أحمد بيضي
الثلاثاء 11 يناير 2022 - 22:40 l عدد الزيارات : 18218
+ محمد باجي (°)
كان “عبد السلام”، الذي ينحدر من وسط فقير، يسد حاجياته ببيع بعض المواد الغذائية بدكانه في حي شعبي. كان يحقق نوعا من السلم الاجتماعي وهو يوفر حاجيات زبنائه عن طريق “كنانيش الدَّين” إلى نهاية كل شهر أو أكثر، أو دون أن يرى مجددا بعض المتزودين منه، بل إنه هو الآخر كان يتعامل مع أصحاب السلع والمزودين بواسطة كمبيالات يؤدي أقساطها كلما وفرت له عمليات استخلاص ما بالكنانيش قدرا ماليا يفي بالغرض…
كان يدبر الأمور على هذه الشاكلة لست سنوات تقريبا، ولم ييأس من المشاركة في مباريات التوظيف على اعتبار أنه حاصل على دبلوم يؤهله للوظيفة، ولم يتحقق له هذا المراد إلا مؤخرا، فترك محله متابعا بكثير من ديون المزودين كما تركه زبناؤه دون أن يؤدوا ما بذممهم من ديون لصالحه…
كان في تلك الليلة، التي غادر فيها بلدته نحو المدينة التي سيشتغل فيها موظفا بسيطا، قد حصل على قرض إضافي من أحد معارفه ليقضي به حاجاته إلى حين حصوله على “الرابيل” بعد سنة من العمل… أمضى السنة بأكملها بصعوبة تامة نتيجة غلاء الكراء والمعيشة بالمدينة الغول التي نادته منها “خبزته”، ولما تحصل على “الرابيل” عاد إلى البلدة وسوى ما بذمته من ديون لأصحاب السلع والمزودين، أما أولئك الذين على ذممهم مستحقاته فلم يزيلوا عنها ولو درهما واحدا، بل إن أغلبهم يتفادونه كلما صادفهم… قضى ما عليه وعاد إلى عمله مجددا بعد شهر من الراحة، التقى فيه أهله وقضى بعض أوطارهم…
كان، وهو على متن الحافلة قد تذكر “السعدية” ابنة الجيران التي سلبت عقله… “حتما سأعود لأطلب من أبيها يدها للزواج” هكذا كلم نفسه باعتداد، وكان له ما أراد بعد عودته في ثاني عطلة مهنية له… السعدية ستصير زوجة له لكن بعد عرس أثقلت تكاليفه رأسه وهو يعدها ..
من أين له بكل هذا المال ليحقق زيحته، على الأقل لن تكفيه أربعة ملايين سنتيما، زد على ذلك الذي سيلي العرس من أحابيل الحياة الزوجية… كان يفكر كل مرة في طريقة تأمين المبلغ والصيف موعد العرس على الأبواب… فسقطت في باله فكرة يا ليته لم تلف بعقله أبدا… لم يفكر كثيرا بل تسرع وها هو قد توصل في حسابه البنكي بمبلغ مالي على أساس قرض للاستهلاك….
جرى العرس وليلة الدخلة المكلفة وجر المسكين أوزاره عائدا إلى العمل رفقة السعدية التي لم تكن أبدا فأل سعد له… لقد فتحت الشابة البدوية عينيها في المدينة الغول وأصبحت مطالبها كثيرة، وكان المسكين كل مرة يعتقل نفسه بقرض جديد، لا يزيد معه إلا ثقل جديد على أثقاله، إلى أن تركته السعدية طالبة طلاقها… فكان لها ما أرادت… أما هو فما يزال معتقلا بلا أصفاد….
تعليقات
0