الرد الشامل على اللغو السافل: باب ما جاء في انسحاب الاتحاد من العبث

أنوار بريس الخميس 22 مايو 2025 - 20:22 l عدد الزيارات : 8706

جواد شفيق

هكذا ، و بدون مقدمات ، و بعد أن كنا قبل سويعات فقط من موقف الفريق الاشتراكي و من انعقاد المجلس الوطني للحزب الذي زكى موقف هذا الأخير بوقف التنسيق حول ملتمس الرقابة (المبادرة الاتحادية بامتياز ، في هذا الزمن كما في الأزمنة الأخرى) ، و بعد أن كنا “سمنا على عسل” و معارضة متوحدة ، متفاهمة ، ليس بينها “بياع و لا شراي و لا فاقد لقراره” ، و وقعنا جميعنا ، و صرنا على مرمى حجر من التوفق في إعمال مقتضى دستوريا(الفصل 105 من الدستور ) ظل راكدا منذ آخر ملتمس رقابة عرفته الحياة البرلمانية شهر ماي من سنة 1990، و تقدم به آنذاك الفريق الاشتراكي ، كما هي العادة ، و لكن بمعية حلفاءه هذه المرة… ثم أدخلت المبادرة نفق التفاصيل الشيطانية غير المحترمة لأبسط تقاليد و أعراف و حتى قوانين و ضوابط العمل البرلماني ، مما كان واجبا معه على الاتحاد أن ينأى بمبادرته و نبل غاياتها عن محاولة اختلاسها و عن عبث التخريجات البئيسة و التهافتات المفلسة.

فجأة و بدون مقدمات ، و لأننا اتخذنا بناء على تقديرنا و تقييمنا المستقلين و الموضوعيين موقفا سياديا للحزب ، لم نعد الحليف ، و لا الصديق و لا حتى زميل المعارضة، فجأة صرنا كل شرور الدنيا السياسية !! التي ما كنا لنكونها لو فقط “سمحنا فحقنا” و “عطينا حمارنا” من أجل جمال عيون هذا ، و شنب ذاك و طابع صلاة الآخر.
ثارت ثائرتهم و أخذتهم العزة بالملتمس الذي صار يتيما بدوننا ، و هلم طعنا ، و رجما بالغيب ، و نسجا للسيناريوهات ، و قد استوى في ذلك اليساري و الإسلامي و لست أدرى أين أضع ثالثهم.

و بالعودة إلى أصل الموضوع ، لابد أن نذكر بأن مبادرة طرح ملتمس الرقابة هي نتاج اتحادي خالص منذ حوالي سنتين من الآن . إذ يكفي أن نقول بأن نسبة البطالة كانت قد بلغت حينها رقما مهولا و غير مسبوق على الإطلاق وصل إلى %23 من اليد العاملة النشيطة مما استوجب معه الالتفاف حول مبادرة الاتحاد لجر الحكومة عن طريق ملتمس الرقابة إلى مساءلة مؤسساتية تنعش النقاش العمومي و التربية السياسية ، و لكن الذي جرى كان مخزيا يدين أصحابه ، المفتعلين حاليا لهذه المناحة الكبرى.

بنكيران وسم المبادرة بالمؤامرة ، و لم يقل على من ؟
أوزين قال في برنامج نقطة إلى السطر : حنا ما كنطلقوش البارود على الخاوي ؟ البارود كيطلقوه الرجال أولدي .
في حين “تلبد” الرفيق في انتظار أن يبيض الديك .
احترم الاتحاد مواقف باقي مكونات المعارضة ، و لم يقذف أحدا أو يلعن أو يخون حزبا أو فريقا …و ما بالك أن يحول نفسه إلى نفاثة في العقد تقرأ الفناجين.
و بعدها بشهور ، انفجرت فضيحة الفراقشية ، فجيء بمقترح لجنة تقصي الحقائق ، و انخرط فيها الاتحاد بشكل عفوي و مبدئي ، و بالنظر لاستحالة نجاحها عدديا ، أعاد طرح مقترح ملتمس الرقابة ، و لم يعترض على انضمام أحد من مكونات المعارضة إلى المبادرة ، غايته في ذلك منح ديمقراطيتنا “السخفانة” ، و حقلنا السياسي المؤسساتي الذي أغلقه التغول فرصة انتعاش و تجديد للدماء من خلال مبارزة مؤسساتية بين الحكومة و أغلبيتها و المعارضة و مكوناتها…

لم يكن للاتحاد أي وهم حول إمكانية “أن يعارض مجلس النواب في مواصلة الحكومة تحمل المسؤولية ” ، فذلك يتطلب دستوريا تصويت أغلبية مطلقة على ملتمس سحب الثقة ، و لكنه كان واثقا ، عدديا على الأقل، من حتمية جر الحكومة إلى المساءلة ، و لذلك بدل ما يكفي من الجهد البيداغوجي و الإنصات الرفاقي و الأخوي لإقناع الإخوان و الرفاق بمبادرته.

