المعارضة الإتحادية تفتح ملف القانون المؤطر للتعليم العالي بالمغرب بعد ربع قرن

أنوار التازي الثلاثاء 27 مايو 2025 - 16:49 l عدد الزيارات : 9211

نظم الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب وقطاع التعليم العالي الاتحادي لقاء دراسيا حول “القانون المؤطر للتعليم العالي بعد ربع قرن: ماي 2000 – ماي 2025 “اليوم الثلاثاء 27 ماي 2025 بمقر مجلس النواب، وذلك بمشاركة خبراء وباحثين وأساتذة وفاعلين مختصين.

ويأتي هذا اللقاء، في إطار تعزيز النقاش العمومي حول الاصلاحات الكبرى والقضايا المجتمعية الراهنة، ومن أجل تطوير المنظومة التشريعية والمؤسساتية لنظامنا التعليمي.

وأكد الحسن لشكر نائب رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، أن هذا اليوم الدراسي يندرج في إطار مساهمة الفريق الاشتراكي، في توسيع النقاش العمومي حول قضايا مجتمعية تهم المواطنين والمجتمع بشكل عام.

واعتبر الحسن لشكر، أن التعليم العالي ومشاكله اليوم يجب أن تنطلق من قناعة أساسية وهي الارتقاء بالمنظومة التعليمية ككل، فمشكلة التعليم هي مشكلة بنيوية وتاريخية، وتفرض البحث عن الجذور التاريخية للتعليم بشكل عام، وبالتالي بحث الحلول والسبل الكفيلة لمعالجة الازمة.

وشدد الحسن لشكر، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، أن مسار التعليم العالي عرف مجموعة من الاصلاحات والمراجعات والتعديلات، حيث كنا أمام عمليات متتالية من الاصلاح بدون رؤية استراتيجية بعيدة المدى تحدد الاهداف التي يجب تحقيقها

وأكد الحسن لشكر، “أننا في الاتحاد الاشتراكي نعتبر أن التعليم العالي يشكل ركيزة أساسية من ركائز التنمية وبناء مجتمعات أكثر رقي وعدالة وتقدم، وبالتالي تبرز أهمية الاصلاح اليوم لكون التعليم العالي يعتبر شرطا ضروريا لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.”

وأضاف الحسن لشكر، أن المخططات الاصلاحية هي محددات السياسات العمومية في المغرب خاصة في قطاع التعليم العالي الذي يعرف اختلالات نوعية ومطبوعة بمؤشرات لا تخفى على أحد. مسجلا بأن القطاع تعرض لكبح واستمرار التعثر وفرملة عجلت الاصلاح خاصة في السنوات الاخيرة بعد دستور 2011، وبعد الطفرة القوية والنقلة النوعية مع حكومة التناوب.

وأكد الحسن لشكر، أن الحكومة الحالية فشلت في اعطاء انطلاقة حقيقية لعملية اصلاح التعليم العالي بالمغرب وعدم تنفيذ التزاماتها التي تعهدت بها كنظام الباكالوريوس وغيرها.

وشدد المتحدث، على أن المزاجية والارتجالية لهذه الحكومة تحول دون النهوض بقطاع التعليم العالي ببلادنا.

و من جهته أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، أن القانون الاطار للتعليم العالي هو المحدد الاساسي للاصلاح، بعيدا عن “إصلاح الاصلاح” وذلك للارتقاء بالمنظومة بشكل شامل ورد الاعتبار للجامعة المغربية كفضاء للبحث العلمي والتقدم والفكر والابداع والانتاج.

وشدد ميداوي، أنه هناك ثلاث ركائز اساسية لابد من الانطلاق منها في المشروع الجديد، وهي إلتقائية السياسات العمومية، وتنزيل النصوص القانونية، واستقلالية الجامعة التي من شأنها أن تجيب على عدة اكراهات وتحديات، وإعمال المقومات الدولية.

وأوضح ميداوي، أن هناك احترام لمبدأ التشاركية في تنزيل هذا المشروع بعد استكمال المسطرة التشريعية، ومشاركة كافة الفاعلين والخبراء والمتدخلين في القطاع والشركاء النقابيين والاساتذة الجامعيين.

وأشار إلى أنه تم إدخال مبادئ الحكامة ومجلس الجامعة والارتقاء بالبحث العلمي والشراكة مع القطاع الخاص وتدبير المركبات الجامعية، والهدف من كل ذلك هو النظرة الاستشرافية للجامعة المستقبلية ومواجهة التحديات المطروحة، فضلا عن إعمال مبدأ اللاتمركز والتقسيم الجهوي.

