في أجواء تنظيمية مفعمة بالحماس والوحدة والالتزام، وبحضور جماهيري وازن ضم مناضلات ومناضلي الحزب من مختلف جماعات الإقليم، وفعاليات نسائية وشبابية، واتحاديين قدامى وجدد، انعقدت مساء السبت 31 ماي 2025، أشغال المؤتمر الإقليمي الخامس لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالصويرة، تحت شعار: “من أجل عدالة مجالية وتنمية مندمجة ومستدامة بإقليم الصويرة”.
وخلال الجلسة الافتتاحية، عبر الكاتب الأول للحزب، إدريس لشكر، عن اعتزازه الكبير بالأجواء التنظيمية والنقاشات الجادة التي ميزت المؤتمر، مشيرا إلى أن هذه المحطة تمثل “منعطفا نوعيا في المسار التنظيمي للحزب على مستوى الإقليم”، وقال: “اللجان التحضيرية عرفت نقاشات جادة ومداولات مسؤولة، ستفرز لا شك توصيات وقرارات سيعتز بها حزب الاتحاد الاشتراكي أيما اعتزاز، وستسهم بقوة في المحطات التنظيمية المقبلة”، مستحضرا مسار الحزب بالإقليم قائلا: “لقد كنا في إقليم الصويرة نعيش ضعفاً حزبيا كبيرا، فكنا نحصل على بعض المقاعد التي يتم السطو عليها بالتزوير، ونخرج خاليي الوفاض من كل استحقاق انتخابي في الثمانينيات والتسعينيات”، مضيفا: “تذكرون جميعا القوى التي جعلت العمل السياسي في هذا الإقليم صعبا جدا، وتعرفون النضالات والتضحيات التي قدمها مناضلو الحزب من أجل أن يستمر صوت الاتحاد الاشتراكي”.
وفي تقييمه لراهنية المؤتمر، قال لشكر: “لقد حضرت مؤتمرات عديدة معكم، لكن لا يسعني إلا أن أقول وبكل مسؤولية، إن هذه هي أول محطة تنظيمية عادية، نشعر فيها بالاطمئنان، ونجلس وكلنا ثقة في ما أنتجه الحزب، وفي استمراريته، وفي المهام المطروحة عليه على صعيد هذا الإقليم”، مهنئاً الحضور على “الإنجاز التنظيمي البارز”.
إدانة لجرائم الاحتلال وإشادة بموقف المغرب..
وفي كلمة مؤثرة، استنكر إدريس لشكر بشدة المشاهد الدموية التي تخلفها آلة الحرب الإسرائيلية ضد أطفال ونساء فلسطين، مبديا غضبه من “هذا العنف والوحشية التي يقودها التحالف اليميني الإسرائيلي ضد شعب أعزل”، قائلا: “عندما نستيقظ على مشاهد الأجساد المشوهة لأطفال فلسطين، لا يمكن لأي منا إلا أن يتساءل: أين هي الإنسانية؟ أين الأمم المتحدة؟ وأين هو الضمير الإنساني؟”.
كما نوه بالموقف المغربي الثابت والمبدئي، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، مؤكدا أن “المملكة لا تختبئ وراء شعارات الصمود والتصدي، بل تنطلق من رؤية إنسانية عملية، جوهرها: كيف نوصل الدعم الحقيقي للطفل والمرأة الفلسطينية، وكيف نوقف هذه الهجمة الشرسة على شعبنا الفلسطيني”.
لشكر.. المغرب يحصد ثمار الدبلوماسية الملكية ويدفع نحو الحسم النهائي لقضية الصحراء..
