تراشق بين الحكومة الاسبانية والمعارضة بخصوص الأزمة بين مدريد والرباط .. اتهامات بالإخفاق والخيانة بين الطرفين

عزيز الساطوري

واصلت الحكومة الإسبانية ووسائل إعلام عديدة هجومها على المغرب، في محاولة لتحويل أنظار الرأي العام الداخلي والأوروبي والدولي عن السبب الحقيقي للأزمة التي تسبب فيها قرار حكومة مدريد استقبال زعيم الجبهة الانفصالية المتابع بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وقضايا اغتصاب، بشكل سري وبهوية مزورة بعد اتفاق مع الجزائر، وهو ما دفع المغرب إلى الاحتجاج على هذا السلوك الذي يضرب في العمق علاقات التعاون وحسن الجوار بين البلدين.

وفي هذا الإطار، أعلنت النائبة الأولى لرئيس الحكومة، كارمن كلافو، أن ما حدث في سبتة المحتلة، ليس أزمة مرتبطة بالهجرة وإنما « هجوما على الحدود» مضيفة أن الحدود المصطنعة هي حدود أوروبية.

ودافعت المسؤولة الإسبانية، التي كانت تتحدث أمس إلى التلفزيون الإسباني، عن استقبال المدعو إبراهيم غالي، معتبرة أن ذلك يدخل في إطار القرارات السيادية لإسبانيا، قائلة « نحن بلد ذو سيادة مثل المغرب ولا نتدخل في السياسة الخارجية للمغرب» مضيفة أن موقف حكومتها من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية لم يتغير، وأن إسبانيا لديها أيضا علاقات قوية مع دول شمال إفريقيا مثل الجزائر.

وحول المطالب التي عبرت عنها عدة أطراف إسبانية، بطلب تدخل ملك إسبانيا للتوسط في حل هذه الأزمة، قالت كارمن كلافو، بأن حكومتها لم تطالب بذلك، مضيفة أن الحكومة لا تقحم الملك في القضايا السياسية.

من جهتها ذكرت وزيرة الدفاع، مارغاريتا روبلس، أنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن عودة المهاجرين الذين عبروا الحدود،الوهمية، معتبرة في لقاء مع القناة التلفزية الخامسة، ان الحدود المصطنعة مع الثغرين المحتلين حدودا أوروبية وأن الوحدة الترابية لإسبانيا غير قابلة للتفاوض، حسب قولها، كما أشارت إلى أن مدريد تفضل العمل عبر القنوات الدبلوماسية .

من جهته اعتبر وزير الداخلية فرناندو مارلاسكا أن استقبال إسبانيا للمدعو إبراهيم غالي كان ل»أسباب إنسانية» محملا المغرب المسؤولية في ما اعتبره انتهاكا لحدود إسبانيا.

وكانت مصادر إسبانيا قد أشارت إلى أن فرناندو مارلاسكا قد حذر من عواقب استقبال زعيم الجبهة الانفصالية وتأثير ذلك على علاقات إسبانيا مع المغرب.

من جهة أخرى، وفي سياق الحملة التي تشنها على المغرب العديد من الأوساط الإسبانية، طالبت منظمات المزارعين ومربي الماشية في الأندلس بوقف العمل بالاتفاقيات التجارية والفلاحية التي تربط المغرب مع الاتحاد الأوروبي، وقال مسؤول عن هذه المنظمات إنه تم توجيه رسالة بهذا الخصوص إلى الأعضاء الإسبان بالبرلمان الأوروبي والسلطالت الحكومية المختصة ، كما طالب ممثلو حزب فوكس اليميني المتطرف، في البرلمان الأوروبي، بإرسال لجنة إلى مدينة سبتة المحتلة من أجل تقييم الأزمة و»الهجوم المغربي على إسبانيا» حسب زعمه.

وتؤكد هذه التطورات نهج التصعيد الذي اختارته إسبانيا في مواجهة الأزمة التي تسببت فيها قرارات حكومة مدريد، والتجييش والافتراء الذي تقوم به وسائل الإعلام تجاه المغرب، والذي سيزيد من تعميق الفجوة، والتي رغم ذلك لم تفلح في إخفاء الصراعات الداخلية التي خلفتها القرارات الحكومية في ما يخص علاقة إسبانيا بالمغرب.

وفي هذا الإطار واصل زعيم الحزب الشعبي المعارض، بابلو كاسادو، اتهامه للحكومة التي يقودها بيدرو سانشيز في التسبب بإلحاق الضرر بالعلاقات مع المغرب، متهما إياها بالإخفاق في تدبير مختلف الملفات المتعلقة بالسياسة الخارجية وعلى رأسها المغرب، ووجه كاسادو أصابع الاتهام إلى حزب «بوديموس»، الذي حمله مسؤولية تدمير العلاقات بين البلدين والتي لم يواجهها رئيس الحكومة بالحزم المطلوب.

وأمام هذه الاتهامات، هاجم حزب «بوديموس» الحزب الشعبي المعارض متهما زعيمه كايادو بالخيانة، وهو ما يؤشر على التصدع المتواصل للجبهة الداخلية في إسبانيا رغم محاولات الحكومة ترميمها وتوحيدها في الحملة ضد المغرب.