أنهت بورصة الدار البيضاء تداولاتها للأسبوع الممتد من 26 إلى 30 ماي الجاري على إيقاع سلبي يعكس أجواء من الترقب والحذر تخيم على السوق المالي الوطني، حيث سجل مؤشر “مازي”، المؤشر الرئيسي الذي يعكس أداء السوق ككل، تراجعا بنسبة 0,75 في المئة ليستقر عند 17.976,11 نقطة.
وتراجع كذلك مؤشر “MASI.20″، الذي يضم أكبر 20 مقاولة مدرجة، بنسبة 0,61 في المئة إلى 1.465,56 نقطة، فيما لم يسلم مؤشر “MASI.ESG”، الخاص بالمقاولات الحاصلة على أفضل تصنيف بيئي واجتماعي وحوكمة، من الانخفاض ليسجل تراجعا أكبر بنسبة 1,11 في المئة إلى 1.217,33 نقطة. حتى المقاولات الصغيرة والمتوسطة لم تنجُ من موجة التراجع، إذ انخفض مؤشر “MASI Mid and Small Cap” بنسبة 0,32 في المئة.
وعلى الرغم من أن حجم التداول الإجمالي تجاوز 1,84 مليار درهم، فقد ظل تركيز المستثمرين منصباً على عدد محدود من القيم، على رأسها “التجاري وفا بنك” التي استحوذت على 11,81 في المئة من إجمالي التداولات، تليها “أليانس” بـ7,56 في المئة و”جيت كونتراكترز” بـ7,17 في المئة، ما يعكس محدودية التنويع وضعف السيولة في باقي الأسهم.
من حيث الرسملة السوقية، بلغ إجمالي القيمة السوقية للأسهم المدرجة حوالي 944,6 مليار درهم، وهو رقم يظل ثابتاً نسبياً مقارنة بالأشهر الماضية، لكنه يخفي خلفه هشاشة في دينامية التداول وضعفاً في استقطاب رساميل جديدة، سواء محلية أو أجنبية.
خسائر ثقيلة لبعض القيم الكبرى
شهد الأسبوع خسائر بارزة لبعض القيم النشيطة، تصدرتها “سلفين” التي سجلت انخفاضاً حاداً بنسبة 7,55 في المئة لتغلق على 600 درهم، تلتها “جيت كونتراكترز” التي فقدت 6,67 في المئة من قيمتها، و”اب مغرب كوم” التي تراجعت بنسبة 5,66 في المئة. كما سجل سهم “النقل” انخفاضاً بـ5,43 في المئة، و”سنلام المغرب” بـ5 في المئة.
في المقابل، حققت بعض الأسهم أداءً إيجابياً محدوداً، إذ ارتفع سهم “فيني بروسيت” بنسبة 6,14 في المئة ليصل إلى 294 درهماً، وسجلت “زليجة” ارتفاعاً بنسبة 3,71 في المئة، فيما ارتفع سهم “بنك CFG” بـ3,48 في المئة، و”سنيب” بـ3,47 في المئة، و”سوطيما” بـ3,45 في المئة.
تطرح هذه المؤشرات السلبية، رغم تواضع نسب التراجع، عدة تساؤلات حول جاذبية بورصة الدار البيضاء ومحدودية دورها كمحرك حقيقي للتمويل والاستثمار في الاقتصاد الوطني. فعلى الرغم من الإصلاحات المؤسسية والتنظيمية التي شهدتها البورصة خلال السنوات الأخيرة، إلا أن المنظومة لا تزال تعاني من ضعف السيولة، وقلة الإدراجات الجديدة، وتردد المستثمرين الأفراد.
من جهة أخرى، تبقى البورصة عرضة لتقلبات ظرفية لا تعكس دائماً الأداء الحقيقي للمقاولات، وهو ما يزيد من تذبذب ثقة المستثمرين، خصوصاً في ظل غياب تحفيزات ضريبية كافية وغياب آليات فعالة لجلب مستثمرين جدد وتنويع المنتجات المالية المعروضة.
إن وضعية السوق الحالية تؤشر على الحاجة لإعادة نظر شاملة في السياسات المرتبطة بتطوير السوق المالي، سواء من حيث توسيع قاعدة المستثمرين، أو تسريع وتيرة الرقمنة والشفافية، أو تشجيع المزيد من الشركات على الولوج إلى البورصة بهدف تمويل مشاريعها وتنويع مصادرها المالية.
في انتظار ذلك، ستبقى بورصة الدار البيضاء رهينة لرهانات ظرفية، ولأداء بعض القيم الكبرى التي تتحكم في المزاج العام للسوق أكثر من أي معطى اقتصادي أو مالي حقيقي.
تعليقات
0