حزب الاتحاد الاشتراكي يأخد زمام المبادرة و هذه مقترحاته بخصوص قانون المالية التعديلي 2020
محمد اليزناسني
الإثنين 8 يونيو 2020 - 10:08 l عدد الزيارات : 20255
قدم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مذكرة تتضمن مقترحاته بخصوص قانون المالية التعديلي انطلاقا من دراسة عميقة للوضع وانطلاقا من تراكمات الحزب في مجال الدراسات المالية والاقتصادية .
ونظرا لأهمية المقترحات وطبيعتها، تقدم لكم أنوار بريس عناصرها الأساسية في محاور كما وردت في مذكرة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
“مع البدايات الأولى لانتشار جائحة «كورونا»، جسدت الدولة المغربية بقيادة جلالة الملك طابعها الاجتماعي أكثر من أي وقت مضى، وبشكل جعل بلادنا مضرب الأمثال في مختلف أقطار العالم.
لقد كان للمبادرات الملكية عظيم الأثر في تجنيب بلادنا مآس غير محسوبة العواقب، فقد تفاعلت الدولة المغربية مع تقارير المنظمات الدولية (منظمة الصحة العالمية، صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، منظمة الأمم المتحدة) بكل عقلانية ورصانة، فتوالت المبادرات الملكية بقيام جلالة الملك باستعمال كل ما منحه الدستور من صلاحيات، سواء على مستوى إمارة المؤمنين، أو رئاسة الدولة، أو القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية لإطلاق المبادرات اللازمة للحد من انتشار الفيروس، الشيء الذي سهل انخراط كل مكونات المجتمع لمكافحة هذا الداء والحد من تبعاته، كل من موقعه.
ولنا أن نفخر بقرار إنشاء «الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد 19» لتغطية النفقات الطبية، وتأهيل الآليات والوسائل الصحية، ودعم القدرة الشرائية للأسر ومساعدة القطاعات الاقتصادية المتضررة والحفاظ على مناصب الشغل. صندوق فاقت مداخيله كل التوقعات، حيث تجاوزت 33 مليار درهم (حوالي 3% من الناتج الداخلي الإجمالي)، بفعل الحس الراقي للتضامن الذي أبانت عنه كل مكونات الشعب المغربي.”
1) حماية صحة المواطنين وضمان العيش الكريم
إن انخراط الاتحاد الاشتراكي في الدفاع عن الحقوق الاجتماعية للمواطنين ليس وليد هذه الأزمة بل إنه مترسخ في ثقافتنا ومرجعيتنا الاشتراكية الديمقراطية وأكدناه في ممارستنا للشأن العام وواظبنا على تضمينه في برامجنا الانتخابية واعتبرناه مدخلا أساسيا لمنظورنا للنموذج التنموي الجديد. لذلك لن نعالج هنا كل القطاعات الاجتماعية ولكننا سنركز على المجالات التي أبرزت هذه الجائحة أهميتها والنواقص التي تعاني منها.
فعلى سبيل المثال لو كان السجل الوطني جاهزا، لكان أسهل بكثير وأنجع توجيه المساعدة لمن يستحق بالقدر الذي يحتاجه بالضبط.ولو أن عدد الأطباء والممرضين ضعف ما نتوفر عليه ومنتشر بشكل أكثر عدالة عبر التراب الوطني، ألن يخفف ذلك من وطأة الجائحة على المستشفيات ويجعلنا أكثر ثقة بقدراتنا الصحية لمواجهتها؟
* المنظومة الصحية
ها نحن اليوم نقف بالملموس في هذه الظروف الصعبة على حيوية تمكين المغاربة من نظام صحة جيد في متناول الجميع. فلا بد من معالجة اختلالات المنظومة الصحية عبر إقرار نظام شامل للمساعدة الطبية يقوم على الإنصاف والعدالة الترابية واعتماد تصور شمولي في معالجة المجال الصحي لا يقوم على النموذج الطبي ذي التوجه الباثولوجي والعلاجي المحض.
للإشارة، فبلادنا ليست في وضعية الدول التي تتوفر على أنظمة صحية قوية والتي لا تحتاج إلا لتقوية إمكانياتها أو الرفع من طاقتها الاستيعابية لمواجهة أزمة «عابرة». هذه الدول قد ترى في الاستثمار الإضافي في مجال الصحة أولوية ظرفية. لكننا في المغرب نعاني هيكليا من ضعف منظومتنا الصحية. وبالتالي فإن هذه الجائحة ما هي إلا حافز يضعنا أمام مسؤولياتنا جميعا للنهوض بهذا القطاع وطي صفحة الماضي المتجاهلة للاختلالات في الخريطة الطبية وقلة الموارد البشرية وضعف الإمكانيات المادية وغياب التغطية الاجتماعية الشاملة.
