات الذين جددوا العهد مع دروب النضال دفاعاً عن الكرامة والعدالة الاجتماعية. مشهد أكّد أن فاتح ماي لم يكن مجرد احتفال، بل محطة نضالية لتجديد الالتزام بقضايا الشغيلة وتطلعاتها، في مواجهة واقع اجتماعي مأزوم يتطلب إصلاحات عاجلة وشجاعة.
تعليقات
0