وذكر ميداوي، أن الوزارة منكبة على الانتهاء من صياغة مشروع القانون الاطار وبالتالي يجب العمل على استغلال الزمن التشريعي والعلمي والدولي بالشكل الايجابي لمناقشته وفتح حوار شامل بشأنه وأخذ جميع الملاحظات والاراء بعين الاعتبار لكافة الشركاء والمتدخلين.

و أكد هبري الهبري، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، أن التعليم العالي أصبح قضية مجتمع بكامله، وبالتالي بناء جامعة قوية ومواطنة، مشيرا أن إصلاح التعليم العالي نظمت له العديد من الندوات والمؤتمرات ولكن دون الاثر الواضح للنهوض بالقطاع.

وأوضح الهبري، أنه لابد من مقاربة تشاركية وضمان مشاركة الجميع “فاعلين ومتدخلين وخبراء واساتذة” وذلك بهدف خلق جامعة عمومية قوية ومتطورة، كما أن التعليم العالي يحتاج الى شراكة فعالة بين الوزارة والنقابة الوطنية للتعليم العالي. داعيا إلى توافر الارادة السياسية وجرأة لمباشرة عملية الاصلاح، واستعادة ثقة الاسر في الجامعة العمومية.

وشدد المتحدث، على أنه لابد من ربط الجامعة بمحيطها السوسيو اقتصادي، وفتح الافاق والفرص أمام الخريجين بدل توجههم إلى بلدان الخارج.

وخلص، إلى ضرورة تحقيق تعليم عالي منتج وفعال والعمل على مباشرة الاصلاح بشكل واضح، وذلك بالنظر إلى التحولات العميقة التي عرفتها الجامعة والمجتمع بشكل عام.

وبدورها أكدت سعاد بنور ممثلة قطاع التعليم العالي الاتحادي، أن الاتحاد الاشتراكي ساهم بشكل كبير على مر السنوات في تأسيس تعليم عالي منتج وفعال وجامعة قوية تتطلع نحو المستقبل.

وشددت المتحدثة،  أنه لضمان التماسك المجتمعي والتنمية الشاملة وتحقيق التقدم والازدهار، ينطلق بالدرجة الاولى من النهوض بقطاع التعليم العالي يسمح بالولوج الى المعرفة لتحقيق العدالة المجتمعية وتكريس الديمقراطية.

وأوضحت سعاد بنور، أنه يجب الوصول الى جامعة مغربية عمومية قوية قادرة على خلق التنمية. مسجلة أن أول قانون إطار التعليم العالي بالمغرب سنة 1959 حيث، وفي ظرف وجيز أصبح للمغرب جامعة عصرية مستعدة لإنتاج المعرفة وتكوين النخب في مختلف المجالات، لكن سرعان ما تم التخلي عن هذه السياسة الواعدة وتعويضها بسياسات يحكمها الهاجس الأمني تارة والهاجس المالي تارة أخرى طيلة أربعة عقود، مما أدى في نهاية التسعينيات إلى الإجماع على الاعتراف بفشل المنظومة التعليمية وضرورة إصلاحها.

وشددت على أنه، مرة أخرى ضحى الاتحاديون من أجل إنقاذ البلاد وانخرطوا في العمل من أجل جعل إصلاح المنظومة التعليمية أولوية لدى المؤسسة التشريعية ولدى حكومة عبد الرحمن اليوسفي يأتي إصلاح سنة 1997، الذي حمل إشارات سياسية قوية بإحداثه لوزارة التعليم العالي، حيث ولأول مرة منذ الاستقلال تضمنت حكومة مغربية وزارة للتعليم العالي، بعدما كان هذا القطاع مندمجا في إطار وزارة التربية الوطنية، كما عرف هذا الإصلاح تغيير وضع الأستاذ الباحث بشكل عميق.

وأشارت أنه، اليوم وبعد تناسل العديد من الإصلاحات التي همت التعليم العالي، ما زال قطاع التعليم العالي الاتحادي مؤمنا بأنه لبلوغ مجتمع الكرامة والمساواة والتنمية الشاملة، لابد من ضمان التماسك المجتمعي وترسيخ المبادئ الكبرى للاشتراكية الديمقراطية، وذلك باتخاذ مجموعة تدابير ينبغي أن تتحمل الدولة مسؤولية إنجازها قصد تقليص الفوارق الاجتماعية وفق سياسة الدمج الاجتماعي، التي لا يمكن بلوغها إلا باعتماد سياسة مندمجة تهم القطاعات الاجتماعية الأساسية، ويتعلق الأمر بسياسة تتولاها الدولة في خمس مجالات تهم كلا من التربية والتكوين، الصحة، التشغيل السكن اللائق، وتوفير البنيات والخدمات المرفقية الرئيسية.

