في وقت تتعالى فيه الأصوات الداعية إلى محاسبة كل من يراكم الثروة من المال العام دون وجه حق، بادر الفريق الاشتراكي بمجلس النواب إلى تقديم مقترح قانون شامل يروم إلى تجريم الإثراء غير المشروع، في خطوة تعكس إصرار حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على المضي قدمًا في معركته ضد الفساد.
لا يكتفي المقترح الذي حمل توقيع مجموعة من النواب البرلمانيين الاتحاديين بتحديد واجب التصريح بالممتلكات، بل يوسّع دائرة التجريم لتشمل كل زيادة غير مبررة في الذمة المالية للمسؤولين أو أصولهم أو ورثتهم، ويعتبر الامتناع عن التصريح أو تقديم بيانات غير صحيحة قرينة كافية لفتح تحقيق قضائي.
المقترح يستند إلى الفصل 36 من دستور 2011 الذي نصّ لأول مرة على تجريم الإثراء غير المشروع، ويستفيد من خلاصات التجارب التشريعية الدولية، خاصة في دول مثل تونس ولبنان والأردن، التي أرست أنظمة قانونية متكاملة لمحاصرة الكسب غير المشروع خارج نصوص القانون الجنائي التقليدية.
يشمل المقترح جميع المسؤولين المنتخبين والمعينين، وكل من يدبر أو يتصرف في المال العام، كما يمتد ليشمل مسؤولي الأحزاب والنقابات والجمعيات المستفيدين من الدعم العمومي. ويمكّن المجلس الأعلى للحسابات من صلاحيات البحث والتدقيق، إلى جانب سلطات قضائية واسعة للنيابة العامة.
في سابقة تشريعية، يُدرج المقترح حالة السكوت عن تضارب المصالح ضمن الأفعال المجرّمة، معتبرًا أن كل من يستفيد مباشرة أو عبر الغير من وضعية وظيفية أو امتياز يؤثر على أدائه، دون التبليغ أو التصريح، يُعد في وضعية إخلال بالواجب المهني، ويستوجب العقوبة.
تتراوح العقوبات بين سنة وخمس سنوات سجنا، وغرامات قد تصل إلى ضعف الأموال المكتسبة بطريقة غير مشروعة، مع مصادرة تلك الأموال، وتجريد المدانين من أهلية تولي أي وظيفة عمومية مستقبلاً. كما يمنح النص القانوني القضاء صلاحية إصدار أوامر استعجالية بالحجز على الممتلكات والمنع من السفر.
يأتي هذا المقترح امتدادًا لتاريخ طويل من مبادرات الحزب في محاربة الفساد وتخليق الحياة العامة، حيث سبق للفريق الاشتراكي أن تقدم بمقترحات نوعية من قبيل إحداث هيئة قضايا الدولة، وتعزيز الشفافية في تدبير المال العام.
وبينما لا تزال الحكومة مترددة في إخراج مشروع قانون جنائي فعال يجرّم الإثراء غير المشروع، يضع الفريق الاشتراكي أمام الرأي العام مشروعًا جاهزًا ومتكاملًا، ينتظر فقط تفاعل الأغلبية الحكومية ومكونات البرلمان.
تعليقات
0