الاتحاد الاشتراكي يشرك الأكاديميين في تقييم ما بعد 2011 ورسم معالم الإصلاح الدستوري والبناء الديمقراطي…

يسرا سراج الدين السبت 28 يونيو 2025 - 13:22 l عدد الزيارات : 4415

شكل المحور الأول من اللقاء السياسي العام الذي نظمته اللجنة السياسية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، صباح اليوم السبت 28 يونيو 2025، بالمقر المركزي للحزب بالرباط، لحظة نقاش فكري وسياسي معمق، خصص لموضوع “الإصلاحات الدستورية والبناء الديمقراطي بالمغرب: المكتسبات والتحديات”، وشارك في محوره الأول  عدد من الأسماء الوازنة في الساحة الأكاديمية والسياسية، وهم عبد الله ساعف، نادية البرنوصي، وعبد الرحيم منار السليمي، تحت تسيير عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب ورئيس اللجنة السياسية في إطار اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني عشر، ويأتي هذا النقاش في سياق سعي الحزب إلى إشراك النخب الجامعية والفكرية في معالجة قضايا الإصلاح السياسي والدستوري، من أجل بلورة تصورات جديدة تترج في وثائق المؤتمر الوطني المرتقب في أكتوبر المقبل، كمساهمة نوعية في تجديد المشروع السياسي الاتحادي ومواءمته مع التحولات الوطنية والدولية الراهنة.

“شهيد.. نحو موجة إصلاحات دستورية جديدة تنطلق من تقييم 14 سنة من الممارسة..”

وقد أكد عبد الرحيم شهيد في مستهل هذا المحول على أن اللقاء السياسي العام يأتي في إطار الإعداد الأدبي والفكري للمؤتمر الوطني الثاني عشر الذي سينظمه الحزب في أكتوبر المقبل، وأن اللجنة السياسية وضعت برنامجا للنقاش مفتوحا على فاعلين أكاديميين، خبراء وفاعلين اجتماعيين من أجل إغناء الورقة السياسية التي ستُعرض على المؤتمر، معتبرا أن هذا اللقاء يعد أهم محطة بالنسبة للجنة السياسية، حيث يشتغل على خمسة محاور مركزية، ويشكل مدخلاً لصياغة تصورات سياسية متقدمة سيتم تضمينها في وثائق المؤتمر.

وبخصوص محور الإصلاحات الدستورية، قال رئيس اللجنة السياسية أن النقاش اليوم يتمحور حول استشراف موجة إصلاحات دستورية جديدة، تتناول ما عرفه دستور 2011 من “وهن” في عدد من المقتضيات التي لم تجد طريقها إلى التفعيل، إضافة إلى التباين الذي سجل بين الوثيقة الدستورية وممارستها على أرض الواقع بعد مرور 14 سنة على إقرارها، متسائلا عن مدى التأويل الديمقراطي الذي عرفه هذا الدستور من خلال ثلاث تجارب حكومية متعاقبة “حكومة عبد الإله بنكيران، حكومة سعد الدين العثماني، وحكومة عزيز أخنوش”، مؤمدا أن هذه المرحلة الزمنية كافية لتقييم الوثيقة الدستورية، مضيفا: “أطمئن الاتحاديات والاتحاديين أن الوثيقة السياسية ستكون غنية بكل هذه الأفكار التي طرحت في هذا اليوم الدراسي الذي فتح نوافذ على أفكار متعددة ولا يمكن إلا أن تغني الوثيقة النهائية التي ستطرح في المؤتمر الوطني الثاني عشر”.

“ساعف.. إشراك الاتحاد الاشتراكي للأكاديميين والمثقفين خيار استراتيجي لمواجهة تحديات المرحلة..”

من جانبه، قال الأستاذ الجامعي عبد الله ساعف أن النقاش السياسي اليوم لم يعد بنفس الحدة التي عرفها في فترات سابقة، ما يؤشر على حاجة ملحة إلى مراجعة عدد من الملفات الكبرى المرتبطة بمسألة الديمقراطية، وبالخصوص الشكل الذي اتخذته الملكية البرلمانية والمستوى الذي وصلت إليه، معتبرا أن المسألة المركزية في النقاشات تدور، بشكل مباشر أو غير مباشر، حول موضوع الملكية البرلمانية، صيغتها الحالية وإمكانيات تطويرها في ظل نضج سيرورة الدمقرطة في البلاد، منبها إلى عدد من الإشكالات التي باتت تفرض نفسها بقوة أكثر من السابق، منها ما يتعلق بالقضاء، المجتمع المدني، المسؤولية السياسية، تداخل المصالح العامة والخاصة، والقطاعات المالية، مؤكدا أن معالجتها تطرح تساؤلا جوهريا “هل يجب أن تعالج هذه القضايا دستوريا، أم بقوانين تنظيمية ومراسيم؟” وأضاف أن التطور الديمقراطي قد لا يمر بالضرورة عبر تعديل الدستور، بل من خلال تطوير المؤسسات في اتجاه يكرس هذا التقدم، إما عبر النصوص أو الآليات.

