في إطار تفعيل دورها الرقابي داخل المؤسسة التشريعية، واستنادًا إلى مقتضيات الفصل 102 من الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، بادرت المعارضة الاتحادية، ممثلة في الفريق الاشتراكي، إلى فتح ورش رقابي واسع يستهدف مساءلة ومتابعة أداء عدد من المؤسسات والمقاولات العمومية. ويأتي هذا التحرك البرلماني في سياق وطني موسوم بالدعوة الملكية إلى إصلاح عميق وهيكلي للقطاع العام من أجل تعزيز فعالية الدولة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتهدف هذه المبادرة الرقابية إلى تعزيز الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة من خلال تتبع السياسات العمومية وتقييم نتائجها، وذلك عبر دعوة اللجان البرلمانية الدائمة إلى الانعقاد بحضور الوزراء المعنيين ورؤساء المؤسسات العمومية الخاضعة لوصايتهم.
رقابة على مؤسسات استراتيجية
تقدّم الفريق الاشتراكي بعدد من الطلبات إلى مختلف لجان مجلس النواب، مستعرضًا مواضيع دقيقة ومحددة تستدعي المتابعة البرلمانية. وفي مقدمة هذه الطلبات:
-
السياسة المساهماتية للدولة: طلب موجّه إلى لجنة المالية والتنمية الاقتصادية لحضور السيدة وزيرة الاقتصاد والمالية والمدير العام للوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، لتدارس نتائج عمل الوكالة وتقييم نجاعة تدخلاتها في مجال الحكامة المالية.
-
إعادة هيكلة المكتب الوطني للكهرباء والماء: طلب ثانٍ للجنة نفسها لمساءلة الوزير المنتدب المكلف بالميزانية والمدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، حول النموذج الاقتصادي للمكتب وسبل تفعيله لمواجهة التحديات المرتبطة بالإجهاد المائي وتزايد الطلب الطاقي.
مؤسسات حيوية على طاولة لجنة مراقبة المالية العامة
إلى لجنة مراقبة المالية العامة والحكامة، وجّه الفريق الاشتراكي ثلاثة طلبات بارزة:
-
الأول يتعلق بالمجمع الشريف للفوسفاط، حيث طالب بعقد اجتماع بحضور وزيرة الانتقال الطاقي والرئيس المدير العام للمجمع لتدارس السياسة الاستثمارية للمؤسسة العملاقة، وتحدياتها البيئية والاستراتيجية على المستوى الدولي.
-
الثاني يهم المكتب الوطني للمطارات، بحضور وزير النقل واللوجستيك ومدير المكتب، لمناقشة تطوير البنية التحتية وتحسين الحكامة استعدادًا للاستحقاقات الدولية المقبلة.
-
أما الطلب الثالث، فيخص الخطوط الملكية المغربية، التي تواجه تحديات تنافسية ومطلبًا ملحًا بتطوير نموذجها الاقتصادي والتدبيري، خصوصًا في ضوء توصيات المجلس الأعلى للحسابات.
السكك الحديدية والسياحة في الواجهة
ومن جهة أخرى، طلب الفريق الاشتراكي عقد اجتماع للجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة والتنمية المستدامة لمساءلة المكتب الوطني للسكك الحديدية، في ظل ضخامة استثماراته وارتفاع مديونيته التي بلغت 42.6 مليار درهم سنة 2024، إلى جانب نسب تنفيذ المشاريع المتدنية.
كما تقدم الفريق بطلبين للجنة القطاعات الإنتاجية يتعلقان بالقطاع السياحي، الأول يخص المكتب الوطني المغربي للسياحة، والثاني الشركة المغربية للهندسة السياحية، وذلك لتدارس سبل تطوير القطاع وتنمية حكامته ومردوديته الاقتصادية.
رقابة بنَفَس استراتيجي ومسؤول
تؤكد هذه المبادرات الرقابية حرص المعارضة الاتحادية على ممارسة أدوارها الدستورية في تتبع السياسات العمومية، ليس فقط من زاوية النقد، بل عبر مساءلة مسؤولة ومواكبة بناءة تهدف إلى تقويم الاختلالات وتعزيز نجاعة التدبير العمومي. وهي تحركات تتقاطع مع أهداف إصلاح القطاع العام وتكريس مبادئ الشفافية والحكامة، بما ينسجم مع التوجيهات الملكية ويستجيب لانتظارات المواطنين.
ولعل الرهان اليوم، كما يراه الفريق الاشتراكي، ليس فقط في عقد هذه الجلسات الرقابية، بل في ضمان تفعيل مخرجاتها وتوصياتها على أرض الواقع، من خلال تعاقد مؤسساتي واضح بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، في أفق بناء دولة ناجعة وعادلة، واقتصاد وطني تنافسي ومستدام.
تفاصيل أكثر في متابعات لاحقة تخص كل قطاع على حدة
تعليقات
0