عملية تزوير بإقليم خنيفرة للاستيلاء على عقارات بمولاي يعقوب، تخدع مشرداً وتورط شهوداً وموظفين
أحمد بيضي
الإثنين 19 سبتمبر 2022 - 21:43 l عدد الزيارات : 24464
أنوار بريس
يتابع الرأي العام في إقليم خنيفرة، باهتمام بالغ وواسع، تطورات ومستجدات المتابعين في “ملف التزوير” الذي كان تفجر على ضوء شكاية تقدم بها لوكيل الملك، لدى ابتدائية خنيفرة، أحد المواطنين بمريرت، بصفته متورطا وضحية عملية نصب واحتيال، بعد إقدام بعض الأشخاص على استصدار مجموعة من الوثائق لفائدته، وإنجاز بطاقة تعريف وطنية بهدف الاستحواذ على مجموعة من العقارات التي قام بالتوقيع على وثائق تخصها بوصفه وريث شرعي، وفات لوكيل الملك أن أمر بمتابعة 6 متهمين في حالة اعتقال و2 في حالة سراح بكفالة، بينهم عون سلطة وموظف جماعي بجماعة أم الربيع ومياومون.
وفور إحالة ملف القضية على المصلحة الجهوية للشرطة القضائية تم توسيع التحري والتحقيق، مع الاستماع للأطراف المتورطة، والبداية من “رأس الخيط” صاحب الشكاية (ب. بوسعيد)، وهو سبعيني دون سكن ولا عمل قارين، ولا حتى بطاقة وطنية، ويوجد بمريرت، ينحدر من آيت سيدي بوموسى ببومية، والبطاقة الوطنية المبنية على التزوير تدعي أنه مزداد بآيت بوعريف بجماعة أم الربيع، وذلك بعد أن فوجئ بأحدهم (أ. احماد) يعرض عليه إمكانية مساعدته في الحصول على هذه البطاقة، بعدما تكلف شخصيا، وفي ظروف ملتبسة، بإعداد الوثائق ومصاريفها لإنجاز الوثيقة المذكورة التي جاءت باسم عائلي جديد مع تغيير اسم الأم (صفية) والأب (مجهول).
ولم يترك “أ. احماد” للرجل المستهدف أدنى وقت للتساؤل حول الأسباب والأهداف، عندما فاتحه في الموضوع، وفي سبب مساعدته في الحصول على بطاقة التعريف الوطنية، وذلك للمشاركة في عملية الحصول على عقارات كثيرة في ملكية امرأة ثرية (صفية) متوفاة بمولاي يعقوب، على أساس إدراج اسمه كوريث شرعي ووحيد لها، لتبدأ الخطة بلقاء ثلاثي بإحدى مقاهي مريرت مع شخص قادم من إيموزار كندر (ا. إدريس)، الذي أقنع الرجل بالتوقيع على مجموعة من الوثائق للوصول للعقارات، والاستفادة من حصة الغنيمة، وبعد حوالي شهرين قام (أ. احماد) باستدراج الرجل إلى مكتب للعدول بمريرت للتوقيع على وثائق يجهل محتواها ولا مضامينها، حسب قوله.
وبين الفينة والأخرى، كان (أ. احماد) وصديقه (ا. إدريس) يستدرجان الرجل إلى مكتب العدول المشار إليه، للتوقيع على الوثائق، في استغلال واضح لطمعه في المال والثراء، ولسنّه وجهله القراءة والكتابة، وقد تمكن العنصر (أ. احماد) من نقله على سيارته الخاصة صوب مدينة فاس، حيث التقيا ب (ا. إدريس) وشخص ثالث جاء متأبطا لعدد من الوثائق التي دفع بالرجل إلى توقيعها كلها، قبل أن يضعون بيده مبلغا ماليا قدره 500 درهم، مقابل إيهامه بمنحه نصيبه كاملا فور إتمام صفقة بيع العقارات المعلومة، غير أنه بعد مرور عدة أشهر من التماطل والتسويف، اكتشف الرجل (ب. بوسعيد) في الأخير أنه ضحية عملية خدعة واحتيال واستغلال.
وبناء عليه، شرعت عناصر الشرطة القضائية، بتعليمات من وكيل الملك لدى ابتدائية خنيفرة، في اجراءاتها القانونية، والبداية من إلقاء القبض على (أ. احماد)، باسمه الحقيقي، ووضعه رهن تدابير الحراسة النظرية، مع إخضاع منزله للتفتيش، وحجز كل ما له علاقة بملف القضية، حيث تم العثور على مجموعة كبيرة من النسخ عبارة عن توكيلات وإشهادات وإحصاءات تركة وعقود شراء، وبطائق تعريف وطنية لأشخاص من مريرت، أجلموس، تاونات، وغيرها، وأثناء الاستماع لأقواله لم يتردد في الاعتراف بالمنسوب إليه، وأنه، “بتخطيط من (ا. إدريس) تمكن من استدراج 12 شاهدا لإنجاز بطاقة تعريف وطنية للرجل (ب. بوسعيد) الذي قام بتوكيله في كل الإجراءات الإدارية”.