في هذا الإطار، حري بنا أن نستغل هذه الفرصة لتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام الضمان الاجتماعي من جهة، ولتسجيل كل الفئات الأخرى في نظام «راميد». هذا الأخير محتاج لعملية تبسيط مساطر التسجيل وتحيين المعلومات لتدبيره بسلاسة وبما يخدم مصلحة المواطنين ويصون كرامتهم وكذا بتوعية المستفيدين منه بحقوقهم وتوعية المستشفيات وأطقمها بواجباتهم اتجاه هذه الفئة المجتمعية.
* المنظومة التربوية
لقد سلطت الجائحة وما تبعها من حجر صحي الضوء على قدرة المنظومة التربوية على التأقلم. وهو الأمر الذي يحسب للوزارة والأكاديميات والجامعات والأساتذة على حد سواء.
بحيث وضع الحجر الصحي المنظومة التربوية أمام تحديات جديدة تضاف إلى مهامها المعتادة كالتعليم عن بعد، أو البحث العلمي في الميادين المرتبطة بالوباء ومخلفاته، مما بَين بالملموس الدور المحوري لمنظومة التعليم العمومي من جهة ومحدودية الاختيارات النيو-لبرالية في السنوات الأخيرة من جهة أخرى. وبغض النظر على التشويش الذي جاء من بعض أرباب المدارس الخاصة وعن إشكاليات تكافؤ الفرص أمام الولوج للإنترنت والحواسيب، فإن أسرة التعليم المغربية كانت في مستوى اللحظة سواء من حيث اتخاذ القرار في الوقت المناسب أو تجنيد كل الإمكانيات التقنية لمباشرة الدراسة عن بعد وأخيرا قرار جدولة الامتحانات والدخول المدرسي المقبل.
مما يدل على أن الإصلاح ممكن وأننا لا نحتاج إلا للإرادة السياسية القوية واللحمة الوطنية واستحضار مسؤوليتنا تُجاه الجيل الصاعد. هذه الوضعية الصعبة برهنت كذلك أن التعليم العالي العمومي ليس مجرد قمة لهرم المنظومة التعليمية، بل يجب اعتباره الدعامة الأساسية التي تساهم في تقدم البلاد وفي دمقرطة مؤسساتها وفي بناء مجتمع حداثي تسود فيه العدالة الاجتماعية. فالتعليم العالي العمومي هو الذي ينتج المعرفة الجديدة اللازمة لتكوين الكفاءات الضرورية التي تحتاج إليها البلاد كالأطباء والممرضين والمهندسين والتقنيين والأساتذة والمفكرين والموظفين والمقاولين والفنانين وغيرهم.
من هنا نعتبر أن مجانية التعليم حق للشعب المغربي والتزام وتعاقد من طرف الدولة مع المجتمع، ونشدد على ضرورة توفير العدالة الرقمية واللغوية لكافة فئات الشعب المغربي.
*شبكات الأمان الاجتماعي
أخيرا حلت هذه الجائحة «عقدة» المساعدة الاجتماعية المباشرة التي نطالب بها منذ عقود. اليوم ورغم عدم جاهزية السجل الوطني ولا الوكالة الوطنية للسجلات إلا أن وزارتي المالية والداخلية أبانتا على قدرة كبيرة للتجاوب مع الظرفية وتوزيع إعانات مالية (بمتوسط 1000 درهم) على أزيد من خمسة ملايين أسرة، الشيء الذي يطمئننا على قابلية العمل بنظام شبكات الأمان الاجتماعي التي تستهدف الفئات المعوزة أو الفئات التي تعيش في وضعية هشاشة بشكل مباشر، حتى على مستوى التمويل تُظهر الأرقام أن المبالغ المطلوبة معقولة في حدود ميزانية الدولة إذا تمت معالجة صندوق المقاصة، ودمج الصناديق التي توفر إعانات تدخل في نفس الباب وتدقيق وضعية المستفيدين وتحيينها.
لذلك وجب التعامل بجدية مع المعطيات التي كشفتهاالوضعية الحالية، والتي تمثل بنكا للمعلومات عن حالة البلاد الاقتصادية والاجتماعية، وما أفرزته من حقائق رهيبة بخصوص الهشاشة العامة للاقتصاد، ومايعتريه منضعف، يتمثل في كون الاقتصاد غير المهيكل أكبر بكثير من الاقتصادالمهيكل في المغرب، وهومايستدعي ثورة في التصورالمطلوب لتجاوز الوضع الحالي ولتجاوز الهشاشة، وفرصة سانحة لتفعيل السجل الاجتماعي الشامل الذي طال انتظاره.
تعليقات
0