ساكنة “تيزي أوسول” بجماعة أكلمام، بخنيفرة، تحتضر عطشا فوق أكبر خزان للمياه
أحمد بيضي
الإثنين 17 أغسطس 2020 - 21:06 l عدد الزيارات : 18443
أحمد بيضي
من الصعب على الكثيرين استيعاب أو تصديق أن أوساطا واسعة من ساكنة الأطلس المتوسط عموما، إقليم خنيفرة خصوصا، تعاني أزمة الماء الشروب أو تصارع من أجل جرعة ماء، ذلك طالما أن العديد من المغاربة ومن المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين، يعتقدون أن ساكنة هذه الربوع من البلاد تنعم بوفرة المياه لكونها فوق “خزان مياه المغرب” (château d’eau du Maroc)، كما هو متداول على مسامعهم عبر الملتقيات ووسائل الإعلام، غير أن الواقع يقول عكس ذلك بحسب ما يعلو من نداءات وشكايات ومشاهد سكانية.
فمن بين العديد من المناطق بإقليم خنيفرة، مثل آيت إسحاق، مولاي بوعزة، أجلموس، واومانة، القباب وغيرها، ليس سهلا تصديق ما يفيد أن منطقة تيزي أوسول (تبعد عن منتجع أسول بحوالي 1 كلم)، والمتواجدة داخل النفوذ الترابي لجماعة أكلمام أزكزا الغنية بثروتها المائية والطبيعية، تعاني من ميز غير منطقي، حيث أن بعض السكان القريبين من العيون، المحسوبة على رؤوس الأصابع، هم المستفيدون، فيما الباقي محكوم عليهم بممارسة رحلات يومية، على الأقدام والدواب المحملة بالأوعية البلاستيكية للتزود بالماء الصالح للشرب.
وأكد فاعل مدني أنه في سنة 2015 استبشرت ساكنة تيزي أوسول خيرا لما بادرت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى برمجة مشروع ربط الساكنة بالماء الشروب، بشراكة مع الجماعة الترابية، وبعد إنجاز هذا المشروع (الذي رصد له مبلغا ماليا يقدر ب 655.392,00 درهم)، وإسناد مهام صيانة القنوات واستخلاص فواتير الاستهلاك لجمعية محلية التزمت بتأطير المستفيدين في إطار تعاونية، تم تسجيل عدم استفادة عموم الساكنة من المشروع، والاقتصار، بطريقة تمييزية، على البعض فقط دون آخرين تضمنت وثائق المشروع أسماءهم.
وفي ذات السياق، أفاد ذات المصدر أنه قد تم بناء بعض السقايات التي استفاد منها المحظوظون من الساكنة ممن لا يبعدون عن منبع أسول إلا ببضعة أمتار، فيما تم ربط بعض المنازل مباشرة بشبكة الماء، وكان بديهيا أن يتساءل عدد من السكان بمنطقة تيزي أوسول حول ملابسات إقصائهم من الاستفادة، وهم يبعدون عن المنبع ب 500 إلى 1000 متر، وقد جرى تسجيلهم ضمن لائحة الذين من المفروض أن يستفيدوا من مشروع الماء الشروب؟، وأمامها لم يتوقفوا عن طرق مختلف الأبواب لأجل ضمهم للمستفيدين من هذه المادة الحيوية.
وصلة بالموضوع، أكد مصدرنا أن ساكنة تيزي أوسول فات لها أن تقدمت لرئيس الجماعة قصد معالجة مشكل الولوج إلى الماء،وبعدها تم توجيه مراسلات مذيلة بتوقيعات المعنيين بالأمر لهذا الرئيس، يوم 23 مارس 2016، وأخرى يوم 29 يوليوز 2017، وبعد إلحاح الساكنة وإصرارها على حقها العادل والمشروع والمرتبط بالحياة، اضطر الرئيس إلى ربح الوقت بوعد توسيع المشروع السالف الذكر، حيث ظل الوضع على حاله دون أية تسوية، ولا زالت ساكنة تيزي أوسول تنتظر الذي يأتي آو لا يأتي.
وفي خطوة أخرى، قامت الساكنة المحرومة من الماء، بتاريخ 17 يونيو 2019، بمراسلة عامل الإقليم، وبعده راسلت، يوم 24 شتنبر 2019، المديرية العامة للجماعات المحلية في شأن الموضوع، وخلالها علمت الساكنة أن المراسلة الموجهة لعامل الإقليم قد أحيلت على جماعة أكلمام أزكزا للوقوف على رأيها ومعالجة المشكل، وقيل إن جواب الجماعة اكتفى بأن الجمعية المحلية لا تتوفر على موارد لتوسيع المشروع، وإذا كان فعلا هذا هو جواب الجماعة، يعلق مصدرنا، فماذا ينتظر من مشاريع لا تحترم العدالة المجالية والاجتماعية؟.
ومن بين تساؤلات الساكنة، على حد مصدرنا، كيف يتم بناء مشاريع (من طرف جماعة أكلمام أزكزا) لا تحقق الأهداف التي جاءت من أجلها؟، وما هي المعايير المعتمدة لوضع مؤشرات موضوعية حول نجاعة المشاريع وحول آثار هذه المشاريع على الساكنة؟، لتبقى معاناة سكان تيزي أوسول معاناة مركبة (الجفاف، الآبار المالحة، تقليص مجال الرعي، عدم تعبيد المسالك الطرقية…)، ويبقى المطلب الملح لهذه الساكنة، والذي لا يقبل الانتظار، هو رفع “الحكرة” عنها تحقيق حقها في الماء الشروب على غرار باقي المجاورين للمنبع.
ولم يفت مصدرنا التذكير ببرنامج تقليص الفوارق المجالية والترابية في المناطق القروية، الذي يغطي الفترة 2017 ـ 2023، والذي يهدف إلى فك العزلة عن سكان المناطق القروية والجبلية عبر بناء الطرق والمعابر من أجل تحسين نوعية حياتهم، كما يهدف إلى تحسين وتعميم حصول الساكنة المحلية على الخدمات الأساسية (الكهرباء والماء الصالح للشرب والصحة والتعليم)، هذا البرنامج، الذي رصدت له ميزانية إجمالية قدرها 50 مليار درهم، جاء تنفيذا للتعليمات الملكية الواردة في خطاب العرش لعام 2015 المتعلقة بالجهة.
تعليقات
0