وذكرت سعاد بنور، أن بناء الدولة الاجتماعية التي نادى بها جلالة الملك، يتطلب رؤية شمولية أوسع وأعمق من مجرد تدخلات متفرقة للدولة في المجال الاجتماعي، بل رؤية تحتل فيها منظومة التربية والتكوين بمختلف أسلاكها، المركز الأساس الذي سيمكن بلادنا من قفزة نوعية جديدة، تسرع العمل التنموي ببلادنا.

حسب أرضية اليوم الدراسي التي انطلقت منها النائبة البرلمانية عضو الفريق الاشتراكي خدوج السلاسي التي أدارت أشغال الجلسة الافتتاحية للقاء، فإن التحولات المذهلة التي حدثت في العقود الأخيرة، تظهر مدى الدور الذي يلعبه التقدم العلمي في تسريع التغيرات المجتمعية. ففي بداية القرن، شهدنا كيف أن محرك الاحتراق في القطار والسيارات أو الكهرباء قد غير تنظيم المجتمعات البشرية بأكملها. أما اليوم، فقد أدى ظهور الثورة الرقمية، على سبيل المثال، إلى تغيير أنماط الاتصال والوصول إلى المعلومات والتنظيم الاجتماعي، وإعادة تعريف الهياكل الاقتصادية والتفاعل البشري. بالإضافة إلى ذلك، أدى التقدم العلمي في مجال الصحة إلى ارتفاع متوسط العمر المتوقع ونوعية الحياة بشكل كبير، مما ساهم في إحداث تغييرات ديموغرافية واجتماعية كبيرة. علاوة على ذلك، فتح الذكاء الاصطناعي آفاقا جديدة في مختلف القطاعات، بما في ذلك الخدمات والصناعة والبحث العلمي. وباختصار، يعمل التقدم العلمي كمحفز للتحول المجتمعي، حيث يجلب مزايا لا يمكن إنكارها بينما يطرحتحديات جديدة تتطلب التفكير بعناية والتكيف المستمر.

وجاء في الأرضية، أنه على نطاق أكثر شمولاً، يمكن ملاحظة وجود علاقة واضحة لا لبس فيها بين مستوى جودة التعليم العالي والتقدم الاقتصادي لبلد معين، وديمقراطية مؤسساته والعدالة الاجتماعية في مجتمعه. ولذلك، لا يمكن النظر إلى التعليم العالي على أنه مجرد قمة هرم النظام التعليمي، بل على أنه الركيزة التي لا مفر منها للتنمية البشرية. فالجامعة، في الواقع، هي التي توفر المهارات التي لا غنى عنها لسوق الشغل وتنتج المعرفة الجديدة اللازمة لتكوين الأطر التي ستستخدم هذه المهارات لاتخاذ القرارات التي تؤثر على المجتمع بأسره. إن تنمية القدرات الفكرية، التي يعتمد عليها إنتاج المعرفة واستخدامها، هي قبل كل شيء تنمية القدرات الفكرية التي يعتمد عليها إنتاج المعرفة واستخدامها، وهي خاصة بالتعليم الجامعي المرتبط بالبحث العلمي. وعلى الرغم من هذا الواقع، فإن العديد من البلدان لم تجد بعد الحلول المناسبة للمشاكل التي تواجه أنظمة التعليم العالي فيها.

ما هو الوضع في بلدنا؟

يعاني بلدنا من مفارقة حقيقية عندما يتعلق الأمر بالتعليم العالي.
المفارقة الأولى جاءت على يد فاطمة الفهرية سنة 859 حيث بنت جامعة القرويين وذلك 229 سنة قبل تأسيس أول جامعة أوروبية، جامعة بولوني الإيطالية سنة 1088، و 283 سنة قبل تأسيس جامعة أكسفور سنة 1142 و 777 سنة قبل تأسيس جامعة هارفارد سنة 1636 ، لكننا، وهذه هي المفارقة، سننتظر 1100 سنة لترى النور ثاني جامعة سنة 1959 جامعة محمد الخامس.

