عبر الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، عن رفضه القاطع فرض ضريبة استثنائية على شركات المحروقات مدعيا أن «الضريبة في العالم تفرض على الأرباح»، وقال لقجع خلال ندوة صحفية، أول أمس الثلاثاء، خصصت لتقديم مشروع قانون المالية، إنه لن تطبق ضريبة استثنائية أو خاصة على الأرباح الزائدة لشركات المحروقات، وعلل موقفه بعدم إمكانية تتبع رقم معاملات هذه الشركات، وقال « إن هذه الشركات لو حققت ربحا خلال سنة ما وطبقت عليها نسبة معينة من الضريبة فما العمل إذا لم تحقق ربحا في السنة الموالية، ولهذا لا يمكن تتبع الشركات بهذه الطريقة».
وشدد الوزير على «أن الضريبة في العالم تطبق على رقم المعاملات والأرباح الصافية بغض النظر عن نشاط الشركة.» ولهذا، اتجهت الحكومة نحو تطبيق نسبة 35 في المائة على الشركات التي يفوق ربحها 100 مليون درهم مع الحفاظ على الضريبة التضامنية بنسبة 5 في المائة.
من جانب آخر قال لقجع، إذا كان هناك تعريف للثروة من غير الأرباح، فلنتفق عليه، وقال «نحن نضرب الربح، وهذا كله يأتي في إطار ترسيخ ثقافة التعاضد والتضامن في المجتمع، لذلك من يربح أكثر يؤدي أكثر، وهو ما سيمكننا من تمويل برنامج الحماية الاجتماعية، وارتباطا كذلك بإصلاح المقاصة والاستهداف وما إلى ذلك».
وجاء كلام الوزير لقجع، أول أمس، متناقضا تماما مع التوصيات الأخيرة لمجلس المنافسة الذي حث على «توسـيع نطاق النظام الجبائي المطبق حاليا على القطاعات المحمية، ليشـمل أسواق توزيع المنتجات النفطية، مع إقرار ضريبة اسـتثنائية علـى الأرباح المفرطة لشـركات استيراد وتخزين وتوزيع الغازوال والبنزين».
كما يتناقض موقف الوزير، الذي يدافع بشكل ضمني عن مصالح لوبي المحروقات، مع الأصوات التي ارتفعت في العالم بأسره، داعية إلى تضريب شركات المحروقات ذات الربح الفاحش من أجل تخفيف العبء على القدرة الشرائية للأسر، حيث دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في نهاية غشت الماضي، شركات النفط والغاز إلى مواجهة فرض ضرائب خاصة عليها، بسبب أرباحها الكبيرة مؤخرا، محذرا من انهيار المزيد من الحكومات. وحث الأمين العام للأمم المتحدة الحكومات على فرض الضرائب على الشركات التي حققت أرباحا طائلة ووصفها بأنها نوع من «الجشع البشع». وحذر غوتيريش من أن ارتفاع أسعار الطاقة سيكون له عواقب واسعة النطاق، حيث تنهار الحكومات في جميع أنحاء العالم تحت الضغط. وقال إن «العديد من البلدان النامية غارقة في الديون، دون الحصول على التمويل، وتكافح من أجل التعافي من جائحة كوفيد-19، وقد تكون على حافة الهاوية».
وبالفعل فقد بادرت العديد من الدول المتقدمة إلى فرض ضرائب على شركات المحروقات، وعلى رأسها إيطاليا التي قرر رئيس حكومتها السابق ماريو دراغي إطلاق حزمة واسعة من التدابير لدعم القدرة الشرائية للمواطنين ومواجهة التضخم الذي فاق 6 في المائة. وبلغت كلفة هذه الإجراءات 14 مليار أورو، تنضاف إلى 15.5 مليار أورو التي أقرت سابقا، أي ما يناهز في المجموع 30 مليار أورو.. ومن جملة هذه الإجراءات، منح مساعدة مالية قدرها 200 أورو لـ 28 مليون إيطالي يقل دخلهم عن 35 ألف أورو سنويا، وتقديم مساعدات مالية للشركات التي تستهلك الطاقة بكثافة، وكذا سن تخفيض ضريبي على الوقود البالغة قيمته 30 سنتيم أورو على كل لتر.. بالإضافة إلى كل هذه الإجراءات، عمدت الحكومة الإيطالية إلى فرض ضريبة إضافية على أرباح الشركات الكبرى في قطاع المحروقات نسبتها 10 في المائة خلال مارس 2022 وعندما تبين للحكومة أن هذه النسبة غير كافية، قامت برفعها في ماي الماضي إلى 25 في المائة. وطبعا فإن هذه المداخيل الضريبية الاستثنائية من شأنها أن تغطي جزءا كبيرا من اعتمادات الدعم الاجتماعي التي ستكلف 30 مليار أورو…
وفي بريطانيا، التي تعد من أكبر الدول الليبرالية في أوروبا، قامت الحكومة باتخاذ نفس التدابير التي اتخذتها نظيرتها الإيطالية، وعلى رأسها فرض ضريبة استثنائية على أرباح شركات المحروقات والشركات العاملة في مجال الطاقات الأحفورية بنسبة 25في المائة. وهو ما سيدر على الخزينة البريطانية حوالي 5 ملايير جنيه إسترليني، أي ما يعادل ثلث الميزانية التي رصدتها الحكومة لمساعدة الأسر (حوالي 1400 أورو لكل أسرة) ولدعم المقاولات البريطانية حتى تتخطى أزمة تضخم الأسعار.
وفي فرنسا دعت أحزاب اليسار إلى فرض ضريبة غير متوقعة، على بعض شركات الطاقة والمحروقات، كما حثّ ماكرون الاتحاد الأوروبي على القيام بذلك، مطالبا بتوسيع النطاق على أي شركة يُعتقد أنها تحقق أرباحًا مفرطة.