أرقام صادمة وإخفاقات متكررة.. و الأغلبية الحكومية تستبلد المغاربة وتتغنى بنجاحات من نسج خيالها
محمد اليزناسني
الجمعة 11 أكتوبر 2024 - 09:59 l عدد الزيارات : 37313
محمد رامي
يبدو أن حكومة الأغلبية بقيادة عزيز أخنوش قد فشلت في تقديم حلول ناجعة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المغرب. وبينما تستمر في الإشادة بإنجازاتها، تظل الأرقام والوقائع شاهدة على إخفاقات واضحة، الأمر الذي يضع تساؤلات جدية حول مدى قدرتها على إدارة البلاد في هذه الظروف الصعبة. ففي الوقت الذي أصدرت فيه رئاسة الأغلبية الحكومية بيانًا تشيد فيه بما أسمته “إنجازات” الحكومة، تظهر الأرقام والوقائع الميدانية صورة مغايرة تمامًا. هذا التناقض بين التصريحات الحكومية والواقع يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على الوفاء بوعودها وتحقيق الأهداف التي تعهدت بها منذ توليها السلطة.
لنبدأ بمسألة الدين العام، وهو مؤشر أساسي لمدى استدامة السياسات المالية لأي حكومة. تشير التقارير الرسمية إلى أن الدين العام للمغرب ارتفع بأكثر من 125 مليار درهم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ليصل إلى 1010 مليارات درهم مع نهاية عام 2024. هذا الرقم المقلق لا يعكس فقط فشل الحكومة في ضبط الإنفاق، بل يضع الاقتصاد الوطني في موقف حرج، مع احتمالية تأثر قدرته على السداد والوفاء بالالتزامات المالية المستقبلية.
ومن الدين إلى النمو الاقتصادي، الذي كان من بين الأهداف الطموحة للحكومة. وعدت الأغلبية بزيادة معدل النمو إلى 4٪، إلا أن الحقيقة أن النمو لم يتعدَّ 3.5٪ في أفضل التوقعات لعام 2023. والأدهى من ذلك، أن بنك المغرب يتوقع تراجعه إلى 2.8٪ في عام 2024. هذا التباطؤ الاقتصادي يعكس عجز الحكومة عن تنفيذ سياسات تحفز النمو بشكل مستدام، خاصة في ظل التحديات العالمية والمحلية.
في قطاع الشغل، يتجلى الواقع المرير بوضوح. فقد فقدت البلاد مئات الآلاف من الوظائف، خاصة في المناطق القروية التي تعد أكثر هشاشة. هذا بالإضافة إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 13.7٪، وهو رقم يبرز حجم الأزمة التي تواجه سوق العمل، ويثير تساؤلات حول جدوى السياسات الحكومية في توفير فرص العمل، خصوصًا للشباب وسكان الأرياف.
أما عن الاستثمار، فقد تراجع المغرب بشكل ملحوظ في تصنيف جذب الاستثمارات الأجنبية في إفريقيا، ليحتل المرتبة 16، في وقت تتصدر فيه مصر وجنوب إفريقيا الترتيب. هذا التراجع ليس مجرد رقم عابر، بل هو مؤشر على فقدان الثقة في المناخ الاستثماري المغربي، ويعكس ضعف الحكومات المتعاقبة في خلق بيئة مشجعة على جذب رؤوس الأموال الأجنبية، التي تعتبر أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
ولا يمكن أن نغفل عن معضلة إفلاس المقاولات الصغيرة والمتوسطة. فرغم كل البرامج والإعلانات الحكومية لدعم هذا القطاع، لا تزال المقاولات تواجه صعوبات تمويلية خانقة. وقد بلغ عدد المقاولات المفلسة في 2023 ما يزيد عن 14 ألفًا، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 16 ألفًا في 2024. هذه الأرقام تدل على أن الخطاب الحكومي لم يُترجم إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.
وأخيرًا، يبقى التضخم حجر الزاوية في معاناة المواطن المغربي اليومية. فرغم تأكيدات الحكومة المتكررة أن التضخم “مستورَد”، فإن الواقع يكشف أن جزءًا كبيرًا منه ناتج عن ضعف الإنتاج الداخلي، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات. هذا التضخم يضرب جيوب المواطنين للعام الثالث على التوالي، ليصبح الغلاء حقيقة يومية لا مفر منها.
وبالرغم من كل هذا تواصل الحكومة تقديم وعود كبيرة وتعدد إنجازاتها في استغفال تام للمغاربة، لكن الواقع يشير إلى إخفاقات صارخة، أيضا في ما يتعلق بتفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة ومكافحة الفقر.
فرغم التصريحات المتكررة حول توسيع التغطية الصحية وضمان الولوج العادل إلى “أمو التضامن“، تبقى الأرقام مخيبة للآمال. فعلى الرغم من الوعود بتغطية 22 مليون مواطن ومواطنة، يظل السؤال الجوهري هو: هل استفاد الأشخاص الأكثر هشاشة فعليًا من هذه التغطية بما يصون كرامتهم؟
الحكومة أعلنت عن تعميم “أمو التضامن“، ولكن الأرقام الحقيقية تدق ناقوس الخطر. فالعدد الإجمالي للمستفيدين لا يتجاوز 3 ملايين، بعد أن كان في السابق 4.5 مليون، مما يثير تساؤلات حول فقدان الثقة في هذا النظام، لا سيما بين المهنيين والشركاء. المثير للقلق أكثر هو ضعف نسب الانخراط بين الفئات غير الأجراء، حيث لم يتجاوز المستفيدون الفعليون من الفلاحين 25 ألفًا من أصل 1.6 مليون مستهدف.
أما فيما يتعلق بالفقر والهشاشة، فتُظهر معطيات المندوبية السامية للتخطيط أن الحكومة أخفقت في تحقيق وعدها بإخراج مليون أسرة من الفقر، بل على العكس، تدهورت الأوضاع الاقتصادية بشكل ملحوظ. أكثر من 3 ملايين مغربي نزلوا تحت عتبة الفقر، وارتفع معدل الفقر من 1.2٪ في 2022 إلى 6.6٪ في 2023 نتيجة التضخم المستمر. كما تفيد استطلاعات الأسر بأن 82.5٪ منها صرحت بتدهور مستوى معيشتها خلال الأشهر الـ 12 الماضية، و96.9٪ من الأسر أشارت إلى الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية.
لكن الأنكى من ذلك أن ما يجعل الصورة أكثر قتامة هو فقدان الأسر المغربية ثقتها في الحكومة، حيث تعتقد الأغلبية أن المستقبل المالي سيكون أسوأ. وفقًا لبحث الظرفية لدى الأسر، 56.9٪ من الأسر تتوقع تدهور معيشتها في العام المقبل، و80.7٪ منها تعتبر الظروف غير ملائمة لشراء سلع مستديمة.
من الواضح أن الحكومة تواجه تحديات كبيرة في الوفاء بالتزاماتها الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يطرح أسئلة جادة حول قدرتها على إدارة الأزمات وضمان استقرار البلاد.
في ظل هذه الأرقام والمؤشرات، نخلص إلى أن الحكومة لم تستطع تجاوز هذه الإخفاقات والوفاء بوعودها للمواطنين وبالتالي يجب حجب الثقة عنها وعليها الرحيل …