وفيما يتعلق بالقضية الوطنية أكد القيادي الاتحادي على أن المغرب رُزق نعمة القناعة في وقت مبكر من استقلاله، حيث عبّر المغفور له محمد الخامس بوضوح عن موقف وطني ثابت بقوله: “لا حديث عن الحدود مع جيراننا إلا بعد استقلالهم،” وهو ما تحقق بعد سنوات، في وقت كانت فرنسا تحافظ على أراض منها تندوف، تحت تصور استمراريتها في الجزائر، غير أن المغرب، بقيادته الحكيمة، تجاوز منطق الربح الضيق نحو منطق بناء الوطن، إيمانا منه بأن لا تنمية بدون سلام، ولا مستقبل بدون استقرار، مضيفا أن القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس مكنت المغرب من الحفاظ على أمنه واستقراره، وجعلته في مصاف الدول الندية، كما انعكس ذلك بشكل مباشر على عمل حزب الاتحاد الاشتراكي، خصوصًا في علاقاته داخل الأممية الاشتراكية، حيث أصبح الحزب وجهة لرؤساء حكومات ووزراء أجانب يرغبون في اللقاء معه، اعترافا بمكانة المغرب ودوره الفاعل دوليا،
واعتبر لشكر أن السياسة الخارجية للمغرب بدأت تؤتي ثمارها، مشيرا إلى بروز تيار داخل من داخل البوليساريو يدعو صراحة لإنهاء هذا النزاع المفتعل، والجلوس إلى طاولة التفاوض، تفاعلا مع المبادرة المغربية الجادة والمتمثلة في مقترح الحكم الذاتي، مضيفا أن موقف الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، إلى جانب إسبانيا وفرنسا، الداعم لمغربية الصحراء، يمثل تحولا جوهريا ينبغي استثماره. وشدد على ضرورة الانتقال، وفق التوجيهات الملكية، من منطق التدبير إلى منطق الحسم والتغيير في هذا الملف، داعيًا المنتظم الدولي، والأحزاب، والرأي العام العالمي، إلى المساهمة الفعلية في إنهائه خلال هذه السنة، مبرزا أن كل الشروط متوفرة، خاصة بعد اعتراف دول مثل كينيا وغانا، اللتين كانتا منحازتين سابقًا لأطروحات الجزائر، وكذا بعد التغيرات العميقة التي شهدتها منطقة الساحل، والتي أكدت أن الاستراتيجية المغربية المنفتحة على إفريقيا تؤسس لعلاقة تعاون وتضامن جنوب-جنوب، بخلاف ما تقوم به الجزائر من محاولات إخضاع وهيمنة.
انتقاد للحكومة وتأكيد على معارضة يقظة..
وفي سياق حديثه عن الوضع الوطني، حمل لشكر الحكومة الحالية، بمكوناتها الثلاثة، “المسؤولية الكاملة أمام المغاربة بشأن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية”، منتقدا فشلها في تنفيذ الأوراش الاجتماعية الكبرى، وفي مقدمتها ورش الحماية الاجتماعية وتعميم التغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر، رغم الجهود الملكية في هذا الإطار،
كما انتقد طريقة تدبير ملف استيراد الأغنام والأبقار، معتبرا أن “التنابز والاتهامات المتبادلة بين مكونات الأغلبية أمر غير مقبول ويشكل إخلالاً بالمسؤولية الجماعية”، داعيا إلى اعتماد استراتيجية واضحة لدعم الكساب المحلي وضمان صمود الفلاحة المعيشية، مشددا على أن الفريق الاشتراكي يمارس “معارضة يقظة ومسؤولة، تراقب الأداء الحكومي وتقترح البدائل الواقعية، من أجل تحقيق عدالة مجالية واجتماعية تضمن التنمية وكرامة المواطنات والمواطنين”.
ملال.. رؤية واضحة لتنمية مستدامة بالأقليم..
من جانبه، رحب محمد ملال، الكاتب الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بإقليم الصويرة، بالأخ الكاتب الأول إدريس لشكر والوفد المرافق له، مثمنًا حضورهم ودعمهم للمؤتمر الإقليمي الخامس الذي اختير له شعار “من أجل عدالة مجالية وتنمية مندمجة ومستدامة بإقليم الصويرة”.
وشكر ملال جميع المناضلات والمناضلين، والأعضاء المنتخبين، والرؤساء المحليين، والإعلاميين على جهودهم والتزامهم في إنجاح هذه المحطة التنظيمية المهمة، مؤكدًا أن الكتابة الإقليمية عملت خلال الفترة الماضية على تعزيز العمل الحزبي والتنظيمي وتطوير المشاريع التنموية بالإقليم، من خلال توسيع القاعدة الحزبية، ودعم التعليم والصحة والبنية التحتية، ومرافعة حقوق السكان في مختلف المجالات.
وأشار الكاتب الإقليمي إلى أن إقليم الصويرة يمتلك مؤهلات طبيعية وبشرية هامة تؤهله ليكون قطبًا اقتصاديًا في مجالات السياحة والفلاحة والصناعة التقليدية، لكنه ما يزال يواجه تحديات كبيرة بسبب نقص الدعم الحكومي خاصة في ظل تغيرات مناخية وأزمات تنموية، داعيا إلى اعتماد نموذج تنموي جديد وشامل يراعي هذه التحديات ويستثمر الإمكانيات المتاحة مع ضمان استدامة الموارد وحماية البيئة، وختم ملال تصريحه بالدعوة إلى مزيد من التعبئة والتكاتف بين جميع مناضلات ومناضلي الحزب، خاصة الشباب والنساء، من أجل تعزيز مكانة الحزب والمساهمة في التنمية الحقيقية والعدالة الاجتماعية بإقليم الصويرة.
البوز.. المرأة القروية محور النضال من أجل التمكين والحقوق بإقليم الصويرة..