المفارقة الثانية تظهر التطور المذهل لأعداد الطلبة المسجلين بالجامعة المغربية منذ الاستقلال إلى اليوم  حيث انتقلنا من 353 طالبًا فقط في 1955-1956 إلى 250000 سنة 1999-2000 وحوالي 1300000 طالب اليوم. يضاف إلى هذا النجاح الكمي المحترم نجاح نوعي كما يبرهن عليه العدد الكبير من المغاربة الذين يلتحقون وينجحون بالجامعات الأجنبية المرموقة والمدارس العليا الفرنسية. ومع ذلك، فإن هذا النجاح على مستوى الخارج تقابله إخفاقات على مستوى الداخل وتبين ذلك الإحصائيات الرسمية التي تشير إلى أن نسبة الانقطاع عن الدراسة تصل إلى 50%، ونسبة البطالة بين الخريجين تفوق 20%.

المفارقة الثالثة هي أن ورش الإصلاح الذي بدأ منذ الاستقلال وعرف تركيزا كبيرا من سنة 1994 إلى 2014 أي عشرين سنة، بدون أن يثمر إلى تحول جذري وفي خطاب العرش 30 يوليوز 2015 سيقول فيه جلالة الملك: “كما ندعو لصياغة هذا الإصلاح في إطار تعاقدي وطني ملزم، من خلال اعتماد قانون إطار يحدد الرؤية على المدى البعيد، ويضع حدا للدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح، إلى ما نهاية”.

كيف وصلنا إلى هنا؟

قبل ربع قرن من اليوم في 25 ماي 2000 صدر بالجريدة الرسمية القانون 01.00 الذي ينضم التعليم العالي مباشرة بعد الميثاق الوطني لسنة 1999. جاء هذا القانون بإصلاحات جوهرية ترجمت روح الميثاق الوطني وأدخلت عدة مستجدات بصلاحيات جديدة، لكن الأهم هو تنصيصه على توحيد التعليم العالي وإعادة هيكلته وذلك بتجميع مختلف مكونات التعليم لما بعد الباكلوريا وأجهزته المتفرقة حاليا (المادة 100) والتي اعتبرت مدخل لتحقيق التوحيد المنشود.

في نهاية سنة 2011 فتحت الوزارة الوصية ورش مراجعة القانون 01.00 قصد ملائمته مع الدستور الجديد. لكن مجيئ حكومة 2012 ستغير السياسة الحكومية في اتجاه الخوصصة. هذا التوجه سيدفع الوزارة الوصية إلى محاولة تغيير جذري لهذا القانون وخاصة في نسخة 2015 التي سترسل للمجلس الأعلى. بعد اعتماد الرؤية الاستراتيجية (2015-2030) لإصلاح منظومة التربية والتكوين، وخطاب العرش لسنة 2015 تأجل النقاش حول مراجعة القانون 01.00 في انتظار القانون الإطار. بعد المصادقة على القانون الإطار 51.17 ونشره بالجريدة الرسمية (19) غشت 2019 ، ستستأنف الوزارة الوصية التفكير من جديد في مراجعة قانون التعليم العالي وسترسل نسخة للمجلس الأعلى في 19 يوليوز 2021 بعد انتخابات شتنبر 2021 ستشرع الوزارة الوصية في إدخال بعض التعديلات على هذه النسخة وسترسل نسخة جديدة مؤرخة ب 26 شتنبر 2024.

الأسئلة التي تفرض نفسها

ما هي الفلسفة التي ستعتمدها الوزارة في تهييئ المشروع الجديد؟

هل ستكون له الجرأة الازمة ليضع حدا للدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح؟

هل سيسمح بتجاوز مفارقات منظومة التعليم العالي؟

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 27 مايو 2025 - 21:35

فيدراليو التعليم بجهة بني ملال خنيفرة يختتمون مؤتمرهم بإدانة المخططات التي تمس مكتسبات الشغيلة التعليمية

الثلاثاء 27 مايو 2025 - 21:30

بمشاركة وفود 16 دولة وسفراء عرب.. الاتحاد الإشتراكي يحتضن المؤتمر العام لاتحاد الشبيبة الاشتراكية الديمقراطية في العالم العربي…

الثلاثاء 27 مايو 2025 - 18:59

22 قتيلا و3019 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال أسبوع

الثلاثاء 27 مايو 2025 - 18:57

السلطات السورية تؤكد بحضور ممثلين عن المغرب إغلاق المقرات التي كان يشغلها انفصاليو +البوليساريو+ بدمشق

error: