في قلب العاصمة الاقتصادية للمغرب، تتوالى عمليات الهدم في أحياء عريقة مثل سوق درب التازي، خلف تكنة البحرية الملكية بشارع بين الويدان، وأمام السوق البلدي المعروف بـ”البحيرة”. هذه المحلات، التي يعود بناءها إلى خمسينيات القرن الماضي، كانت مصدر رزق لعدد كبير من التجار والصناع والحرفيين.
تفاجأ المستفيدون من هذه المحلات بقرارات الإفراغ والهدم التي أبلغوا بها في غضون 48 ساعة فقط، دون سابق إنذار أو نقاش معهم، ودون تقديم بدائل تضمن استمرارية أنشطتهم التجارية والحرفية.
هذا الإجراء أثار استياءا واسعا بين المتضررين، الذين اعتبروا أن هذه القرارات جائرة و ظالمة تفتقر إلى البعد الإنساني والتشاركي.
يعد مشروع “المحج الملكي”، الذي أطلقه الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1989، من أبرز المشاريع التنموية في الدار البيضاء.
يهدف هذا المشروع إلى ربط مسجد الحسن الثاني بوسط المدينة، وتحويل المنطقة إلى محور اقتصادي وسياحي جديد.
ورغم أهمية هذا المشروع، إلا أن تنفيذه يواجه تحديات كبيرة، أبرزها تعثره لأكثر من ثلاثة عقود، وغياب رؤية واضحة لتنفيذه، مما أدى إلى تفاقم مشاكل الساكنة وتأثر حياتهم اليومية سلبا.
و في ظل هذه التطورات، تتعالى الأصوات المطالبة باعتماد مقاربة تشاركية في تنفيذ المشاريع التنموية، تضمن إشراك المنتخبين والفاعلين الجمعويين والساكنة المحلية في اتخاذ القرارات.
كما يشدد على ضرورة احترام حقوق الإنسان وتوفير بدائل تحفظ كرامة المتضررين وتضمن استمرارية أنشطتهم الاقتصادية.
تجمع مختلف الأطراف على أن الدار البيضاء تستحق تنمية شاملة ومستدامة، تراعي خصوصياتها التاريخية والثقافية والاجتماعية. ولتحقيق ذلك، يجب اعتماد رؤية واضحة وشفافة، تشرك جميع الفاعلين وتعطي الأولوية للاستثمار في العنصر البشري، باعتباره أساس أي تنمية حقيقية.
في الختام، تبقى مدينة الدار البيضاء في حاجة إلى مقاربة تنموية توازن بين الحفاظ على تراثها العريق وتطلعاتها المستقبلية، مع ضمان حقوق ساكنتها ومشاركتهم الفعلية في بناء مدينتهم.
تعليقات
0