خنيفرة تخلد “اليوم العالمي للتعاونيات” في لقاء حول تهديدات التغيرات المناخية وندرة المياه ورهانات الاقتصاد الاجتماعي

أحمد بيضي الجمعة 26 يوليو 2024 - 02:39 l عدد الزيارات : 35600
  • أحمد بيضي

تخليدا لليوم الدولي للتعاونيات، في نسخته الـ 102، والمنظم عالميا، هذا العام، تحت شعار “التعاونيات تبني مستقبلاً أفضل للجميع”، نظمت “اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية”، بخنيفرة، لقاء تواصليا، احتضنته غرفة التجارة والصناعة والخدمات، يوم الثلاثاء 23 يوليوز 2024، وعرف حضورا لافتا من رؤساء وممثلي التعاونيات والمستفيدين من دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وغيرها من المصالح ذات الصلة، ومن المهتمين والفاعلين في حقل الاقتصاد والاجتماعي، حيث اختار المنظمون أن يتضمن هذا اللقاء عروضا حول التغيرات المناخية والإجهاد المائي بغاية تحسيس التعاونيات بسبل تدبير انعكاسات التحديات المناخية، نظرا لارتباط العمل التعاوني بشتى المجالات الحيوية.

اللقاء المنظم بشراكة مع جمعية تاركا، والذي تقدم لتسييره الفاعل المدني، ذ. أحمد بحرار، لم يفت ممثل قسم العمل الاجتماعي، افتتاحه بكلمة موجزة أبرز فيها جهود اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية من أجل تحسيس الفاعلين المعنيين بدور العمل التعاوني في تحقيق العدالة الاجتماعية، بالنظر لمساهمته الكبيرة في توفير فرص الشغل وتحسين ظروف عيش الساكنة وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مبرزا ما تم تسجيله بإقليم خنيفرة من مبادرات ومشاريع غايتها تعزيز وتطوير الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بينما أشار لأهمية تشخيص موضوع التغير المناخي وأثاره على الموارد المائية، وعلى الدينامية الاقتصادية والاستقرار القروي.

وبدوره، أكد المندوب الجهوي لمكتب تنمية التعاون، لجهة بني ملال خنيفرة، ذ. توفيق رياض، على أهمية الحركة التعاونية وتأثيرها الإيجابي على التنمية المستدامة، وطنيا وجهويا، فيما وقف على حصيلة العمل التعاوني، بجهة بني ملال خنيفرة، مع تسليطه الضوء على “الجهود المبذولة من جانب المنخرطين والمنخرطات في تعاونيات الجهة في سبيل تحسين دخلهم وظروفهم المعيشية”، فضلا عما تم “توقيعه من اتفاقيات تروم الابتكار والتجديد”، بينما تطرق، في كلمته، لقانون 112.12 المتعلق بالتعاونيات، ولحصيلة عمل مختلف الشركاء، مقابل الوقوف على بعض الإكراهات التي تعيق تقدم الفعل التعاوني جهويا، ومنها التغيرات المناخية التي أثرت على أنشطته.

وصلة بالموضوع، ذكر المندوب الجهوي ببلوغ الجهة لما يقارب 4400 تعاونية، موزعة على شتى القطاعات، في مقدمتها الفلاحة، تليها الصناعة التقليدية ثم التجارة والخدمات، علاوة على قطاعات أخرى في إطار محاربة الهشاشة وخلق فرص عمل منتجة، وتضم هذه التعاونيات، حسب المندوب الجهوي، أزيد من 79 ألف عضو، ضمنهم أزيد من 64 ألفا يعملون في مجال الفلاحة و6612 في قطاع الصناعة التقليدية، ويعرف إقليم خريبكة أكبر تمركز للتعاونيات، يليه إقليم أزيلال، ثم خنيفرة والفقيه بن صالح وبني ملال، بينما تؤكد المعطيات أن هذه الجهة تتوفر على أكثر من 500 تعاونية نسوية، فيما يبلغ عدد تعاونيات الشباب أزيد من 230 تعاونية.

ومن جهته، شارك الأستاذ المحاضر بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بخنيفرة، ذ. الحسن عبا، بمداخلة هامة حول تدبير المياه بالمغرب، مشيرا للتحديات والمشاكل المرتبطة بالموضوع، والتدابير الواجب القيام بها على ضوء مجموعة من المعطيات التي قام باستعراضها، فيما لم يفته التحذير من أثار الوضع الذي “انتقلنا فيه من الاجهاد المائي إلى ندرة المياه”، علما أن المغرب “بدأ يتخطى سياسته الفلاحية  بدخوله في المنظومة الصناعية”، دون أن تفوته الاستعانة بالمعطيات الكونية بقوله أن 97.5 بالمائة من المياه هي مالحة و2.5 بالمائة فقط هي العذبة، والأخيرة تشكل 0.3 بالمائة فقط في شكل سائل على سطح الأرض.

