المجلس الإقتصادي و الإجتماعي يكشف إختلالات الأسواق الأسبوعية و واقع التهميش بالوسط القروي

أنوار التازي الإثنين 10 مايو 2021 - 10:46 l عدد الزيارات : 22589

التازي أنوار

قال المجلس الإقتصادي و الإجتماعي و البيئي، إنه لا يمكن تحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية مطردة، ومستدامة دون تنمية العالم القروي. وفي بلادنا، يضم الوسط القروي 40 في المئة من مجموع ساكنة المملكة، ويمتد على 90 في المئة من المساحة الإجمالية للبلاد، كما يضم 85 في المئة من الجماعات القروية، أي ما يعادل 1282 جماعة ، 13 في المئة منها فقط يوجد بها مركز حضري.

وأوضح المجلس في رأيه حول الأسواق الأسبوعية بالوسط القروي، أن هذا الأخير يسجل معدلا منخفضا للتنمية البشرية، ويتسم بتفاوتات إجتماعية و إقتصادية مهمة، كما أن العزلة وأشكال التهميش والفقر تطال بشكل أكبر الساكنة الأكثر هشاشة في القرى المغربية.

و أكد التقرير، على أنه اعتبارا للإمكانات الإقتصادية والإجتماعية، يتعين العمل على إعادة النظر في التعاطي مع السوق، بوصفه مرفقا عموميا، تضطلع بتدبيره الجماعات، وذلك وفق مقاربة ترابية مندمجة. وتشكل الجهوية المتقدمة الجاري تنزيلها، مناسبة سانحة من أجل إدراج عملية تنمية الأسواق في سياسة جهوية متعددة الأبعاد، تشرف على تنفيذها الجماعات الترابية، مع إشراك المصالح اللاممركزة للدولة، والمقاولات العمومية، والخاصة، وفعاليات المجتمع المدني.

و إستنادا إلى تقرير المجلس، فإن السوق يشكل منصة مالية مهمة في الإقتصاد المحلي والجهوي بالنظر لدورها الأساسي في التنمية الجهوية، و تضطلع الأسواق الأسبوعية في الوسط القروي بوظائف اقتصادية وتجارية أساسية، حيث تولد رقم معاملات مهم يساهم في ميزانية الجماعات.

و جاء في التقرير، ” وتتجلى الوظيفة الإقتصادية، التي تعد الوظيفة الأساسية لغالبية الأسواق الأسبوعية، في تداول تدفقات مالية هامة، متأتية أساسا من بيع المواشي، ومن مختلف الأنشطة التجارية الأخرى.” مشيرا إلى أنه ينبغي التمييز بين الإيرادات التي توفرها الأسواق لفائدة الجماعات، وبين التدفقات المالية التي يتم تداولها في السوق. وتتسم مداخيل السوق بكونها قابلة للقياس ويمكن التحكم فيها، إذ تتأتى إما من كراء السوق، أو من التحصيل المباشر للرسوم من لدن الجماعة.”

و أبرز المجلس في رأيه، أن تقديرات الدراسة التي أنجزتها وزارة الداخلية سنة 2013 ، تشير إلى أن المداخيل السنوية للأسواق الأسبوعية تبلغ حوالي 313 مليون درهم، تتكون بنسبة 95 في المئة من مداخيل الإيجار، والتي تبلغ في المتوسط 400 ألف درهم لكل سوق. ولا تتجاوز مداخيل 70 في المئة من الأسواق سقف 200 ألف درهم في السنة، وتتراوح وجيبات الإيجار بين 2000 درهم و7 ملايين درهم، حسب نوع السوق.

و أكد المصدر ذاته، أنه رغم المساهمة القوية للأسواق في تنشيط الإقتصاد المحلي والجهوي، تظل الإمكانات الإجتماعية، والإقتصادية، والثقافية التي تتيحها غير مستغلة بالقدر الكافي، وأن الطريقة المعتمدة في تدبير الأسواق الأسبوعية من طرف المسؤولين العموميين، ومختلف المتدخلين لا تضمن أداء اقتصاديا قويا.

