المناطق الحدودية تسائل تدابير الحكومة لدمج ساكنتها في عجلة التنمية..
أنوار التازي
الثلاثاء 23 نوفمبر 2021 - 11:51 l عدد الزيارات : 18350
التازي أنوار
بعد أن قدم المجلس الاقتصادي و الإجتماعي والبيئي، ملاحظاته حول الوضعية عند المعابر الحدودية بين المغرب والثغرين المحتلين سبتة ومليلية، والتطورات المتسارعة المصحوبة بنقاش عمومي حـول الجوانب الإنسانية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية لهذه الإشكالية، طرحت من جديد قضية إيجاد بدائل لساكنة المناطق الحدودية ودمجها في التنمية المحلية والترابية.
و طرح النواب البرلمانيين، المشاكل التي تعاني منها المناطق الحدودية، خاصة المضيق و الفنيدق و الناظور، مع إرتفاع معدلات البطالة والتداعيات السلبية لجائحة كورونا على كافة المستويات.
وأدت الوضعية المرتبطة بتجارة التهريب، بهذه المناطق إلى إقامـة منظومـة خارج القانون حول الثغرين المحتلين وعلى طول سلسلة القيمة، و هو محيط تطبعـه علاقة الخوف و الخضوع و الإحساس بالظلم، والتي تطورت فيها جميع أنواع خرق القانونّ و الشطط في اسـتعمال السلطة و الرشوة و الإثراء غيـر المشروع، بسبب دائـرة الإرتشاء و مختلف أنـواع الاتجار غيرْ القانونـي. وقـد أفضـى هـذا الوضع إلى نشر ثقافـة انعدام ثقة الساكنة فـي السلطات. حسب ما كشف عنه المجلس الإقتصادي و الإجتماعي.
و يسائل هذا الوضع، التدابير المتخذة من قبل الحكومة، و الإجراءات الإستعجالية لكل القطاعات المتدخلة، للحد من معاناة الساكنة، و خلق وحدات إنتاجية و تشجيع الإستثمار، لإمتصاص معدلات البطالة.
وفي هذا السياق، ساءل الفريق الإشتراكي بمجلس النواب، وزير الصناعة و التجارة خلال جلسة الأسئلة الشفهية الاسبوعية، عن التدابير المتخذة من قبل الحكومة لإدماج ساكنة المناطق الحدودية في النشاط الاقتصادي، خاصة بعد إغلاق معبر باب سبتة و التداعيات السلبية للجائحة.
وأكد الفريق الاشتراكي، على أن هذه المناطق تعاني الكثير من المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية، و هو ما أدى إلى تذمر عارم لدى الساكنة، دون أن تجد الحلول المناسبة للحد من معاناة فئات مجتمعية واسعة.
و أضاف الفريق في تعقيبه على عرض وزير الصناعة و التجارة، أن ما زاد من معاناة هذه المناطق، التداعيات السلبية لجائحة كورونا التي أثقلت كاهل ما تبقى من المقاولات الصغرى و المتوسطة.
و ذكر الفريق الإتحادي، أن هذه المناطق الحدودية وخاصة بجهة الشمال، كانت تنتعش بالتهريب المعيشي في وقت سابق، لكن مع إغلاق المعبر الحدودي لم تجد هذه المدن أية برامج و مخططات لتشغيل عجلة نشاطها و خلق فرص الشغل.
و طالب الفريق وزير الصناعة والتجارة، باتخاذ تدابير استعجالية لإعادة نشاط المقاولات الصغرى و المتوسطة التي عانت بشكل كبير من الجائحة، و تراكمت عليها الديون و وجدت نفسها أمام سيف الإفلاس.
و كان تقرير المجلس الإقتصادي و الإجتماعي، قد تحدث عن السـلطات المغربيـة التي كانت تسعى، قبـل إغلاق المعبريـن، إلـى تحقيـق هـدف مـزدوج، مـن جهـة، كان ينبغـي علـى السـلطات العموميـة تجنـب أي توتـر اجتماعـي، بالنظـر إلـى عدم وجود فرص شـغل كافية فـي المناطق المحاذيـة لسـبتة ومليليـة، و مـن جهـة أخـرى، فـإن التعايـش فـي هـذه المناطـق، بيـن التهريـب والسـلطات العموميـة، كان يسـمح للدولـة بإبقـاءِ هـذه الأنشـطة بادية للعيـان و خاضعـة للمراقبـة.
و حسب معطيات رسمية، قدر حجم تدفق السلع المهربة بسبتة و مليلة ما بين 15 و 20 مليار درهم في السنة، وتهم بشكل أساسي المواد الغذائية و الملابس و إطارات العجلات و السيارات، و مستحضرات التجميل و الأجهزة الإلكترونية و الكحول، و بالتالــي فإن المستفيد الأول من التهريب هــم المنتجون الإسبان، الذين يوجهون منتجاتهم بكيفية غير قانونية إلى المغرب عبر سـبتة و مليلية، ناهيك عـن تداعياتهــا علــى الأنشــطة الأخرى المرتبطة بها فــي المحتلتين.
وذكر التقرير، أن النشـاط الإقتصادي لـكل مـن سـبتة ومليليـة يعتمـد، بصـورة أساسـية، علـى السـوق الإسـتهلاكية المغربية التي تمتص حوالي 80 بالمئة من السلع القادمة من الثغرين.
و جاء في تقرير المجلس، “يعتبر النسيج الإقتصادي للمقاولات الوطنية، مـن بيـن الفاعليـن الذيـن يعانـون كذلـك بشـكل كبيـر مـن نشاط التهريب عبر سبتة ومليلية، ولاسيما قطاعات الصناعة والمواد الغذائية والنسيج والألبسة، كما تأثرت مالية الدولة إذ فاقت الخسائر الضريبية ما بين 4 و 5 مليارات درهم خلال سنة 2018، بالاضافة إلى مخاطر صحية كبيرة عند إستهلاك تلك المواد المهربة.”
و أوصى المجلـس باعتمـاد ثـلاث مجموعـات مـن التوصيـات، ذات الصلـة بالمشـاكل الناجمـة عن إغلاق المعبرين الحدوديين. فالمجموعـة الأولى مـن هـذه التوصيـات ذات طبيعـة عرضانيـة تتعلـق بنمـط الحكامـة. ذلـك أن هـذه الأخيـرة تعتبر شرطا لازما لنجاح أي استراتيجية في هذه المناطق لإستعادة الثقة.
و ترتبط المجوعة الثانيـة، بالتدابيـر علـى المـدى القصيـر، حيـث تهـدف إلـى خلـق فـرص للأشخاص الذيـن فقـدوا عملهـم، سـواء كتجـار أو كممتهنين للتهريب المعيشي، بعد إغلاق نقــاط العبــور.
أمــا المجموعـة الثالثـة مــن التدابيــر فترتبــط بالمــدى المتوسـط و الطويل، و تسـعى إلـى النهـوض بالتنميـة فـي هـذه المناطـق، مـن خلال اقتـراح مسـالك اسـتراتيجية تهـدف إلـى الحـد مـن الفـوارق علـى مسـتوى التنميـة الإجتماعيـة و الإقتصاديـة مـع الجـار الإسباني، وتوفيـر الشـروط اللازمة لتحسـين جاذبيـة هـذه المنطقـة.
تعليقات
0