كما تطرق ذ. عبا لأهم الاستعمالات المائية وطنيا بالمقارنة مع ما هو دولي، وكذلك لما يسمى بالمياه الافتراضية التي يتم تصديرها عند المتاجرة بها من مكان إلى آخر، فيما أشار لما وصفه ب “الاستعمال غير المعقلن للمياه بالقطاع الفلاحي”، وبالتالي أشار “للخسارات الممكن تسجيلها اقتصاديا وسياحيا بسبب عدم تدابير صحيحة للمياه”، سيما ونحن في أفق 2030 الموضوعة على رأس خطة التنمية المستدامة (SDG)مقابل ما يحذر من انخفاض حصة الفرد من المياه لأقل من 500 مكعب بحلول هذه السنة مقارنة مع 650 متر مكعب حاليا، والتي كانت تبلغ 2500 متر مكعب أوائل الستينيات، فيما لم يفت المتدخل التوقف عند “المياه العادمة وشروط استعمالها في الفلاحة بعد معالجتها”.

ومن خلال ورقته أيضا، تناول الفاعل والباحث الجامعي، ذ. الحسن عبا، موضوع تحلية المياه البحرية، وما تتطلبه من محطات قوية، وبما أن الأمر يهم المناطق الساحلية لم تفته الإشارة للمناطق الداخلية، وما سوف تعانيه بسبب شح المياه، أو ما قد يسببه ذلك مستقبلا من “هجرات سكانية باتجاه المناطق الساحلية”، حيث توقف كثيرا عند الآفاق الضرورية لمحطات تحلية مياه البحر التي “أضحت خيارا استراتيجيا لا غنى عنه في ظل شح الموارد المائية”، خاصة أن بلادنا تطل على واجهتين بحريتين مهمتين، مع عدم الاعتماد فقط على مخزون السدود والمياه الجوفية التي أخذت تتعرض للامتصاص والاستنزاف.

أما الباحث بجامعة القاضي عياض، ذ. محمد غاميز، فانطلق في مداخلته من التنوع البيولوجي لعلاقة الموضوع بالمنطقة، وبالماء والإنسان والتغيرات المناخية، وكذلك بالصناعة التعاونية والعطرية والنباتية والغابوية والجلدية وغيرها، فيما تطرق ل “أهمية المحافظة على التراب من السلوكيات العبثية، والمبيدات والأسمدة العشوائية”، ليقف بحديثه عند “جدلية العلاقة الطبيعية بين الماء والتربة”، ثم عند “اضطراب التوازن البيئي ومساهمته في تفريخ الحشرات المضرة بالأشجار المثمرة (الصبار مثلا)”، فيما حرص المتدخل على تناول حياة المناطق الرطبة وما يهددها من عوامل التدهور جراء التغيرات المناخية، فضلا عن موضوع المياه الجوفية وما تتطلبة من اهتمام وتجويد.

وعبر مداخلته، أشار ذ. غاميز لما تعانيه منطقة عيون أم الربيع من “ظواهر وسلوكيات مضرة بالطبيعة والمجال والماء والثروة السمكية وانعكاس ذلك سلبا على التنمية المنشودة والسياحة المطلوبة”، لينتقل بحديثه إلى ربط ذلك بما يعرفه وادي أم الربيع من تلوث مائي، بناء على تقارير ميدانية صاغها طلبة من جامعة القاضي عياض، كما تطرق لبعض “الكائنات الحية ومنها “الفراشات الليلية” لما تلعبه من أدوار تلقيحية هامة لولا بعض السلوكيات البشرية المتجلية في بعض “الظواهر الضوئية” التي تضرها أو تقتلها”، قبل تفصيله في القانون 22/ 07 المتعلق بالمناطق المحمية وكيفية إحداثها ومسطرة الموافقة على تصاميم تهيئتها وتدبيرها.

ذلك قبل مداخلة مدير المنتزه الوطني لخنيفرة، ذ. حسن بلحسن، الذي استهلها بنبذة تعريفية عن هذا المنتزه الوطني الذي أُنشئ سنة 2008، ويتمتع بموقع استراتيجي يمتد بين عمالتي خنيفرة وإفران، على مساحة إجمالية تقدر بحوالي 84000 هكتار، و”يقع بالكامل داخل محمية المحيط الحيوي لأرز الأطلس”، وكيف يزخر هذا المنتزه بتنوع بيولوجي، وثروة نباتية وحيوانية وسمكية وحشراتية، وتضاريس ممتعة ومناظر طبيعية وبيئة حيوية، فيما تناول ذ. بلحسن تدخلات المنتزه وأنشطته المختلفة الرامية في مجملها إلى “خدمة الموروث الغابوي والسياحة الجبلية والإيكولوجية المستدامة”، ومذكرا برئاسة المغرب للشبكة الإفريقية لمنتزهات اليونسكو العالمية.