بدورها، أكدت مليكة البوز، عضو منظمة النساء الاتحاديات، أن المرأة في الإقليم تظل فاعلا محوريا في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، رغم استمرار التحديات البنيوية والثقافية التي تحد من إمكانياتها، مشددة على التزام المنظمة بالدفاع عن حقوق النساء وتمكينهن، خاصة في العالم القروي، عبر دعم التعاونيات، ومحاربة الأمية، وتعزيز التكوين.
الموطيع.. تعزيز الوحدة والدينامية التنظيمية لتحقيق تنمية مجالية مستدامة..
ومن جهته، أوضح مجيد الموطيع، نائب الكاتب الإقليمي، أن الحزب واصل خلال الفترة الماضية جهوده السياسية والميدانية بخطى ثابتة، مستندا إلى وحدة العمل والتنسيق داخل الكتابة الإقليمية والفروع، منوها بتوسيع القاعدة التنظيمية وتجديد الهياكل، وداعيا إلى تعزيز الدينامية التنظيمية والمشاركة الفعلية في التنمية المجالية.
أقريش.. مؤتمر الحزب بالصويرة محطة لتجديد الدينامية التنظيمية وتعزيز التقدمية..
أما محمد أقريش، رئيس اللجنة التحضيرية، فقد أبرز أن المؤتمر ينعقد في ظرفية سياسية دقيقة، تتطلب تعبئة واسعة ومسؤولية عالية، موضحا أن اللجنة التحضيرية عملت على إشراك كل الطاقات دون إقصاء، وتسوية الوضع التنظيمي للفروع، وفتح نقاشات سياسية هادفة، بهدف ترسيخ مكانة الحزب كقوة تقدمية حداثية مدافعة عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
تجديد الثقة في محمد ملال وتفويضه تشكيل الكتابة الإقليمية الجديدة..
وأسفرت أشغال المؤتمر الإقليمي الخامس لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالصويرة عن تجديد الثقة في محمد ملال كاتبًا إقليميا للحزب، تقديرا لما قدمه من جهود تنظيمية وميدانية خلال الفترة السابقة، وما أبان عنه من التزام ومسؤولية في تدبير شؤون الحزب بالإقليم. كما تم تفويضه من طرف المؤتمر إعداد لائحة الكتابة الإقليمية، في أفق تشكيل فريق منسجم وموسع قادر على مواكبة التحديات السياسية والتنموية المقبلة، وترسيخ الدينامية التنظيمية التي يشهدها الحزب بإقليم الصويرة.
وقد أجمع الحاضرون على أن المؤتمر الإقليمي الخامس لحزب الاتحاد الاشتراكي بالصويرة لحظة سياسية وتنظيمية متميزة، جسدت عمق الانخراط الجماعي، وروح المسؤولية والوفاء لقيم الحزب ومبادئه، كما عكست الطموح المشترك نحو أفق تنموي أكثر عدالة وشمولا لقد أعادت هذه المحطة الثقة في الإمكانيات التنظيمية والسياسية للاتحاديات والاتحاديين بالإقليم، ورسخت إرادة مواصلة النضال من أجل مغرب قوي، ديمقراطي، متقدم، تسوده العدالة المجالية والاجتماعية.
لحظة وفاء وتقدير.. تكريم مناضلي الاتحاد الاشتراكي بالصويرة..
وشهد المؤتمر الإقليمي الخامس لحزب الاتحاد الاشتراكي بالصويرة لحظة مؤثرة من لحظات الاعتراف والعرفان، حيث تم تكريم عدد من الوجوه المناضلة التي ساهمت في بناء وتقوية الحزب محليا وجهويا، وشملت لائحة المكرمين كلا من: حسن زعبول، رئيس جماعة أيت سعيد وكاتب فرع الحزب؛ محمد باعمي، رئيس جماعة سيدي الجزولي وكاتب فرع؛ محمد أقريش، رئيس جماعة سيدي أحمد السايح وكاتب إقليمي سابق (2003–2009)؛ الحسين الجوهري، النائب البرلماني السابق؛ عبد المجيد المعتمد، رئيس جماعة مجي وكاتب فرع؛ المختار الزروال، رئيس جماعة مسكالة وكاتب فرع سابق (1983–2021)؛ علي بلعزري، كاتب فرع الزاويت؛ محمد أو بلعيد، رئيس جماعة أيت عيسي إحاحان؛ محمد تو مزبط، رئيس جماعة تاكوشت (2003–2009)؛ مبارك مازوز، كاتب فرع إداوعزة؛ سعيد التبالي، عضو الكتابة الإقليمية؛ وإبراهيم ملال، كاتب فرع إداوكازو، حيث شكل هذا التكريم لحظة اعتراف رمزية بتضحياتهم ونضالاتهم من أجل ترسيخ موقع الحزب كقوة تقدمية وحداثية داخل الإقليم.
تعليقات
0