كما توقف ساعف عند عدد من المطالب السياسية الأساسية التي يفترض أن تحملها الموجة القادمة من الإصلاحات، في ضوء ما راكمته البلاد خلال 14 سنة من العمل بالدستور الحالي، وعلى رأسها تفعيل الملكية البرلمانية، ترسيخ استقلالية القضاء، وتوسيع الحريات الفردية والجماعية، مبرزا أن تطبيق الدستور عرف تموجات كبيرة، سواء من حيث الالتزام بتفاصيله أو بروحه، مشيرا إلى استمرار النقاش حول الفصل بين السلط، خاصة بين السلط السياسية والاقتصادية، وما يطرحه من إشكاليات حقيقية في الولاية الحكومية الحالية، ومشددا على أن إشراك حزب الاتحاد الاشتراكي للأكاديميين، المثقفين والفاعلين الاجتماعيين في صياغة تصورات سياسية متقدمة هو خيار استراتيجي، ويستجيب لتطلعات جزء كبير من النخبة السياسية في المغرب، مشيرا إلى أن زمن الفعل السياسي المنغلق قد ولى، وأن الإشكالات المطروحة حاليا تقتضي تشكيل جبهة مجتمعية واسعة تنفتح على الجمعيات والنخب والمجتمع المتغير باستمرار، وهو ما أصبح حاجة ملحة لليسار اليوم.

البرنوصي.. الديمقراطية والإصلاح يتطلبان الفعل السياسي والمؤسسي..”

بدورها، أكدت أستاذة القانون الدستوري نادية البرنوصي، أن كثيرا ما يتم الحديث عن تطبيق دستور 2011، دون الانتباه إلى أن عملية التطبيق نفسها مشروطة بالثقافة السياسية للفاعلين، مذكرة بأن مطالب الإصلاحات السياسية والدستورية ليست جديدة، بل ارتبطت تاريخيا بحزب الاتحاد الاشتراكي منذ دستور 1962، إلى غاية اليوم، باعتباره فاعلا مركزيا في الدفع نحو الديمقراطية والإصلاح، مشددة على أن قضية الديمقراطية والمطالبة بالإصلاحات الدستورية شكّلت ثنائية أساسية في النقاش والحياة السياسية المغربية، داعية إلى عدم اختزال التحديات الحالية في النصوص فقط، بل الانكباب على الفعل السياسي المؤسسي والثقافي أيضا.

“السليمي.. الاتحاد الاشتراكي ناضل من أجل الإصلاح الدستوري والسياسي..”

أما المحلل السياسي والاستاذ الجامعي عبد الرحيم منار السليمي، فقد ذكر بأن الاتحاد الاشتراكي وأحزاب الحركة الوطنية عموما، لعبت أدوارا محورية في النضال من أجل الإصلاحات السياسية والدستورية، مشيرا إلى أن هذه المطالب كانت على الدوام محركا أساسيا للحياة السياسية الوطنية، مؤكدا أن فهم دستور 2011 قد تغير بعد مرور 14 سنة، خصوصا في ظل التدافع السياسي والتحولات التي شهدتها البلاد خلال هذه المرحلة.

وأوضح السليمي أن الحديث اليوم لا يتجه نحو تغيير القاعدة الدستورية، بقدر ما يهم إجراء مراجعات على الوثيقة نفسها، مع الحفاظ على الثوابت الوطنية التي تبقى ثابتة، مضيفا أن من بين أهم مستجدات دستور 2011 إدراج “الاختيار الديمقراطي” ضمن الثوابت الدستورية، ما يفرض فتح نقاش مؤسساتي عميق حول سبل تفعيل هذا الاختيار وضمان استمراريته كمرتكز للحياة السياسية.

وقد شكل هذا المحور محطة تأسيسية لتغذية الوثيقة السياسية التي تشتغل عليها اللجنة السياسية، في أفق المؤتمر الوطني الثاني عشر المزمع عقده شهر أكتوبر المقبل، حيث أجمعت المداخلات على أن موجة الإصلاح الدستوري القادمة ينبغي أن تلامس جوهر البناء الديمقراطي، من خلال تقييم نقدي صريح لمرحلة ما بعد 2011، واقتراح آليات لتفعيل النصوص وضمان اتساقها مع التحولات المجتمعية والسياسية التي يعرفها المغرب اليوم.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

السبت 28 يونيو 2025 - 15:47

موجز أنباء العالم حتى الساعة 15:00 من يوم السبت 28 يونيو 2025 

السبت 28 يونيو 2025 - 14:15

إلى متى ستبقى الجزائر رهينة خطاب المؤامرة وصناعة العدو؟

السبت 28 يونيو 2025 - 13:48

كمال لحبيب، سعيد خمري و كمال الهشومي يناقشون تحديات السياسة والانتخابات في أفق المؤتمر الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي

السبت 28 يونيو 2025 - 10:59

ضربة استباقية تجهض مخططًا إرهابيًا خطيرًا في قلب العاصمة الرباط

error: