اتحاد العمل النسائي وشبكة مراكز النجدة يعتبران التساهل مع مغتصبي “طفلة تيفلت” ممارسة مناقضة لأسس الأمن القضائي
أحمد بيضي
الأحد 2 أبريل 2023 - 16:51 l عدد الزيارات : 27096
أحمد بيضي
في خضم الغضب العارم الذي أثاره الحكم المخفف على أبطال قضية الاغتصاب الجماعي ل “طفلة تيفلت”، والذي نتج عنه حمل، بادر “اتحاد العمل النسائي” بمعية “شبكة مراكز النجدة” إلى تتويج تحركاتهما في موضوع الواقعة الوحشية، بتوجيه “رسالة مفتوحة” إلى الرئيس المنتدب للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة، بصفته “مسؤولا على تنفيذ السياسة الجنائية وعلى توفير كل الشروط القانونية والأخلاقية والإنسانية اللازمة لمقومات أمن قضائي حقيقي”، على حد مضمون الرسالة.
وجاءت رسالة “اتحاد العمل النسائي” و”شبكة مراكز النجدة” على إثر “صدور حكم جنائي في قضية اغتصاب جماعي لطفلة قاصر بقرية الغزاونة، ضواحي تيفلت،والذي قضى على ثلاثة متهمين بعقوبات لا يتجاوز أقصاها سنتين حبسا نافذا من أجل جناية التغرير بقاصر وهتك عرضها بالعنف”، مقابل “ما أثاره هذا الحكم القضائي من استياء واستنكار وصدمة للجمعيتين النسائيتين المذكورتين، ولكل الغيورين والغيورات على طفلات بلادنا”.
وفي هذا الصدد، لم يفت المنظمتين النسائيتين وضع عدة ملاحظات على رسالتهما، منها التأكيد ب “أن تمتيع المتهمين باغتصاب طفلة دون سن التمييز القانوني بأقصى ظروف التخفيف، وجعل جزء من العقوبة الحبسية موقوف التنفيذ لاعتبارات مرتبطة بشخص المتهمين وبمستوى خطورة الفعل التي هي في الأصل ظروف تشديد واضحة وثابتة، يعبر للأسف عن ممارسة قضائية مخلة ومناقضة لأسس الأمن القضائي”.
كما اعتبرتا الأمر ممارسة قضائية مناقضة ل “كل المجهودات التي يبدلها المجتمع المدني والدولة بمختلف مؤسساتها الدستورية السياسية والحقوقية والقضائية لحماية حقوق الأطفال وتكريس الحقوق الإنسانية للنساء من خلال الإرادةالمعبر عنها في مختلف مراكز القرار والتي تروم تقوية قواعد سياسة جنائية فعالة ورادعة للقطع مع كل الممارسات والأفعال والسلوكات المفضية إلى الإفلات من العقاب، وكذا مع نزوعات الانحياز لظروف المتهم عندما تكون الضحية في وضعية هشاشة بسبب جنسها وحداثة سنها وانتمائها الاجتماعي المثقل بالعزلة والقهر والفقر”.
وفي ذات السياق، أعربت المنظمتان النسائيتان “أن التساهل البادي في حيثيات الحكم ومنطوقه مع مغتصبين عبثوا بجسد طفلة، باتفاق وتواطئ وتناوب بينهم، يعيد التساؤل حول مفهوم السلطة التقديرية وحدودها والنتائج الخطيرة التي تترتب عنها عند الميل غير المبرر لانتقاء مقتضيات قانونية، دون غيرها من القانون الجنائي، بشكل يبرر أفعال جرمية في غاية الخطورة والبشاعة”.
وإلى جانب ذلك، لم يفت المنظمتين التشديد على أن تساهل الحكم مع المغتصبين “يلغي الحماية الجنائية للطفلات ويستبيح أجسادهن وكرامتهن وانسانيتهن، ويستكثر عليهن إنزال العقوبة الجنائية المقررة قانونا رغم أن الأمر يتعلق باغتصاب بشع نتج عنه حمل وولادة”، وذلك ب “تأويل متعسف لمعنى خطورة الفعل حيث يرى في العقوبة كونها قاسية ضداً على قصد المشرع بما يشكله كل ذلك من انتصار للمغتصبين على حساب طفلة هي أولى بالحماية والاعتبار”.
وفي الرسالة ذاتها أكدت المنظمتان “أن تمتيع المغتصبين بظروف التخفيف اعتبارا لظروفهم الاجتماعية وتغيب تداعيات الاغتصاب على الضحية، وعدم استحضار حجم المآسي والمشاكل التي ستواجهها، هي وابنها، طوال حياتهما، سواء على المستوى النفسي أو الجسدي أو الاجتماعي، يشكل حيفا آخر ينضاف لمعاناة الضحية”، وأضافتا “أن مثل هذه الأحكام، التي تساهم في إفلات المغتصبين من العقاب، قد تؤدي إلى التطبيع مع جريمة الاغتصاب والتشجيع على الاعتداءات الجنسية بمختلف أنواعها ضد النساء والفتيات، مما سيؤدي الى استفحال الظاهرة وتقويض كل الجهود المبذولة في هذا المجال”.
وبينما رأت المنظمتان “أن الحكم الصادر ضد المغتصبين يشكل اجتهادا خارجسياق مغرب اليوم”، أكدتا بأنه يأتي “بعيدا عن مكتسبات النص الدستوري في باب الحماية الجسدية والنفسية للطفلات، وغير آبه بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ولا علاقة له بقواعد العدل والانصاف التي هي أساس العدالة الجنائية وقوامها”، ومن هنا تأتي الرسالة المفتوحة ايمانا من المنظمتين بحرص المرسل إليه الأكيد على “الارتقاء بعدالتنا وبما يبذله من جهود في سبيل تعزيز الحماية الجنائية للطفلات والنساء”، حسب مضمون الرسالة.
تعليقات
0