وضمن ورقته، ركز مدير المنتزه الوطني على دعم المبادرات المحلية لصالح النساء القرويات، والشروط المطلوبة في “النساء القادرات على اتخاذ القرارات بغاية إدماجهن في المشاريع التواقة لتحقيق نمو اقتصادي شامل يستجيب لمبدأ المناصفة والمساواة”، حيث حرص المتدخل على الإشارة لما تم الاعتماد عليه في هذا الشأن من دراسات واستراتيجيات سوسيواقتصادية، لينتقل من خلالها للحديث عن “المنشطات البيئيات”، وما تم من “تكوينات وخبرات بخصوصهن بهدف الرفع من قدراتهن لقيادة ما ينبغي من التعاونيات والجمعيات ومعارض المنتجات المجالية”، استنادا للشروط البيئية والإيكولوجية المطلوبة.

وبذات اللقاء، شارك الناشط البيئي والفاعل المدني، ذ. أحمد حميد، بمداخلة قيمة انطلق فيها من نموذج واحتين، واحة فركلة الصحراوية، بإقليم الراشيدية، وواحة أكينان الجبلية بإقليم طاطا، ليفتح ورقته بما أضحت “تعانيه الواحات من ظواهر، لا أقلها هجرة الشباب وانعكاس ذلك على حياة العديد من الحرف والمهن”، علما أن “الواحات تعتبر ملكا مشتركا على مستوى تدبيرها”، دون أن تفوت المتدخل الإشارة بأسى عميق ل “مستثمرين قدموا لمجموعة من الواحات وزرعوا بها النخيل والزيتون، وأخذوا في استنزاف المياه بطرق عشوائية وخطيرة”، فيما ذكر المتدخل ب “سد قدوسة” الذي قامت الدولة ببنائه.

وبعد تطرقه لواقع المرأة التي “لم تأخذ مكانها بالواحة، بالنظر إما لعدم تمكينها من التكوينات أو لصعوبة التسويق”، أشار ذ. أحمد حميد لما تم من جلسات حوارية مع المسؤولين حول ما يتعلق ب “مخطط التدبير المندمج للموارد المائية بالواحات”، إلى جانب التحاور مع العديد من الشباب، بينهم حملة الشهادات، بغاية “الخروج بتصورات مؤدية للحكامة المطلوبة في المخططات المرتبطة بالتنمية الجهوية، وفي الإدماج المنتظر للواحات في السياسة العامة للدولة”، مع طرح “مقترحات تصب في مطالب تعديل بعض القوانين الجارية”، قبل تطرق المتدخل لمشكل شح المياه ومدى أهمية الاعتناء ب “الخطارات” بالطرق الحديثة لتخطي التهديدات والتحديات.

وعلى هامش اللقاء، أوصى المشاركون بضرورة “التشجيع على إحداث مشاريع مقتصدة في استهلاك المياه“، والعمل على “استعمال أسمدة تتماشى والظروف المناخية بالنسبة للتعاونيات الفلاحية والأعشاب الطبية والعطرية”، و”استعمال الطاقة الشمسية لتقليص التكلفة في الإنتاج”، مقابل توسيع أنشطة التعاونيات”، و”الانخراط في اتحادات التعاونية بغاية توحيد الجهود وتقليص تكلفة الإنتاج وتحسين الجودة واقتراح أفكار مشاريع”، وترسيخ “التعاون بين التعاونيات” و”مساعدة التعاونيات النسوية والشبابية على الاستمرارية من خلال الدعم”، والعمل أكثر على “تأهيل التعاونيات عبر التكوين والمواكبة التقنية”، وعلى “تسهيل ولوجها للتمويل البنكي”.

وقد انكب المجتمعون على مناقشة مختلف الاكراهات التي تعيق انتظارات العمل التعاوني المستفيد من دعم برامج تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب والمرأة، فيما كان اللقاء محطة هامة لتشخيص أدوار القطاع التعاوني في دعم هدف التنمية المستدامة بشأن العمل المناخي، وتسريع الجهود لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وأيضا مناسبة لتبادل الخبرات في ما يخص تدبير تحديات التغيرات المناخية والإجهاد المائي، وسبل صناعة وعي عام بقضايا المناخ، إلى جانب ما يرتبط بالطرق الناجعة لتعزيز إجراءات التواصل حول قضايا الماء والانخراط في تغيير السلوك بشأن استعمال الماء لأجل الحفاظ عليه واقتصاده، والبحث عن مخططات مبتكرة لترشيده.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:57

وضعية تحملات وموارد الخزينة تفرز حاجيات تمويل بقيمة 15,5 مليار درهم

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:50

مندوبية التخطيط تقف عند ارتفاع الأسعار…

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:19

البرلمان العربي يؤكد على الدور الهام لجلالة الملك رئيس لجنة القدس في الدفاع عن القضية الفلسطينية

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 09:28

انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك ب %0,3 خلال مارس المنصرم

error: