خنيفرة: أحمد بيضي
تحت شعار: “هوية ثقافية وثوابت روحية ووطنية متجذرة”، تشهد جماعة مولاي بوعزة بإقليم خنيفرة، خلال الفترة الممتدة من 5 إلى 10 ماي 2025، تنظيم فعاليات “الموسم السنوي الديني للولي الصالح الشيخ أبي يعزى يلنور”، الذي أضحى موعدا روحيا وثقافيا وطنيا، وتنظم هذا الحدث جمعية أبي يعزى يلنور للثقافة والتنمية المستدامة، بتنسيق مع عمالة الإقليم، وبشراكة مع المجلس الإقليمي وجماعة مولاي بوعزة، ويمثل هذا الموسم مناسبة سنوية لإحياء الذاكرة الصوفية المغربية، وتعزيز القيم الروحية والتقاليد الدينية المتأصلة.
ويعد موسم مولاي بوعزة من أهم التظاهرات الروحية بالمملكة، لما يختزنه من رمزية دينية وثقافية مرتبطة بسيرة واحد من أبرز أقطاب التصوف المغربي، الشيخ أبي يعزى يلنور، الذي عاش خلال فترة الانتقال من الحكم المرابطي إلى الموحدي، واشتهر بزهده وكراماته، حيث عاش 130 سنة ودفن بجبل إيروجان، ويعرف ضريحه باسم مولاي بوعزة، ويعتبر مزارا شهيرا للباحثين عن “البركة والطمأنينة الروحية”، وقد كتب عن سيرته ومناقبه عدد من العلماء والمؤرخين، من بينهم ابن الزيات والصومعي وعبد الوهاب بنمنصور وأحمد التوفيق وإبراهيم حركات.
برنامج الموسم غني بالأنشطة الدينية والعلمية، حيث يُسجل حضور المجلس العلمي من خلال مشاركته بندوة علمية تحت عنوان: “التصوف بالمغرب: ثابت ديني أثيل وإشعاع روحي وصيل”، من باب ما يعكس اهتمام المؤسسة العلمية الرسمية بإبراز خصوصيات التجربة الصوفية المغربية، ودورها في ترسيخ قيم التسامح والاعتدال، وذلك بمشاركة رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة بني ملال خنيفرة، د. المصطفى زمهنى، رئيس المجلس العلمي المحلي لبني ملال، عبد الرحمن العضراوي، ورئيس المجلس العلمي المحلي للفقيه بن صالح، محمد ند عبد الله.
وفي إطار فعاليات التظاهرة، يتم تنظيم ندوة علمية أيضا حول “التربية الصوفية ومقاصد ترسيخ القيم والأمن الروحي والهوية الوطنية”، بمشاركة عبدالمغيث بصير، جواد التباعي، إلياس خاتيري وبدر العوني، وشراكة مع المركز المغربي للبحث العلمي وتطوير الكفاءات، بالإضافة إلى ختم عدد من السلك القرآنية، وإقامة دعاء جماعي لجلالة الملك، بالمسجد الأعظم لضريح مولاي بوعزة، وفق تقليد عريق يتوارثه أبناء المنطقة منذ قرون، إلى جانب إحياء ليالي المديح والسماع الصوفي.
وفي ذات السياق، يتضمن البرنامج لقاء أدبيا متميزا لتقديم إصدارين للكاتب والباحث شعيب حليفي، “الشيخ والجبل” و”خط الزناتي”، بمشاركة النقاد عبد الله بوغابة وأحمد أدجعي، وتنسيق عصام أبا الحسان، وذلك بشراكة مع المركز المغربي للبحث العلمي وتطوير الكفاءات، ويشكل هذا اللقاء لحظة فكرية رفيعة، بالنظر إلى المكانة الأدبية والفكرية التي يحتلها حليفي في المشهد الثقافي المغربي، بفضل أسلوبه المتفرد الذي يجمع بين السرد التاريخي والخيال الأدبي، ويعيد بناء الذاكرة الجماعية وتفسير الوقائع عبر منظور نقدي.
وإلى جانب عروض للفروسية التقليدية “التبوريدة”، يعيش الموسم معرضا للمنتوجات المجالية، يشارك فيه عدد من التعاونيات المحلية بهدف إنعاش الحركة الاقتصادية المحلية، بينما ينخرط النادي البيئي بثانوية المنصور الذهبي في حملة نظافة واسعة تشمل عددا من أحياء مولاي بوعزة، في مبادرة تهدف إلى ترسيخ ثقافة النظافة والحفاظ على البيئة وتأهيل المشهد الحضري، وعلى المستوى الرياضي، يشهد الموسم تنظيم النسخة الثالثة من سباق الشيخ أبي يعزى يلنور على الطريق، دعما للمواهب الصاعدة وتشجيعا للأطفال والشباب على ممارسة الرياضة.
ومعلوم أن موسم مولاي بوعزة يستقطب سنويا آلاف الزوار من مختلف مدن المملكة، مما يسهم في تنشيط السياحة الداخلية، ويتيح للوافدين فرصة اكتشاف الموروث الثقافي والتاريخي والمعالم الطبيعية التي تزخر بها منطقة تاغيا، في قلب جبال الأطلس المتوسط، حيث يتداخل الزمن الروحي مع عبق التاريخ في فضاء يعيد للذاكرة المغربية ألقها وعمقها الحضاري، حيث يراهن أهالي البلدة على إنجاح هذه التظاهرة الروحية والثقافية السنوية التي ترمي أساسا إلى التعريف بالمنطقة وتنميتها.
تعليقات
0