أعلنت منظمة الصحة العالمية الأربعاء بأن انتشار جدري القردة في إفريقيا بات الآن طارئة صحية عالمية، وهو أعلى مستوى تحذير يمكن أن تطلقه الهيئة.
وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس في مؤتمر صحافي “اليوم، اجتمعت لجنة الطوارئ وأبلغتني بأنه من وجهة نظرها، يشك ل الوضع طارئة صحية عالمية تثير القلق دوليا. وقبلت هذه النصيحة”.
وكانت الهيئة الصحية التابعة للاتحاد الإفريقي قد أعلنت أمس الثلاثاء حالة طوارئ صحية عامة بسبب تفشي مرض جدري القردة (مبوكس) في القارة.
وتفشى المرض في العديد من البلدان الإفريقية لا سيما في جمهورية الكونغو الديموقراطية.
وقال جان كاسيا، رئيس المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، في تصريح إعلامي عبر الإنترنت “أعلن بقلب مثقل ولكن بالتزام لا يتزعزع تجاه شعوبنا ومواطنينا الأفارقة، أن جدري القردة حالة طوارئ صحية عامة تهدد الأمن على مستوى القارة”.
وأضاف “الآن، عبر جدري القردة الحدود، وذلك أثر على الآلاف في كل أنحاء قارتنا. تمزقت عائلات، ولامس الألم والمعاناة كل ركن من أركان قارتنا”.
وبحسب بيانات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها حتى 4 غشت، سجلت 38465 إصابة بجدري القردة و1456 وفاة في إفريقيا منذ يناير 2022.
وأضاف كاسيا “هذا الإعلان ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو دعوة واضحة إلى التحرك. إنه اعتراف بأنه لم يعد بوسعنا أن نتصرف على أساس رد الفعل، يجب أن نكون استباقيين في جهودنا لاحتواء هذا التهديد والقضاء عليه”.
كل ما تودون معرفته عن مرض جدري القردة
جدري القردة هو مرضٌ يسببه فيروس جدري القردة. ويمكن أن يتسبب في حدوث طفح جلدي مؤلم وتضخم للغدد الليمفاوية وحمى. ويتعافى معظم الناس منه تماماً، لكن البعض منهم يصابون بمرض شديد.
وقد يصاب أي شخص بمرض جدري القردة. وهو ينتشر عن طريق ما يلي:
-
مخالطة لأشخاص المصابين، عن طريق اللمس أو التقبيل أو الاتصال الجنسي
-
ملامسة الحيوانات المصابة لدى صيدها أو سلخها أو طهيها
-
ملامسة مواد مثل الملاءات أو الملابس أو الإبر الملوثة
-
ملامسة الحوامل المصابات اللواتي قد ينقلن الفيروس إلى أجنّتهن.
إذا كنت مصاباً بجدري القردة، يتعين عليك فعل ما يلي:
-
أخبر أي شخص خالطته مؤخراً مخالطة لصيقة
-
ابق في المنزل حتى تسقط الجُلبة برمتها وتتشكل طبقة جديدة من الجلد
-
قم بتغطية الآفات وارتداء كمامة محكمة عندما تكون مع أشخاص آخرين
-
تجنب المخالطة الجسدية.
ويحدث مرض جدري القردة بسبب فيروس جدري القردة (يُختصر عادةً باسم MPXV)، وهو فيروس مغلف يحتوي على حمض نووي ذي طاقين، وينتمي إلى جِنْس الفَيْرُوسة الجُدَرِيَّة التابع لفصيلة الفيروسات الجدرية، التي تشمل الجدري وجدري البقر والوقس وفيروسات أخرى. والفرعان الحيويان الجينيان للفيروس هما الفرع الحيوي الأول والثاني.
وقد اكتًشف فيروس جدري القردة في الدانمرك (1958) لدى قرود احتجزت لأغراض البحث، وتعود أول حالة إصابة بشرية بفيروس جدري القردة أبلغ عنها لصبي يبلغ من العمر تسعة أشهر في جمهورية الكونغو الديمقراطية (1970). ويمكن أن ينتشر جدري القردة من شخص لآخر أو أحياناً من الحيوانات إلى البشر. وعقب القضاء على جدري القردة في عام 1980 ونهاية التطعيم ضد فيروسه في جميع أنحاء العالم، ظهر جدري القردة بشكل مطرد في وسط إفريقيا وشرقها وغربها. وحدثت فاشية عالمية في الفترة 2022-2023. والمستودع الطبيعي للفيروس غير معروف – والعديد من الثدييات الصغيرة مثل السناجب والقرود عرضة للإصابة به.
انتقال المرض
يمكن أن يحدث انتقال جدري القردة من شخص لآخر من خلال الملامسة المباشرة للجلد المعدي أو الآفات الأخرى كتلك التي توجد في الفم أو الأعضاء التناسلية. وتكون هذه الملامسة على النحو التالي:
-
ملامسة الوجه للوجه (أثناء الحديث أو التنفس)
-
التلامس الجلدي (مثل اللمس أو الجنس المهبلي/الشرجي)؛
-
ملامسة الفم للفم (بالتقبيل)
-
ملامسة الفم للجلد (الجنس الفموي أو تقبيل الجلد)
-
القطيرات التنفسية أو الأهباء الجوية قصيرة المدى الناجمة عن المخالطة اللصيقة لفترات طويلة
ويدخل الفيروس عندئذ الجسم عن طريق الجلد المشقّق والأسطح المخاطيّة (مثل الفم أو البلعوم أو العين أو الأعضاء التناسلية أو الشرج والمستقيم)، أو عبر الجهاز التنفسي. ويمكن أن ينتشر جدري القردة إلى أفراد الأسرة الآخرين وإلى الشركاء الجنسيين. الأشخاص الذين لديهم شركاء جنسيون متعددون معرضون لخطر أكبر.
ويحدث سريان جدري القردة من الحيوان إلى الإنسان عبر الحيوانات المصابة التي تنقله إلى البشر عن طريق العضّات أو الخدوش، أو أثناء ممارسة أنشطة مثل الصيد أو السلخ أو نصب الفخاخ أو الطهي أو العبث بالجيف أو أكل الحيوانات. ولا يزال مدى سريان الفيروس في مجموعات الحيوانات غير معروف تماماً، وتُجرى حالياً المزيد من الدراسات في هذا الشأن.
ويمكن أن يصاب الناس بجدري القردة من الأجسام الملوثة مثل الملابس أو البياضات، أو من خلال إصابات حادة في هياكل الرعاية الصحية، أو في بيئة مجتمعية مثل صالونات الوشم.
العلامات والأعراض
يسبب جدري القردة علامات وأعراض تظهر عادة في غضون أسبوع ولكن يمكن أن تظهر بعد يوم واحد إلى 21 يوماً من التعرض للفيروس. وتستمر الأعراض عادةً لمدة تتراوح من أسبوعين إلى 4 أسابيع ولكنها قد تستمر لفترة أطول لدى شخص يعاني من ضعف في جهاز المناعة.
وتتمثل الأعراض الشائعة لجدري القردة فيما يلي:
-
الطفح جلدي
-
الحمى
-
التهاب الحلق
-
الصداع
-
آلام العضلات
-
آلام الظهر
-
الوهن
-
تورم الغدد الليمفاوية
وبالنسبة لبعض الأشخاص، تتمثل أولى أعراض جدري القردة في ظهور الطفح الجلدي، في حين قد تظهر لدى البعض الآخر أعراض مختلفة أولاً.
ويبدأ الطفح الجلدي في شكل قرحة مسطحة تتطور إلى نفطة مليئة بسائل وقد تسبب حكة أو قد تكون مؤلمة. وعندما يشفى الطفح الجلدي، تجف الآفات و تتقشر وتتساقط.
وقد تظهر على بعض الأشخاص آفة جلدية واحدة أو عدد قليل من الآفات الجلدية وتظهر على البعض الآخر مئات من هذه الآفات أو أكثر. ويمكن أن تظهر هذه الآفات في أي مكان على الجسم مثل:
-
راحتا اليدين وباطن القدمين
-
الوجه والفم والحلق
-
الأُرْبِيَّة ومناطق الأعضاء التناسلية
-
فتحة الشرج.
ويعاني بعض الأشخاص أيضاً من تورم مؤلم في المستقيم أو ألم وصعوبة لدى التبول.
والأشخاص المصابون بجدري القردة معديون ويمكنهم نقل المرض إلى الآخرين حتى تلتئم جميع القروح وتتشكل طبقة جديدة من الجلد.
والأطفال والحوامل والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة معرضون لخطر الإصابة بالمضاعفات الناجمة عن جدري القردة.
وعادة ما تظهر الحمى وآلام العضلات والتهاب الحلق أولاً. ويبدأ طفح جدري القردة الجلدي في الظهور على الوجه وينتشر في جميع مناطق الجسم، ويمتد إلى راحتي اليدين وباطن القدمين ويتطور على مدى 2-4 أسابيع على مراحل – بقع وحطاطات وحويصلات وبثور. تنسحب الآفات إلى المنتصف قبل أن تتقشر. ثم تسقط الجُلبة. ويشكل اعتلال العقد اللمفية (تورم الغدد الليمفاوية) سمة كلاسيكية من سمات جدري القردة. ويمكن أن يصاب بعض الأشخاص دون أن تظهر عليهم أي أعراض.
وفي سياق الفاشية العالمية لجدري القردة التي ظهرت في عام 2022 (نجمت في الغالب عن فيروس الفرع الحيوي الثاني (ب))، يبدأ المرض بشكل مختلف لدى بعض الأشخاص. وفيما يزيد قليلاً عن نصف عدد الحالات، قد يظهر الطفح الجلدي قبل الأعراض الأخرى أو في نفس وقت ظهورها ولا ينتشر دائما على الجسم. ويمكن أن تظهر الآفة الأولى في الأُرْبِيَّة أو الشرج أو في الفم أو حوله.
ويمكن أن يتعرض الأشخاص المصابون بجدري القردة لمرض شديد. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يصاب الجلد بالبكتيريا مما يؤدي إلى خراجات أو تلف خطير في الجلد. وتشمل المضاعفات الأخرى الالتهاب الرئوي وعدوى القرنية مع فقدان البصر؛ والألم أو صعوبة البلع والقيء والإسهال التي تسبب الجفاف الشديد أو سوء التغذية؛ والإنتان (عدوى الدم مع استجابة التهابية واسعة النطاق في الجسم)، أو التهاب الدماغ، والقلب (التهاب عضلة القلب)، أو المستقيم (التهاب المستقيم)، أو الأعضاء التناسلية (التهاب الحشفة) أو الممرات البولية (التهاب الإحليل)، أو الموت. ويتعرض الأشخاص الذين يعانون من تثبيط المناعة بسبب الأدوية أو الحالات الطبية أكثر من غيرهم للإصابة بأمراض خطيرة والوفاة بسبب جدري القردة. وغالباً ما يصاب الأشخاص الحاملون لفيروس نقص المناعة البشرية والذين لا يخضعون لمراقبة محكمة أو للعلاج بمرض شديد.
التشخيص
قد يكون التعرف على جدري القردة أمرا صعبا لأن العدوى والاعتلالات الأخرى قد تبدو متشابهة. ومن المهم التمييز بين جدري القردة والحماق والحصبة والتهابات الجلد البكتيرية والجرب والهربس والزهري وغيرها من أنواع العدوى المنقولة جنسياً والحساسية الناتجة عن الأدوية. وقد تكون لدى الشخص المصاب بجدري القردة أيضاً عدوى أخرى منقولة جنسياً مثل الهربس. وعوضاً عن ذلك، فقد يكون الطفل المصاب بجدري القردة المشتبه به مصاباً أيضاً بالحماق. ولهذه الأسباب، تشكل اختبارات التشخيص عنصراً أساسيا يتيح للأشخاص الحصول على العلاج في أقرب وقت ممكن ومنع المزيد من الانتشار.
ويشكل الكشف عن الحمض النووي الفيروسي بواسطة اختبار تفاعل البوليميراز التسلسلي الاختبار المختبري المفضل لتحري الإصابة بجدري القردة. وتؤخذ أفضل العيّنات التشخيصية مباشرة من الطفح – الجلد أو السائل أو القشور- الذي تجمع بعملية محكمة تؤخذ فيها مسحات لتشخيص المرض. وفي حالة عدم وجود آفات جلدية، يمكن إجراء اختبارات التشخيص على مسحات تؤخذ من الفم والبلعوم أو الشرج أو المستقيم. ولا ينصح بإجراء اختبارات تشخيص للدم. وقد لا تكون أساليب الكشف عن الأجسام المضادة مفيدةً لأنها لا تميز بين مختلف أجناس الفَيْرُوسة الجُدَرِيَّة.
