مخاطر إقتصادية داخلية وخارجية تضع الحكومة على المحك

أنوار التازي الخميس 28 نوفمبر 2024 - 13:00 l عدد الزيارات : 35331

يواجه المغرب في إطار المخاطر الماكرو اقتصادية، تحديات كبرى داخلية وخارجية على حد سواء، مما قد ينعكس، من خلال قنوات مختلفة، على عجز الميزانية ومسار المديونية. مما يضع الحكومة على المحك، ويطالبها باتخاذ إجراءات وتدابير عملية لرفع هذه التحديات ومواجهة الرهانات في هذه الظرفية الاقتصادية.

وحسب وثيقة البرمجة الميزانياتية الاجمالية للثلاث سنوات 2025-2027، فإنه استنادا إلى تحليل بأثر رجعي للعوامل الرئيسية التي أثرت على الاقتصاد الوطني، تم تحديد ثلاثة مخاطر رئيسية: المخاطر المتعلقة بالجفاف والإجهاد المائي وتلك المرتبطة بتقلب أسعار المواد الأولية والطاقية والمخاطر المرتبطة بتباطؤ النمو في منطقة اليورو.

وبخصوص المخاطر المرتبطة بالجفاف والإجهاد المائي، يعد المغرب من الدول الأكثر تعرضا لتداعيات التغيرات المناخية، لا سيما بفعل الجفاف، ويترتب عنه آثار سلبية على الإنتاج الفلاحي والقدرة الشرائية للأسر، وبالتالي على الطلب الداخلي. وهكذا، فإن ارتداد موجة جفاف جديدة بعد امتدادها بين 2019 إلى 2024 قد ينعكس سلبا على مسار توطيد التوازنات الماكرو اقتصادية.

وحسب المصدر ذاته، يؤثر الجفاف بشكل مباشر على عدة قطاعات حيوية في الاقتصاد الوطني، ويعد القطاعي الفلاحي الاكثر عرضة نظرا لاعتماده الكبير على الأمطار والموارد المائية. ووفقا لآخر الاحصائيات المتاحة، فإن ٪81 من المساحة الزراعية الإجمالية تعتمد على الزراعة المطرية، ويخصص حوالي ٪85 من السحب المائي للقطاع الفلاحي. ومن شأن ارتفاع درجات الحرارة والتقلبات الكبيرة في نزول الأمطار أن تؤدي إلى انخفاض المحاصيل والإنتاج، مما من شأنه أن يؤثر سلبا على دخل السكان الأكثر هشاشة بالمناطق القروية.

وموازاة مع ذلك، يواجه قطاع الماء تحديات متزايدة نتيجة للإجهاد المائي المتفاقم بسبب التراجع المستمر في معدل التساقطات وارتفاع درجات الحرارة. وتسجل السدود المغربية حاليا مستويات ملء حرجة، مما يؤثر سلباً على كل من السقي والتزويد بالماء الشروب وكذا إنتاج الطاقة الكهرومائية. وتتجلى هذه التداعيات على كافة القطاعات الاقتصادية التي تعتمد على الماء، حيث قد تتأثر آفاق نموها بزيادة الظواهر المناخية القصوى مثل موجات الحرارة وندرة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة.

وبخصوص المخاطر المرتبطة بتقلب أسعار المواد الأولية والطاقية، حسجلت الوثيقة، أن الاقتصاد الوطني يعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الأولية والمنتجات الطاقية لتلبية احتياجات قطاعاته في الصناعة والفلاحة وكذا قطاع النقل. ويشكل تقلب أسعار هذه المواد في الأسواق الدولية مصدرا للخطر على الآفاق الاقتصادية. وقد يؤدي الارتفاع المفاجئ في الأسعار إلى زيادة تكاليف الإنتاج ومستوى التضخم المستورد، مما يشكل ضغطا على الميزان التجاري واحتياطيات العملات الأجنبية، الشيء الذي من شأنه أن يؤثر على ميزانية الدولة وكذلك على القدرة التنافسية للشركات الوطنية. وحسب التقديرات، فإن ارتفاع سعر برميل النفط في الأسواق الدولية بدولار واحد من شأنه زيادة الفاتورة الطاقية لبلادنا بحوالي مليار درهم، مما ينتج عنه تفاقم في العجز التجاري. كما يمكن لتقلب أسعار المواد الغذائية الفلاحية أن يؤثر سلبا على ميزان المدفوعات، خاصة في حالة تراجع محاصيل الحبوب، مما يضطر المغرب إلى الاستيراد بشكل أكبر لتلبية احتياجات الاستهلاك.