و أبرز التقرير، أن تحليل واقع حال الأسواق الأسبوعية بالوسط القروي، يظهر استمرار جملة من الإختلالات تهم أساسا عدم وضوح دفاتر التحملات، وإلتزامات الأطراف المتعاقدة، وعدم توفر الجماعات على الموارد البشرية المؤهلة اللازمة لمواكبة التدبير، والمراقبة المستمرة لتنفيذ عقود التدبير، بالإضافة إلى عدم وجود أسقف بالسوق، وعدم تبليط أرضية السوق، ونقص ملحوظ في تنظيم المهن التقليدية، فضلا عن تقادم البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية، و غياب معايير لتوزيع الفضاءات داخل السوق، و استغلال غير معقلن لفضاءات السوق، حسب المهن، وكذا ضعف المداخيل المالية، مقارنة مع مؤهلات الأسواق، و عدم تسوية الوضعية القانونية للوعاء العقاري لثلثي الأسواق الأسبوعية.

كما يظهر التحليل حالة الطرق غير المصنفة، والمسالك القروية الأكثر استعمالا في الوسط القروي، التي تشكل عائقا كبيرا يحول دون تيسير ولوج الساكنة القروية إلى الأسواق خلال فترات هطول الأمطار.

وشدد التقرير، على أنه من بين الإشكاليات الأساسية التي تعيق النهوض بتسويق المنتجات المحلية في الأسواق القروية، تتمثل أساسا في ضعف جاذبية الأسواق القروية بسبب نقص جهود التحسيس والتواصل مع المنتجين المحليين المتدخلين على امتداد سلسلة القيمة، و ضعف تثمين المنتجات المحلية ومحدودية تنظيم وهيكلة الإنتاج، وكذا صعوبات في تسويق المننتجات المحلية القروية نظرا لكون صغار التجار العاملين في الوسط القروي يتعرضون للخسارة على واجهتين: فمن ناحية يظلون دائما في تبعية لكبار التجار خاصة الوسطاء، ومن جهة ثانية يواجهون صعوبات في الإنتاج مرتبطة بعدم كفاية الوسائل وبالتقلبات.

و لاحظ التقرير أنه لا يتم إدماج السوق كتراث تاريخي وثقافي في السياسات العمومية، والمشاريع المحلية ذات الصلة، مما يحد من المبادرات المتخذة من أجل الحفاظ على هذا الإرث والنهوض به.

وترتكز هذه الجوانب على عدم مراعاة الجانب الثقافي بالقدر الكافي في برامج التنمية التي تسهر عليها المصالح اللاممركزة، والجماعات الترابية، وعدم تثمين الأنشطة، والمهن التي من شأنها تحفيز الوظيفة الثقافية للأسواق والدفع بها، بشكل يجعلها تساهم في النهوض بالسياحة المحلية، والقروية، وبث دينامية إيجابية داخل المناطق المجاورة للسوق، ومن شأن إحداث مطاعم، وفضاءات للتنشيط والترفيه بالأسواق، أن يعزز هذه الدينامية المنشودة، وكذا عدم إدراج الوظيفة الثقافية للسوق، كأولوية ضمن برامج التنمية، لكل من مجالس الجماعات والعمالات، والأقاليم، والجهات، وكذا القطاع الوزاري المكلف بالثقافة.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:57

وضعية تحملات وموارد الخزينة تفرز حاجيات تمويل بقيمة 15,5 مليار درهم

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:51

المجلس الأعلى للسلطة القضائية يناقش مستقبل التكنولوجيا الحديثة في المجال ‏القضائي

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:50

مندوبية التخطيط تقف عند ارتفاع الأسعار…

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:44

جماعة سيدي قاسم تبرمج فائض ميزانية 2024 في مشاريع لإعادة الهيكلة والبنية الكهربائية والحماية من الفيضانات

error: