وجه النائب البرلماني محمود عبا، باسم الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة المنعقدة مساء اليوم الاثنين 12 ماي 2025، انتقادات قوية لمقاربة الحكومة في إصلاح التعليم، معتبرا أن ما يعرض من معطيات “صورة وردية” لا تعكس واقع منظومة التربية والتكوين، التي تعاني من اختلالات بنيوية عميقة.
وفي تعقيبه على عرض رئيس الحكومة حول موضوع “إصلاح التعليم من مدرسة الريادة إلى جامعة التميز لبناء أجيال مغرب المستقبل”، أشار عبا إلى أن تعدد المخططات والبرامج لم ينتج عنه أثر فعلي ومستدام، في ظل عجز الحكومة عن التنزيل الفعلي لمقتضيات القانون الإطار 51.17 والرؤية الاستراتيجية التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين، مؤكدا النائب أن الحكومة تفتقر إلى قيادة فاعلة في ورش الإصلاح، مشددا على أن المنظومة التعليمية ما تزال تتخبط في ضعف نجاعة المدرسة العمومية، وتكريس الفوارق المجالية والاجتماعية، وتدني جودة التعليم، وتراجع منسوب الثقة في المدرسة العمومية، قبل أن ينتقد بشدة تدبير ملف التعليم الأولي، موضحا أن 90% منه يسند إلى ثلاث جمعيات فقط، فيما تتكفل 240 جمعية بنسبة 10% المتبقية، ما يعكس منطق “المناولة” في قطاع حيوي، منبها إلى هشاشة الوضعية القانونية والاجتماعية لـ50 ألف مربية، نصفهن في العالم القروي، يعملن في إطار “عقود إذعان” تفتقر للحد الأدنى من الضمانات.
كما تناول النائب البرلماني تجربة “مدارس الريادة”، معتبرا أن التعميم في الوتيرة الحالية سيتطلب سنوات طويلة، في ظل كلفة مالية مرتفعة تركز على البنيات التحتية والمعدات دون أثر حقيقي على جودة التعليم، مبرزا أن الحكومة تلجأ إلى مؤسسات أجنبية للتقييم، وهو ما وصفه بالتجاهل لكفاءات وطنية وبالابتعاد عن السياق الثقافي المغربي، معتبرا أن التجربة تعكس مرة أخرى “المقاربة التجزيئية” التي تنتهجها الحكومة، والتي عمقت الفوارق داخل المدرسة العمومية نفسها، حيث يخضع التلاميذ لنفس الامتحانات الإشهادية رغم التفاوت الكبير في فرص التعلم.
واختتم عبا مداخلته بتأكيد فشل الحكومة في تفعيل القانون الإطار كمدخل رئيسي لضمان استدامة الإصلاح، مبرزا استمرار التعثر في تحسين ظروف اشتغال الأساتذة، وغياب التكامل بين التعليم وسوق الشغل، فضلا عن التأخر في رقمنة التعليم وضعف الحكامة وتعدد المتدخلين، مما يؤشر على الحاجة إلى مراجعة شاملة للسياسات التعليمية بمنهجية مندمجة وشمولية تضع المدرسة العمومية في صلب المشروع المجتمعي.
تعليقات
0