المجلس الوطني لحقوق الإنسان يكشف اختلالات ونواقص مشروع القانون المتعلق بالإضراب
أنوار التازي
الخميس 17 أكتوبر 2024 - 11:57 l عدد الزيارات : 41405
التازي أنوار
قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ملاحظاته حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالحق في الإضراب الذي أحالته الحكومة على البرلمان، والذي أثار نقاشا واسعا وجدلا حول بنوده.
وسجل المجلس في مذكرته، حول مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، غياب الديباجة التي تهدف إلى تقديم العناصر الضرورية لفهم دواعي تبني القانون التنظيمي وصياغته وتيسير فهم الغاية التي يسعى لتحقيقها، ولضمان تطبيق هذا القانون التنظيمي وتأويله عند الاقتضاء، بما يضمن تحقيق الغايات التي يتوخاها المشرع. وإقترح المجلس صياغة ديباجة أو ما يقوم مقامها لتوضيح نية المشرع والسياق التاريخي والاجتماعي للقانون التنظيمي، بشكل يساعد على تفسير نصوصه، من خلال تضمين الديباجة المبادئ والأسس التي تؤطر ممارسة الحق في الإضراب وتوضيح أهدافه ومقاصده.
وشدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على ضرورة إضافة ديباجة أو مادة فريدة تذكر بالأسس والمبادئ التي تستند عليها مقتضيات القانون التنظيمي، فيما يتعلق بممارسة الحق في الإضراب خاصة فيما يتعلق بحماية الحرية النقابية وضمان التوازن بين حقوق والتزامات مختلف الأطراف وحماية حقوق المواطنين من خلال استمرار المرفق العام والخدمات الأساسية.
كما سجل مجلس بوعياش، ملاحظات موضوعية تتعلق بتعريف الإضراب وأنواعه، داعيا إلى توسيع تعريف الحق في الإضراب ليشمل الدفاع عن المصالح المعنوية والمهنية الفردية والجماعية للعمال بما يسمح بتحقيق الانسجام مع مقتضيات المادة 396 في مدونة الشغل التي تنص على أن النقابات المهنية تهدف إلى “الدفاع عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية والمعنوية والمهنية، الفردية منها والجماعية، للفئات التي تؤطرها.”مؤكدا على الإقرار بمشروعية كافة أشكال الإضراب بما فيها الإضراب التضامني والإضراب بالتناوب مادامت تحترم مبادئ التنظيم والسلمية وعدم عرقلة حرية العمل وفق نص وروح هذا القانون التنظيمي.
وشدد المجلس على ضرورة توسيع دائرة الجهات التي يحق لها ممارسة الإضراب لتشمل فئات الأجراء الذي لا يخضعون بالضرورة لمدونة الشغل أو لقانون الوظيفة العمومية، أو المهنيين غير الأجراء بمختلف أصنافهم، والمهن الحرة، والمقاولين الذاتيين، والعاملين لحسابهم الخاص، والعمال والعاملات المنزليين، وفي مجال العمل المؤقت والعقود من الباطن، وغيرهم من الفئات في جميع القطاعات والأنشطة التي لا ترتبط بالضرورة بمدونة الشغل أو بالوظيفة العمومية. وكذا وجوب التنصيص على نقابات الأقلية (التي ليست بأكثر تمثيلية) في الفقرة ج من المادة 3 خاصة حينما يرتبط الإضراب بحقوق أفراد أو مجموعات صغيرة على صعيد المقاولة أو المؤسسة.
ويرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أن منع العاملين في قطاعات بأكملها من ممارسة
الحق في الإضراب قد يقصي فئات الموظفين بما فيهم العاملين في مناصب تقنية وفنية بسيطة وغيرهم، داعيا إلى الاسترشاد بالتجارب الدولية في هذا المجال، التي يتم فيها التمييز بين الموظفين المدنيين الذين يعملون في مناصب إشرافية وفي رتب عليا، وبين بقية الموظفين مهما كانت طبيعة القطاع.
وشدد المجلس، على ضرورة مأسسة الحوار الاجتماعي وتشجيع المفاوضة الجماعية وإبرام اتفاقية الشغل الجماعية داخل المقاولات لمعالجة الإشكالات المتعلقة بتحديد معايير الحد الأدنى للخدمة، وفق مقاربة تشاركية وضمن آلية ثلاثية بين منظمات المشغلين والنقابات العمالية والحكومة، مع أخذ خصوصيات كل قطاع أو مرفق بعين الاعتبار. وكذا تحديد كيفيات تنظيم المرافق الحيوية بالتفصيل بما في ذلك نطاق ومدة الخدمة في نص من درجة أدنى أو في الاتفاقيات الجماعية، بشكل سابق عن ممارسة الإضراب وينبغي أن يكون واضحا وقابلا للتطبيق. وحذف المقتضى الذي ينص في المادة 34 على تدخل السلطات المحلية في تحديد الحد الأدنى من الخدمة.
وبخصوص مبدأ الأجر مقابل العمل، سجل المجلس، ضرورة إحترام مبدأ التناسب بين مدة التوقف عن العمل وقيمة الاقتطاع عند تطبيق هذا المبدأ، والتنصيص على حالات الاستثناء التي لا يمكن فيها تطبيق مبدأ »الأجر مقابل العمل، حينما يكون سبب الإضراب هو عدم أداء الأجر، مع احترام المساطر الادارية المتبعة قبل الاقتطاع.
وفيما يتعلق بباب العقوبات والأحكام الانتقالية والختامية التي حملها مشروع القانون التنظيمي، أوصى المجلس الوطني لحقوق الانسان، بحذف الحالة على مدونة القانون الجنائي في الباب الخاص بالعقوبات إذا لم يتعلق الأمر بالعنف والتهديد مثلما هو الحال في المادة 13، وحذف المقتضيات المتعلقة ب«العقوبات الجنائية الأشد« في الباب الخامس وخاصة في المواد 39-40-41 منه، حذف أو تعديل النصوص التي تحيل إلى نصوص تشريعية وتنظيمية أخرى بما يجعل قانون الإضراب هو التشريع الوحيد المنظم للحق في الإضراب.
ودعا المجلس، إلى تعزيز آليات حل نزاعات الشغل الجماعية والمفاوضات والملفات المطلبية في إطار مقاربة استباقية لتقليل حالات اللجوء إلى ممارسة الحق في الضراب، والإسراع بإخراج مشروع القانون 24.19 المتعلق بالمنظمات النقابية؛ و إقرار التخصص في القضاء الاجتماعي ودعمه بموارد مالية وبشرية، وتقوية جهاز تفتيش الشغل ودعمه بالموارد البشرية والمالية الكافية، وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي المغربي أو تعديله وتدقيق مضامينه بما يضمن عدم تعارض مقتضياته مع ممارسة الحرية النقابية.