صادق البرلمان الهولندي، مساء الخميس، على مشروعين قانونيين مثيرين للجدل يشددان القيود على طالبي اللجوء والمهاجرين غير النظاميين، في خطوة أثارت قلقًا واسعًا في أوساط الحقوقيين والفاعلين الإنسانيين، لاسيما بعد إدراج تعديل في اللحظات الأخيرة يُجرّم تقديم المساعدة لهؤلاء المهاجرين. ويأتي هذا التطور ليزيد من المخاوف وسط آلاف المغاربة المقيمين بشكل غير قانوني في هولندا، والذين يعتمدون في معيشتهم اليومية على أشكال من الدعم والتضامن الأهلي.
القوانين الجديدة تقلص مدة الإقامة المؤقتة للاجئين من خمس سنوات إلى ثلاث، وتعلّق استقبال طلبات لجوء جديدة حتى إشعار آخر، إضافة إلى فرض قيود صارمة على لمّ شمل الأسر، في توجه يُنظر إليه على أنه يحمل طابعًا زجريًا أكثر منه إصلاحيًا. أما التعديل الذي فجر الجدل، فيقضي بتجريم تقديم أي نوع من المساعدة للمهاجرين غير النظاميين، بما في ذلك الغذاء والمأوى والرعاية الصحية، مما يضع آلاف المتطوعين والعاملين في منظمات إنسانية في مواجهة مباشرة مع القضاء.
وقد دفع هذا التوجه حزب الديمقراطي المسيحي إلى سحب دعمه للمشروع، محذرًا من العواقب الأخلاقية والعملية لتجريم ما وصفه بالأعمال النبيلة التي لا علاقة لها بالتهريب. من جهته، قدّر الصليب الأحمر الهولندي أن عدد الأشخاص الذين يعيشون في البلاد بدون أوراق قانونية يتراوح بين 23,000 و58,000، من بينهم نسبة مهمة من المواطنين المغاربة الذين يعيشون منذ سنوات في وضع هش دون تغطية قانونية أو اجتماعية، مما يجعلهم أكثر عرضة للتشرد والاستغلال، خاصة في ظل التهديد الجديد الذي قد يقطع عنهم حتى أبسط أشكال الدعم الإنساني.
ورغم تمرير المشروعين في مجلس النواب، إلا أن مصيرهما لا يزال معلقًا، إذ ينتظر أن يعرضا على مجلس الشيوخ بعد العطلة الصيفية. وفي حال رفضهما، فستُعاد الإجراءات إلى مجلس النواب لإعادة النظر. لكن الخوف الأكبر لدى الجمعيات والمهاجرين على حد سواء هو أن تكون هذه القوانين، حتى وإن لم تمرّ، مؤشرا على تحول عميق في المزاج السياسي تجاه المهاجرين، وتراجعًا عن القيم التضامنية التي ميزت هولندا لعقود.
الجدير بالذكر أن المغاربة يمثلون واحدة من أقدم وأكبر الجاليات في هولندا، وتشمل فئات عريضة من حاملي الجنسية وأبناء الجيل الثاني، إلى جانب آلاف المقيمين بدون أوراق قانونية، ممن يعيشون في الظل ويواجهون يوميًا صعوبات السكن والعمل والعلاج. ويخشى هؤلاء أن تكون القوانين الجديدة بمثابة رسالة رفض صريحة ستؤدي إلى المزيد من التهميش والعزلة، وربما الترحيل في نهاية المطاف.
في ظل هذه التطورات، ترتفع الأصوات المطالبة بعدم المساس بحقوق المهاجرين الأساسية، وبالتمييز بين العمل الإنساني وشبكات التهريب، كما تتعالى الدعوات لإعادة النظر في السياسات الأوروبية ككل تجاه الهجرة، خصوصًا في الدول التي لطالما شكلت وجهة للمغاربة الباحثين عن مستقبل أفضل.
تعليقات
0