كما يواجه الاقتصاد المغربي كذلك المخاطر المرتبطة بتباطؤ مفاجئ في النشاط الاقتصادي أو ركود في منطقة اليورو، إذ يشكل تباطؤ معدلات النمو في اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي، التي تعتبر شريكا رئيسيا لبلادنا، مصدر خطر على النمو الاقتصادي الوطني، حيث توجه أكثر من ٪60 من الصادرات المغربية نحو الأسواق الأوروبية. فقد أظهرت الدراسات المنجزة في هذا الإطار وجود ارتباط قوي بين المؤشرات الرئيسية للمبادلات الخارجية ودينامية مؤشر النمو في الاتحاد الأوروبي، من خلال تحليل القنوات المختلفة التي يتم من خلالها انتقال هذه التأثيرات.

وحسب المصدر ذاته، فإن المغرب يعتمد في مواجهة هذه المخاطر على استراتيجيتين متكاملتين للتخفيف من آثارها، الاولى اعتماد تدابير ميزانياتية طارئة وآنية تستهدف الأسر والقطاعات الأكثر تضررا في حالة تحقق هذه المخاطر، وذلك من خلال تعبئة الهوامش الميزانياتية المتاحة مع تفادي أي انحراف عن المسار المحدد. ويشمل ذلك، وعلى سبيل المثال، الدعم الاستثنائيɪ للمهنيين في قطاع النقل الطرقي، ووقف استيفاء الرسوم الجمركية على القمح اللين والرسوم الجمركية على الماشية المستوردة ووضع خطة طارئة لدعم قطاع السياحة. بالإضافة إلى ذلك، تم اتخاذ إجراءات في إطار برنامج التخفيف من أثر عجز التساقطات وتأثيرات الظرفية بغلاف مالي يبلغ 10 ملايير درهم. وتتعلق الاستراتيجية الثانية بتنفيذ وتسريع مجموعة من البرامج والإصلاحات الهيكلية الرامية إلى تعزيز صمود الاقتصاد الوطني في مواجهة التغيرات المناخية ومختلف الصدمات الداخلية والخارجية وتحفيز النمو الاقتصادي.

كما أن هناك مخاطر مرتبطة بالتوقعات، ويتعلق الامر بمخاطر مرتبطة بالتغيرات التشريعية والتنظيمية الجبائية غير المتوقعة، ومخاطر متعلقة بالتطور السلبي لفرضيات الإطار الماكرواقتصادي التي بنيت عليها توقعات المداخيل الجبائية، وبالإضافة إلى ذلك، هناك مخاطر خاصة ببعض الضرائب مرتبطة بعوامل بنيوية مثل تركيز المداخيل
المحصلة برسم قطاع معين أو مجموعة محدودة من الملزمين.

كما أن هناك مخاطر متعلقة بالمؤسسات والمقاولات العمومية، حيث إنه بالنظر لتنوع وتباين أنشطة المؤسسات والمقاولات العمومية، فإن المخاطر المرتبطة بها متعددة. ويمكن أن يكون لها أثر سلبي على المالية العمومية، سواء على مستوى الموارد أو النفقات. ويركز هذا الجزء بشكل أساسي على المخاطر المتعلقة، من جهة، بتحويلات ميزانية الدولة لفائدة هذه المؤسسات والمقاولات العمومية ومن جهة أخرى، بربحيات وبمساهمات وكذا بأداء هذه الهيآت. كما أن هناك مخاطر تتلق بالشراكات بين العام والخاص والمخاطر المتعلق بالمديونية.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الإثنين 21 أبريل 2025 - 22:51

و أخيرا الإفراج عن اللجنة الموضوعاتية لتقييم “كارثة”مخطط المغرب الأخضر 

الإثنين 21 أبريل 2025 - 22:14

لقاء أدبي بالرباط حول فكر الراحل إدمون عمران المالح

الإثنين 21 أبريل 2025 - 21:59

مثقفون ومفكرون وشعراء وأبناء أصيلة يشاركون في تكريم الراحل محمد بنعيسى

الإثنين 21 أبريل 2025 - 20:56

عدم الالتزام بآجال الأداء يهدد الشركات الصغيرة.. الفريق الاشتراكي يطالب الحكومة بالوفاء بالتزاماتها

error: