
محمد رامي
في خطوة تعكس مرة أخرى تذبذب الحكومة وافتقارها للوضوح، أقدمت وكالة المغرب العربي للأنباء على تغيير وحذف قصاصة خبرية صادرة عن الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، بعد اجتماع المجلس الحكومي يومه الخميس 24 أكتوبر.
تغيير يوحي بأن هناك شيء ما ليس على مايرام و بأن عزيز أخنوش رئيس الحكومة، كما يتداول في أوساط قطاع الفلاحة، هو الماسك بزمام وزارة الفلاحة ولو لم يكن يظهر للعلن وهذا ما سجلناه في عهد وزير الفلاحة السابق، و ما لمسناه اليوم بعد التراجع المثير عن التصريح الأول للناطق الرسمي باسم الحكومة الذي تحدث عن إنجازات الحكومة و “فتوحات”وزارة الفلاحة في مواجهة التضخم وغلاء اللحوم، لتنشر وكالة الأنباء تراجعا أو تكذيبا إن شئنا القول.
الأكيد أن الناطق الرسمي باسم الحكومة لم يتحدث من تلقاء نفسه وأنه مجرد ناقل للخبر ولما دار من نقاش في المجلس الحكومي وإلا لكانت فضيحة أخرى تدشن بها الحكومة الجديدة ولايتها.
نحن هنا أمام سابقة لم تسجل من قبل في العمل الحكومي، الحكومة تصدر تصريحا على لسان ناطقها الرسمي، وتأتي في نفس اليوم لتكذب مانشر وتتراجع عن كل ماقيل .. لنقربكم أكثر إليكم تفاصيل الحكاية..
في التصريح الأول، الذي جاء بعد اجتماع المجلس الحكومي، ادعت الحكومة في قصاصة خبرية على لسان الناطق بإسمها ، أن سياساتها لمواجهة أزمة ارتفاع أسعار قطاع اللحوم الحمراء قد “أعطت نتائجها” وأدت إلى انخفاضها، لكن سرعان ما تراجعت الوكالة عن هذا التصريح وأعادت نشره بشكل مغاير تماما و خالٍ من أي إشارة واضحة إلى نتائج ملموسة.
هذا التراجع المفاجئ عن القصاصة الأولى يطرح العديد من التساؤلات حول مصداقية الحكومة ومدى قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية الحقيقية.
هنا نتساءل، والتساؤل حق مشروع كما أقول دائما، هل كان التصريح الأول مجرد محاولة لإرضاء الرأي العام بوعود ونتائج مبالغ فيها؟ وهل عجزت الحكومة عن تقديم دلائل ملموسة على نجاح سياساتها فتراجعت عن تصريحاتها؟ وهل للتصريح والتصريح المضاد علاقة بالتغيير الذي حدث على رأس وزارة الفلاحة أم أن الناطق الرسمي باسم الحكومة تكلم من تلقاء نفسه فصدرت الأوامر بالتراجع عن التصريح بعد أن فات الأوان؟
عند مقارنة القصاصتين الخبريتين، يمكن ملاحظة بعض الاختلافات الرئيسية في المضمون والتفاصيل المقدمة.
إليكم أبرز ما تغير فيها:
- التركيز على نتائج السياسات:
- القصاصة الأولى: تشير بشكل واضح إلى أن “إجراءات الحكومة أعطت نتائجها وأدت إلى انخفاض الأسعار في مناسبات عديدة.” ويبدو أن هناك تأكيدًا على نجاح السياسات الحكومية في خفض أسعار اللحوم الحمراء.
- القصاصة الثانية: لا تذكر أي شيء حول “انخفاض الأسعار” بشكل مباشر، بل تكتفي بالحديث عن “منهجيتين” تعمل الحكومة عليهما للتحكم في أسعار اللحوم، وهما بناء القطيع وتوفير العرض. يتم التركيز هنا على المنهجيات بدلاً من النتائج المحققة.
- الإشارة إلى دعم الفلاحين:
- القصاصة الأولى: تشمل معلومات إضافية حول الدعم الذي قدمته الحكومة للفلاحين في مجال اقتناء البذور والأسمدة، وربط ذلك باستقرار أسعار الخضر، مما يعطي انطباعًا أوسع عن تدخلات الحكومة في القطاع الفلاحي.
- القصاصة الثانية: لا تتضمن هذا التفصيل، وتركز بشكل حصري على استيراد المواشي ومنظومة دعم الأعلاف للحفاظ على القطيع.
- التراجع في التأكيد على النتائج الملموسة:
- القصاصة الأولى: تستخدم صيغة تؤكد بشكل قوي أن الحكومة حققت نتائج ملموسة في خفض الأسعار، وهو ما قد يشير إلى رغبة في إبراز نجاح السياسات.
- القصاصة الثانية: يبدو أن هناك تراجعًا في التأكيد على هذه النتائج، والتركيز بدلًا من ذلك على الإجراءات التي تقوم بها الحكومة حاليًا، مما قد يعكس إعادة صياغة أكثر تحفظًا في التوقعات أو النتائج.
- المنهجية الحكومية:
- القصاصة الثانية: تقول أن الحكومة تعمل وفق “منهجيتين” للتحكم في الأسعار، وهي نقطة جديدة لم تذكر في القصاصة الأولى، هذه الإضافة تعطي انطباعًا بأن الحكومة تتبنى خطة منظمة متعددة المحاور لمعالجة المشكلة، في حين أن القصاصة الأولى تركز على استعراض بعض القرارات المتعلقة بالاستيراد ودعم الأعلاف.
التعديل الأبرز بين القصاصتين يتمثل في التراجع عن الإعلان المباشر عن نجاح السياسات الحكومية في خفض الأسعار، حيث تم استبدال ذلك بتركيز أكبر على منهجيات الحكومة والإجراءات المستمرة، مما قد يعكس تحوطًا أكبر في التصريحات الرسمية مستقبلا.
هنا يمكن القول إن التعديلات التي قامت بها الحكومة على تصريحاتها ليست إلا محاولة لتخفيف الضغوط المتزايدة. وبينما تستمر في تقديم تطمينات واهية، يبقى المواطن المغربي يتساءل: متى ستتخذ الحكومة إجراءات حقيقية تعالج جذور الأزمة الاقتصادية بدلًا من الاكتفاء بالوعود التي تتبخر مع مرور الوقت؟
تعليقات
0