
محمد رامي
حين يعترف الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، بوجود جمعيات تستغل غطاء العمل الخيري لتحقيق أرباح والتهرب من الضرائب، يحق لنا أن نسأل: أين القانون؟ كيف يمكن لمثل هذه الممارسات أن تمر دون مساءلة أو عقاب، في بلد يسعى لتكريس دولة الحق والمؤسسات؟
حين خرج الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، بتصريح مفاده أن بعض الجمعيات تستغل غطاء العمل الخيري للتهرب الضريبي وممارسة أنشطة تجارية، توقّعنا أن نسمع في الجملة التالية عن إجراءات صارمة لمحاسبة المخالفين. لكن عوضًا عن ذلك، جاء رفض قاطع لتوسيع الإعفاءات الضريبية، في استهداف مباشر لجمعيات أخرى تعاني الأمرّين من وطأة الرسوم.
المعارضة الاتحادية قدّمت تعديلات على مشروع قانون المالية 2025 تهدف إلى إنصاف الجمعيات الجادة. التعديلات دعت إلى توسيع الإعفاءات لتشمل كافة الجمعيات، مع إعفاء الأجور التي تدفعها هذه المؤسسات لموظفيها، في خطوة تُعزّز التشغيل وتدعم النشاط الاجتماعي.
كما طالبت بفتح المجال أمام الجمعيات لتكون شريكًا حقيقيًا في التنمية، بدل أن تُترك فريسة للرسوم المرهقة التي تحد من قدرتها على أداء رسالتها الإنسانية.
فماذا كان رد فعل الحكومة على لسان وزيرها المنتدب في المالية؟ الرفض بطبيعة الحال وتبريرات تحتاج إلى وقفة تأمل..
هذا الموقف يثير عدة تساؤلات جوهرية: إذا كانت الحكومة تعترف بوجود مخالفات، فلماذا لا يتم تفعيل القانون عبر مفتشي الضرائب أو النيابة العامة؟ أليس القانون أداة لضبط المخالفين وتقديمهم للمساءلة؟ أم أن التصريحات وحدها أصبحت كافية للحد من التجاوزات؟
إذا كان الوزير يعلم بوجود جمعيات تستفيد من الإعفاءات الضريبية لممارسة أنشطة تجارية، فهذا اعتراف صريح بفشل المنظومة في ضبط المخالفين وتفعيل الرقابة. فالقانون موجود، والمفتشون الضريبيون يملكون الأدوات، والنيابة العامة قادرة على تحريك المتابعات. فما الذي يمنع ذلك؟
بدلاً من رفض توسيع الإعفاءات ليشمل جمعيات تعاني بسبب الأعباء المالية، كان الأجدر بالسيد الوزير أن يطمئننا بأن هناك خطوات فعلية لمحاسبة الجمعيات المخالفة، حتى لا تُترك الساحة مفتوحة لمن يستغلون العمل الخيري كوسيلة للإثراء. فهل يعقل أن يتحمل الجميع ثمن تجاوزات البعض؟
هكذا، فبين إصرار الحكومة على تضييق الخناق على الجمعيات، ورؤية المعارضة التي تدعو إلى تمكينها من وسائل الاشتغال، يبقى السؤال الكبير: هل نريد مجتمعًا مدنيًا قويًا يساهم في تنمية البلاد، أم نُبقي الأمور عالقة في دائرة الاتهامات دون حلول؟
تعليقات
0