في زمنٍ تتسارع فيه الأخبار، وتختزل فيه المعلومة في 280 حرفا، وتضيع فيه الحقيقة بين زوايا الانحياز، تصبح الصحافة المستقلة آخر خطوط الدفاع عن العقل العام.
لم نعد أمام مجرد “صراع النشر” كما اعتدنا أن نصفه في غرف التحرير، بل نحن في مواجهة آلة ضخمة لإعادة تشكيل الإدراك، تصنعها الخوارزميات ويغذيها رأس المال، ويوجهها في كثير من الأحيان خطاب سياسي غارق في الشعبوية أو الخداع.
في المغرب كما في غيره من دول العالم العربي، يشهد الفضاء الإعلامي تحولات جوهرية:
-
من جهة، هناك طفرة تقنية خلقت مساحات تعبيرية غير مسبوقة، لكنها سمحت أيضا بانتشار غير مسبوق للتضليل.
-
ومن جهة أخرى، هناك إعلام تقليدي فقد البوصلة بين البحث عن البقاء والرضوخ للمصالح.
في قلب هذا المشهد، تصبح الصحافة التي نؤمن بها – الصحافة المهنية، المسؤولة، والمبنية على التحقق والاستقلالية – فعل مقاومة يومي.
مقاومة لرداءة المحتوى، لتسليع العقول، و لتسطيح النقاش العمومي.
لقد اخترنا، في “أنوار بريس”، أن لا نكون مجرد ناقل للأخبار، بل أن نكون طرفًا في معركة الوعي، اخترنا أن نمنح للوقائع سياقها، و للأرقام معناها، وللصمت مساحته الضرورية أحيانًا.
نكتب لأننا نعرف أن الكلمة التي لا تزعج، لا تحدث أثرا.
نراجع أنفسنا لأن الصحفي الحقيقي لا يدعي امتلاك الحقيقة، بل يسعى إليهابشرف.
وننشر، لا لأن الوقت يداهمنا، بل لأن المسؤولية تفرض أن ننتظر ساعة الحقيقة بدل أن نسرع ساعة الفوضى.
الصحافة ليست حرفة فقط، إنها التزام أخلاقي.
وفي زمن الضجيج، من يختار أن ينصت جيدا، هو من يستحق أن يحدّث الناس.
تعليقات
0