وفي سياق توسيع تحرياتها وتحقيقاتها الميدانية في تفاصيل وظروف الملف المثير والمتشابك، توجهت عناصر الشرطة القضائية لمكتب العدول بمريرت، الذي لم ينكر “عملية تسليمه للرجل المعني بالأمر (ب. بوسعيد) وثيقتين تتعلقان بإراثة ووكالة مفوضة”، قبل انتقال ذات العناصر نحو قسم التوثيق بمركز القاضي المقيم بمريرت من أجل الحصول على مطابقة للأصل من الوثيقتين المذكورتين، دون أن يفوت ذات العناصر الأمنية مطالبة (أ. احماد) باستدراج المدعو (ا. إدريس) هاتفيا عبر رقمه الهاتفي، غير أن هاتف الأخير ظل يرن دون مجيب، الأمر الذي أثار استغراب المتصل الذي أكد للشرطة “أنه ليس من عادة المتصل به عدم الرد على مكالماته”.
كما توجهت عناصر الشرطة ل “شهود عقد الإراثة المزور” الذين أكدوا صحة توقيعاهم، إما بحسن نية على خلفية معرفتهم بالرجل (ب. بوسعيد)، أو بواسطة شخص من المعارف، أو بمقابل مادي عبارة عن مساهمة صغيرة، الأمر الذي حمل عناصر الشرطة إلى اعتقال البعض من الأطراف الواردة في التحقيق، لتتوجه بعد ذلك إلى مقر جماعة أم الربيع، واستدعاء موظف بقسم تصحيح الامضاءات (س. لكبير) الذي حاول أول الأمر التخلف عن تلبية الاستدعاء، ليتم إيقافه والعثور بقائمة اتصالات هاتفه النقال على رقم المدعو (ا. إدريس) المنحدر من إيموزار كندر، كما تم تسجيل توصله عبر تطبيق الواتساب بصورة لعقد الإراثة الوهمي الذي يخص (ب. بوسعيد).
وعلى ضوء وقوف عناصر الشرطة على وجود اسم (ب. بوسعيد) بسجل المصلحة، وعلى نسخة كاملة من رسم الولادة للأخير، أشير بمضمونها لحكم صادر في الرابع والعشرين من ماي 2021، عن مركز القاضي المقيم بمريرت في ملف عدد 131/ 2021، ذلك قبل قيام عناصر الشرطة، بتعليمات وكيل الملك، بوضع موظف قسم تصحيح الامضاءات بجماعة أم الربيع (س. لكبير) تحت تدابير الحراسة النظرية، مع إخضاع هاتفه النقال للخبرة التقنية، والذي “نفى نفيا قاطعا علاقته بإنجاز بطاقة التعريف ل (ب. بوسعيد)، وأنه لم يقم إلا بإرشاد الأخير للوثائق التي يجب توفيرها من أجل إنجاز الوثيقة”، فيما نفى حصوله على أي مبلغ مالي ورد في مجريات التحقيق.
وبخصوص المدعو (ا. إدريس) اكتفت عناصر الشرطة بجمع ما يتعلق به من معلومات، وهو مزداد بصفرو، ويقطن بإيموزار كندر، وأنه غادر مقر سكناه نحو وجهة مجهولة، بمعية أفراد أسرته، وجرى تحرير برقية بحث وطنية بشأنه، فيما لم يفت عناصر الشرطة تنفيد تعليمات وكيل الملك، بعد طلب موجه لعامل الاقليم، بالاستماع لعون سلطة معني بدوار آيت بوعريف فلات، ولخليفة قيادة الحمام، الأخير الذي أكد “تأشيره فعلا على شهادة ولادة باسم (ب. بوسعيد)، بناء على نتائج البحث المجراة من طرف عون السلطة (ل. اسماعيل)، وأنه يجهل الشخص المعني بهذه الشهادة”، مضيفا أن الوثائق المدلى بها من جانب عون السلطة “توجد بأرشيف مقر القيادة”.
وفور ذلك، تم الاستماع لعون السلطة الذي اكتفى بما يفيد أن (ب. بوسعيد) فات له أن “تقدم إليه فعلا بطلب الحصول على وثائق من أجل إنجاز بطاقة التعريف الوطنية، والمتمثلة في شهادة الحياة، شهادة عدم التسجيل بسجلات الحالة المدنية لجماعة أم الربيع، شهادة إثبات النسب وشهادة عدم تسجيل الأم”، وفي سبيل ذلك صرح عون السلطة بأنه طلب من المعني بالأمر “تحرير إشهاد موقع من طرف ثلاثة شهود ومصادق عليه بمصلحة تصحيح الإمضاءات يثبت كونه مجهول الأب والابن الشرعي والحقيقي للمسماة صفية (مالكة العقارات)”، وبناء عليه قام – عون السلطة – بتحرير الوثائق المطلوبة وتسليمها للمعني بالأمر بمكتب الموظف (س. لكبير).
ومن خلال التحريات والتحقيقات الميدانية، تم التوصل إلى ما يفيد أن “موظف مصلحة تصحيح الإمضاءات متورط في تصحيح إمضاء الوثيقة التي تزعم أن (ب. بوسعيد) هو الإبن الشرعي والحقيقي للمسماة (صفية)”، ورغم تشبت هذا الموظف بأقواله السابقة، تم إلحاقه بمعتقلي ملف القضية المعروضة حاليا أمام القضاء، وذلك أمام مطالب تنادي ب “توسيع دائرة التحقيق والتحري لتشمل كل الأطراف، من متورطين ووسطاء وسماسرة محتملين ومشتبه بهم، مع ضرورة الوصول للمبحوث عنه المدعو (ا. إدريس) بوصفه حلقة أساسية في الملف”، وتوقيفه سيساهم في فك جوانب مفقودة من هذا الملف الذي لا يستبعد المتتبعون له أن يعرف المزيد من التطورات.
تعليقات
0