وزان : محمد حمضي
بشهادة شيوخ ومسنات ومسني دار الضمانة ، فإن هذه الأخيرة لم يسبق أن عاشت سيبة وفوضى بدرجة الخطورة التي هي عليها منذ حوالي سنة ، وارتفعت وتيرتهما خلال الشهر الفضيل . وترجع فعاليات مدنية وحقوقية ومستقلة التقت بها الجريدة هذا الوضع المرشح للانفلات في أي وقت ، بالإضافة إلى تعطيل مبادرة مصالحة وانصاف دار الضمانة الكبرى التي قادها ملك البلاد لصالح دار الضمانة نهاية 2006 ، وافلات اللوبي الذي يقف وراء خنق المبادرة الملكية في مهدها من العقاب ، (ترجعه) إلى الاسقالة العلنية والرسمية للإدارة الترابية بشقيها الإقليمي والمحلي ومجلس جماعة وزان ، من تدبير شأن المدينة في أدنى مستوياته . استقالة بدأت نتائجها الكارثية على المدينة تتضخم ككرة الثلج منذ حوالي سنة ، إلى أن وصلت ذروتها في هذا الشهر الفضيل .
فمنذ دخول شهر رمضان والمدينة تعيش على إيقاع الاعتداءات اليومية على المواطنات والمواطنين . اعتداءات اقترفها المعتدون بفضاءات عمومية ، واستعمل فيها مرتكبيها كل ما توفر لديهم/ن من أسلحة بيضاء لعل أبرزها التي استنكرها السكان ، ما حدث يومي 22 و23 ماي الجاري .
الحادث الأول كان مسرحا له محيط السوق البلدي ( المارشي) حيث لعلع السلاح الأبيض بين شباب ، محدثا الرعب وسط النساء والرجال والأطفال على حد سواء الذين تعددت أسباب وجودهم في هذا الفضاء الذي تؤثثه العشوائية في أبشع صورها . أما الحادث الثاني فينسحب على ساحة المريتاح المفتوحة على شارع محمد الخامس ، وثق تفاصيله شريط فيديو عممه مستخدم لموقع من مواقع التواصل الاجتماعي بدت فيه سيدة – معدمة اجتماعيا- رافعة سيفا تهدد به المارة ، وهو الفعل الذي أشر على دخول المدينة منعرجا خطيرا .
مشاهد العنف المسجلة بالفضاء العام في الأسابيع الأخيرة يشهد القاصي والداني بأن الإدارة الترابية بفرعيها الإقليمي والمحلي ، والمجلس الجماعي يتحملان المسؤولية الرئيسة في وقوعها ، بل هما الجهتين المسؤولتين بشكل مباشر عن توفير وتسميد البيئة الحاضنة للعنف بكل أشكاله وبدونة المدينة . كيف ذلك ؟
الأمر بسيط ولا يحتاج إلى عناء تفكير ، فوزان وبدون مبالغة هي المدينة الوحيدة في المغرب التي شوهت الأسواق العشوائية وجهها ، فنتج عن ذلك تمدد رقعة مساحة ترييفها بشكل لم يسبق له مثيل منذ حصول المغرب على استقلاله . الصمت الغير مفهوم للسلطات ومجلس الجماعة أمام ما يحدث بوزان يأتي على نقيض الإرادة القوية لوزارة الداخلية ، التي تحث ممثليها بمختلف الأقاليم التعامل بالحزم المؤطر بالقانون مع الأسواق العشوائية التي تنبت بالفضاء العام ، والسعي من أجل تنظيم الباعة الجائلين بأسواق نموذجية تتظافر جهود كل الشركاء من أجل توفيرها.
الأسواق العشوائية بوزان تسرطنت بكل أحياء المدينة ، ولم ينج من ذلك حتى القلب النابض للمدينة ( شارع محمد الخامس ، ساحة المريتاح ، محيط كل من ثانوية مولاي عبد الله الشريف وساحة الاستقلال والسوق البلدي …..) . وتعتبر هذه الأسواق العشوائية تربة خصبة لكل أنواع العنف ، والكلام الساقط الملوث للأخلاق والآداب العامة ، وجسور معبدة للاعتداءات الجنسية ، وتوسيع دائرة السرقة التي يتعرض لها الراجلات والراجلون ، وعرقلة لمرور سيارات الاسعاف لانقاد الأرواح ، وتشتيت جهود رجال ونساء الأمن الذين يشتغلون في ظروف صعبة في ضبط حماية أمن الساكنة ،……، يضاف إلى كل ما سبق ، تحويل الفضاءات المشار إليها إلى مطارح للأزبال والنفايات بكل أنواعها ،مع ما يترتب عن ذلك من روائح كريهة ، وتشويه وجه المدينة بصور ومشاهد في قمة البشاعة ، ومنفرة لزوار دار الضمانة .
ولأن السيل وصل الزبى ، ولأن أذان وعيون الإدارة الترابية بمستوييها الإقليمي والمحلي والمجلس الجماعي مصابة بالصم والعمى ، فإن ساكنة المدينة التي ترفع صوتها عاليا مستنكرة هذا اللعب بمستقبل المدينة وتعطيل مشروع تنميتها ، تلتمس من والي الجهة الذي عينه جلالة الملك أخيرا على رأس ولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة التي تقع وزان ضمن ترابها ، إلى التعجيل بزيارة المدينة . الزيارة الأولى تتمنى ساكنة المدينة بأن تتم في سرية تامة للوقوف على الواقع بعيدا عن مساحيق آخر لحظة ، والثانية علنية ومفتوحة على التواصل الهادئ والمسؤول مع الفعاليات النزيهة والمستقلة التي لا أجندة لها غير أجندة تفعيل المشاركة المواطنة التي تصب في مجرى الاقلاع التنموي لوزان ، وضخ جرعات من الروح في مفاصل مشروع مصالحة وانصاف دار الضمانة الذي أطلقه ملك البلاد ونسفه لوبي متعددة أوجه أصحابه ، منهم/ن من يقيم بالمدينة ، ومنهم/ن من تنكر لها لعقود ولم يعد لها الا مع مطلع فجر القرن 21 .
تعليقات
0