عبد الحميد جماهري
دي ميستورا: محكوم عليه باستئناف العملية السياسية
لعل ستافان دي ميستورا يتقدم إلى الاجتماع وفي جعبته خلاصات الاتصالات التي قام بها واطلع الأمين العام الأممي انطونيو غوتيريس عليها، كما ورد في تقارير الناطق الروسي باسم الأمم المتحدة، دو جاريك، وما نشره موقع قسم الشؤون السياسية ودعم السلام لدى الأمم المتحدة.. حيث التقى على المستوى الدولي ، مجموعة أصدقاء الصحراء (إسبانيا وأمريكا وروسيا وإنجلترا وفرنسا).. وهي كلها أطراف معنية بالقضية وبل تعد من العواصم المؤثرة بخصوص قرارات المجلس، وكذا اختيار الشخصيات التي يتم تكليفها بالمهام الأممية ومنها المبعوث الشخصي…. ثم بعد ذلك التقى مكونات المعادلة الإقليمية (المغرب والبوليزاريو والجزائر وموريتانيا).
وبهذا الخصوص، لم يصدر المغرب لحد الساعة أي بيان عن مسارات المحادثات… باعتبار أنه يوجد في وضع مريح واقتنع بأن الرباط هي عاصمة الحدث في الصحراء منذ ما حدث مع واشنطن.
وباعتبار «النجاحــات الدبلوماســية التــي حققتهــا فــي الســنوات الأخيــرة تجعلــه فــي وضــع مريــح، مســتمرا فــي بــذل مجهوداتــه مــن أجــل تحقيــق التنميــة فــي منطقــة الصحـراء».
لكن لم يغفل المتتبعون بأنه قد نجح في جر الجزائر إلى المناقشات، التي أطرها قرار مجلس الأمن2654 ، الذي عارضت مضامينه وشهرت به!
فالقرار الأخير حافظ على الجزائر تحت الضغط بل إن «صيغة جميـع الأطـراف المعنيـة الواردة في القرار الأممي تسـتهدف الجزائـر .
كما يدعـو نـص القـرار المبعـوث دي ميستورا للإعتمـاد علـى المفاوضات السياسية..
وحاولت الحزائر فتح جبهات متعددة ضد المغرب من أجل التوهيم بوضع منفلت في المنطقة ، ولوحت باستئناف القتال، أو بعودة الانفصاليين بقوة ضمن حقيبتها الديبلوماسية، كل ذلك لم يغير من واقع الأمر شيئا بحيث أن الواقع الدولي لا يرتفع، باعتبار أن القرار 2654 دعا جميع الأطراف لأن تتعاون تعاونا كاملا مع بعثة الأمم المتحدة. والممثل الشخصي للأمين العام……
والأنكى من ذلك بالسنبة لسكان قصر المرادية أن منطق مساندة واحتضان المباردة المغربية زاد منسوبه وتعددت أشكاله ، وآخرها الدعم الذي حصل عليه المقترح من طرف النمسا بمناسبة الزيارة التي قام بها مستشارها تزامنا مع الذكرى 240 للعلاقة المغربية النمساوية.
المينورسو: رضوخ البوليزاريو وراعيته!
سيقدم الروسي الكسندر ايافنكو قائد قوات المينورسو، هو أيضا تقريرا حول وضعية القوات الأممية في شرق الجدار، وهي وضعية تتسم بصعوبة الحركة وكانت موضع تقرير الأمين العام انطونيو غوتيريس، كما أنها المرة الأولى منذ سنوات التي ستستأنف فيها الرحلات برا إلى مواقع البعثة الاممية..
ومن المجدي التذكير بأن قرار مجلس الأمن الأخير دعا إلى ضمان التمويل المنتظم للقواعد الميدانية للمينورسو من أجل ضمان تواجدها وأدائها لمهامها…
طلب القرار (في فقرته التنفيذية رقم 8)، بشكل صريح، من «البوليساريو» السماح «باستئناف إعادة الإمداد الآمن والمنتظم لبعثة (المينورسو)، من أجل ضمان استمرارية وجود البعثة». و شجب الانتهاكات المتكررة لـلبوليساريو لوقف إطلاق النار شرق منظومة الدفاع المغربية، مقابل التعاون المستمر للمملكة مع البعثة الأممية.
ما بين أكتوبر 2022 وأبريل 2023 جرت مياه كثيرة، ومنها توصل المينورسو بما تتطلبه مهمتها عبر بريد مباشر..
وفي مقابل ذلك تابعنا إعلاميا وسياسيا التفكك الذي تعيشه المنطمة الصنيعة «في جمهورية الخيام وسط الصحراء الجزائرية» بلغة البشير الدخيل المؤسس الذي كان أول من أطلق اسم البوليساريو!..
وهو تفكك بشري عنوانه الأبرز الوضع الإنساني والغذائي الذي صار موضوع قرارات دولية تسبقها تقارير من مختلف المنظمات الإنسانية والطبية والمالية ، أمميا. ولعل آخر تقرير لبرنامج الغذاء العالمي والمتعلق بالجزائر قد سلط الضوء على هذه اللوحة القاتمة من الوضع داخل مخيمات تيندوف. تضاف الي ما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المقدم لمجلس الأمن في أكتوبر الماضي والذي جاء كارثيا. نفس اليد لعام 2021 لفت تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الانتباه إلى اختلاس أموال ومساعدات غذائية موجهة للساكنة المحتجزة. وفي الوجه الآخر من المأساة ترفض الجزائر الوضع الطبيعي للاجئين عبر رفض تسجيلهم كما هو الحال في كل بقاع العالم، بل تظهر بمن ذلك بكل السوائل لتفتح الباب للتغيير الإثني داخل المخيمات وكذا التحايل الدولي والحجز على عقار الساكنة عموما..
واضافة إلى ذلك التفكك السياسي، وعنوانه الأكبر الخلافات التناحرية بين من يريد العودة إلى العملية الأممية ووقف إطلاق النار، كما هو حال ممثل الجبهة في العاصمة الجزائر والناطق الرسمي باسمها عبد القادر طالب عمر: عبر الدعوة الي «حل سياسي على قاعدة تنظيم استفتاء كحل»…
ومن يريد، أمثال عمار محمد الموجود في نيويورك، الذي يطالب« بالاستقلال بدون استفتاء وبدون مسلسل أممي»، وهي كلها مزايدات داخلية.. على اعتبار أن المنطق كله الذي ينطلق منه قادة الانفصال برمته صار متجاوزا، ذلك أن قرارات مجلس الأمن منذ 2007 ـ 2008 دفنت الاستفتاء ولم يعد أي قرار يأتي على ذكره.
والثنائية التي تحاول تغذية الصراع بين المغرب والانفصاليين لم تعد معيارا في الحل بل أصبح النزاع الأقليمي يورط طرفا أساسيا هو الجزائر.. والتي عرت عن هذا التواطؤ عبر القرارات التي أعلنتها والمواقف العدائية تبنتها ضد كل من يدعو إلى احترام السيادة المغربية تحت مظلة الحكم الذاتي أمثال إسبانيا وغيرها..
فرنسا: الشريك الممتنع ..
لقد مرت القضية، في جو الالتزام الحاصل بين الرباط وباريس بامتحان سابق.إذا شئنا، في أكتوبر من السنة الماضية، حيث ظلت فرنسا على موقفها من دعم الحكم الذاتي ، وصادقت على القرار الامريكي، بالرغم من انواعة التي يؤديه قصر الإليزيه في محاولة لفك الارتباط مع واشنطن، في قضايا دولية عديدة، لم يعد يخفي نيته في التميز عنها. وفي قضية الصحراء وتحويله للإعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية كما في موقع الصين الجديد يبدو هاجس الإليزيه هو الابتعاد عن مواقف واشنطن، الشيئ الذي خلق أزمة مع مركز القرار الأمريكي.
والذي يسجل بالنسبة للمغرب هو أن «عـدم الارتيـاح الـذي تتسـم بـه العلاقـات المغربيـة الفرنسـية منـذ أكثـر مـن عـام ونصف »، لم يتكرس كأزمة مفتوحة في القضية المغربية وإنما كان لفرنسا تعبير مجازي عنها وهو انقطاعها عن تمرين سنوي معتاد يتمثل في « تفسـير التصويـت فـي 27 أكتوبـر»، وارتأت باريس عدم تفسير التصويت ولو كـ«مناسـبة مواتيـة لتجـديد دعمهـا التقليـدي لمبـادرة الحكـم الذاتـي ». لوم يغفل المتتبعون لتطورات الوضع بين البلدين هذا الامتناع ووضعه في خانة القصديج الديربمساية عن « إضافـة لمسـة إيجابيـة فـي هـذه الظرفيـة كدليـل علـى حسـن النيـة وكحافـز لاسـتئناف الحـوار». لكـن باريـس قـررت أن تقتصـر علـى التصويـت دون تعليـق فـي بـادرة هـي الأولـى مـن نوعهـا علـى مـدى السـنوات الماضيـة والتي ظلت تساند فيها الحكم الذاتي.. وما سجلناه هو المحاولة التي قامت بها فرنسا عبر وزيرتها في الخارجية كاترين كولونيا عند زيارتها للمغرب، من محاولة تقديم الموقف الفرنسي كموقف غير قابل للتطور، والمسعى الذي قامت به المراكز المؤثرة في القرار عبر الاعلام وتسويق مواقف مثيرة للغرابة بخصوص الموقف الفرنسي ( دعوة لمؤتمر دولي حول الصحراء، تقارير إعلامية تعلن رفض باريس الانضمام إلى الروح الإيجابية للعديد من الدول كإسبانيا وهولاندا …).…
ختاما ليس منتظرا صدور بيان أو ما شابه عن الاجتماع ، وقد سبق لأمريكا أن حاولت طلك في زول مهمة في المجلس الأممي للإدارة الجديدة مع وول بايدن إلى الرئاسة غير أن التنسيق مع المغرب جعلها ترى بأن هذا الاجتماع لا يقتضي إجباريا وجود بلاغ أو بيان …. لأن القرارات تتحدد حصريا في شهر أكتوبر..
تعليقات
0