ويمكن الاطلاع على مزيد من المعلومات بشأن التأكيد المختبري لحالات الإصابة بجدري القردة.
العلاج واللقاحات
الهدف من علاج جدري القردة هو العناية بالطفح الجلدي والتدبير العلاجي للألم ومنع المضاعفات. والرعاية المبكرة والداعمة مهمة للمساعدة في التدبير العلاجي للأعراض وتجنب المزيد من المشاكل.
ويمكن أن يساعد الحصول على لقاح لجدري القردة في منع العدوى. وينبغي إعطاء اللقاح في غضون 4 أيام بعد مخالطة أحد المصابين بجدري القردة (أو في غضون 14 يوما إذا لم تكن هناك أعراض).
ويوصى بتطعيم الأشخاص المعرضين لخطر كبير لمنع الإصابة بجدري القردة، خاصة أثناء الفاشيات. ويشمل ذلك ما يلي:
-
العاملون الصحيون المعرضون لخطر التعرض للفيروس
-
الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال
-
الأشخاص الذين يمارسون الجنس مع شركاء متعددين
وينبغي رعاية الأشخاص المصابين بجدري القردة بعيداً عن الآخرين.
ولقد استخدمت لعلاج جدري القردة العديد من مضادات الفيروسات، مثل تيكوريفيمات، التي طُوّرت في الأصل لعلاج الجدري وتُجرى حالياً المزيد من الدراسات في هذا الشأن ويمكن الاطلاع على مزيد من المعلومات عن التطعيم ضد جدري القردة والتدبير العلاجي للحالات.
الرعاية الذاتية والوقاية
يتعافى معظم الأشخاص المصابين بجدري القردة في غضون 2-4 أسابيع. وتتمثل الأمور التي يجب القيام بها للمساعدة في التخفيف من الأعراض والحيلولة دون إصابة الآخرين:
افعل ما يلي
-
ابق في المنزل وفي غرفتك الخاصة إن أمكن
-
اغسل يديك كثيرا بالماء والصابون أو معقم اليدين، خاصة قبل أو بعد لمس القروح
-
ارتدِ كمامة وقم بتغطية الآفات عندما تكون بالقرب من أشخاص آخرين حتى يشفى الطفح الجلدي
-
حافظ على جفاف البشرة وابق عليها مكشوفة (إلا إذا كنت في غرفة مع شخص آخر)
-
تجنب لمس الأشياء الموجودة في المساحات المشتركة وطهر المساحات المشتركة بشكل متكرر
-
استخدم الشطف بالمياه المالحة للقروح في الفم
-
استخدم حمامات المقعدة أو الحمامات الدافئة مع بيكربونات الصودا أو أملاح إبسوم لتطهير قروح الجسم
-
تناول الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية للألم مثل الباراسيتامول (أسيتامينوفين) أو الإيبوبروفين.
لا تفعل ما يلي
-
لا تفتح البثور أو تخدش القروح، وهو ما قد يُبطئ الشفاء، وينشر الطفح الجلدي إلى أجزاء أخرى من الجسم، ويتسبب في إصابة القروح بالعدوى؛ أو
-
لا تحلق المناطق المصابة بالقروح حتى تلتئم الجُلبة ويتكون لديك جلد جديد تحتها (يمكن أن يؤدي ذلك إلى انتشار الطفح الجلدي إلى أجزاء أخرى من الجسم).
ولمنع انتشار جدري القردة بين الآخرين، ينبغي للأشخاص المصابين بجدري القردة الخضوع للعزل في المنزل، أو في المستشفى إذا لزم الأمر، طوال فترة العدوى (من بداية الأعراض حتى تلتئم الآفات وتسقط الجُلبة). وقد تساعد تغطية الآفات وارتداء كمامة طبي أثناء وجود أشخاص آخرين في منع انتشاره. وسيساعد استخدام الرفالات أثناء ممارسة الجنس في تقليل خطر الإصابة بجدري القردة ولكنه لن يمنع الانتشار الناجم عن ملامسة الجلد للجلد أو الفم للجلد.