و هو ما حصل ، قبل أن يتحول الأمر إلى مضحكة ، ميزتها لفشوش و التمطيط و قول الشيء و نقيضة ….و “غدا نسقيك ألكامون” .
لم يعترض الاتحاد على أن يكون لشركائه في المبادرة رأي حول الوثيقة التي أعدها ، ذاك حقهم ، و ذاك هو جوهر أية شراكة ، و لكن عندما وصل الأمر إلى محاولة ركن صاحب المبادرة في الزاوية …فقد كان لزاما على رئاسة الفريق و قيادة الاتحاد أن ينتصروا لكرامة الاتحاد… و هو ما تم يوم الجمعة 16 ماي ، و أصبح موضع إجماع اتحادي يوم السبت 17 ماي.
فانطلقت الراجمات ، و لم يدعوا مثلبة إلا و ألصقوها بنا ، ما بقات لا أخلاق إسلامية ، و لا علاقات رفاقية ، و لا تقاليد ليبرالية .
لماذا ؟؟
لأننا قلنا لهم ، ما تعولوش علينا نكونوا مجرد كومبارس أو figurants .
فنحن الاتحاد الاشتراكي.
نعم نحن الاتحاد الاشتراكي .
اقرؤوا تقرير هيئة الإنصاف و المصالحة لتعرفونا.
عودوا إلى ملتمس رقابة يونيو 1964 الذي قدناه لوحدنا بعبد اللطيف بنجلون و عبد الرحيم بوعبيد و عبد القادر الصحراوي و عبد الواحد الراضي و محمد لحبابي و المهدي العلوي ….و رفاقهم ، و قدمناه في عز سنوات الرصاص ، ضد حكومة أحمد باحنيني ، التي كان من بين أعضاءها المارشال أمزيان ، وزير الفلاحة، و الجنرالين أوفقير و المذبوح وزيرين للداخلية و البريد( وقتها لا أعتقد بأن أسلاف السي الأزمي كانوا يجرؤون على فتح أفواههم حتى عند الدونتيست)، هذا الملتمس التاريخي كانت عاقبته ، اتهامات لنا ، هي على الأقل سياسية ، بأننا نريد إسقاط النظام ، و نخدم أجندة جزائرية ، ثم غضبة ملكية كبيرة ، و إعلان حالة الاستثناء.
عودوا إلى ملتمس رقابة 14 ماي 1990 ، الذي كان لنا شرف قيادته مع حلفاءنا ضد حكومة عز الدين العراقي ، و إلى مناقشاته الرفيعة ، التي جعلت المرحوم الحسن الثاني يجملها في عبارة ” لقد وصلتني الرسالة” كما جاء في الكتاب الأخير لمولاي امحمد خليفة ، و هو الملتمس الذي فتح الباب مشرعا لمذكرات الإصلاح ثم مشاريع الإصلاح سنتي 1992 و 1996 .

نحن أيها السادة و الإخوة و الرفاق ، و لن نكون لكم سبابين و لا لعانين و لا مخونين كما اقترفتم في حقنا ، نحن أصل في هذا المضمار و لسنا تقليد ، نحن سادة قرارنا في سنوات الرصاص كما في سنوات القطن . نحن أعز ما نملك كرامتنا في المعارضة كما في المشاركة . و لذلك كنا و مازلنا عقدة فولاذية في بلاعيم كثيرين من الإخونج إلى الخومج يستحيل على كل مناشير الدنيا قطعها.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الخميس 22 مايو 2025 - 22:28

نحو تِرياق لإنعاش الديمقراطية المختنقة في ظل حكومة متغولة

الخميس 22 مايو 2025 - 22:00

ترامب يمنع جامعة هارفارد من تسجيل الطلبة الأجانب…

الخميس 22 مايو 2025 - 21:15

الباحثون المتضررون من عدم احتساب الأقدمية العامة يخوضون وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم العالي

الخميس 22 مايو 2025 - 21:14

أمن البيضاء يجهض عملية تهريب كمية كبيرة من المخدرات…

error: