في قلب مدينة الدار البيضاء، وتحديدًا في فندق إيدو أنفا، تحول حديث الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، حنان رحاب، إلى صرخة إنذار مدوية حول تأثير العنف ضد النساء على مستقبل المغرب. ولم يكن خطابها خلال الندوة التي نظمتها منظمة النساء الاتحاديات مجرد استعراض للأرقام، بل كان دعوة صريحة لإعادة النظر في الأولويات الوطنية لمواجهة أزمة تهدد النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.
كما لم تكتف القيادية النسائية رحاب بالحديث عن العنف ضد النساء كمعضلة اجتماعية، بل كشفت عن الأبعاد الاقتصادية لهذه الظاهرة، مسلطة الضوء على أرقام صادمة: 2.85 مليار درهم سنويًا هي التكلفة المباشرة للعنف، تشمل العلاج والدعم النفسي، بينما تضيف التكاليف غير المباشرة، كغياب النساء عن العمل، 517 مليون درهم أخرى.
وما يفاقم الوضع أكثر في نظرها، هو أن العنف الزوجي وحده يمثل 70% من هذه الأعباء، أرقام تخفي وراءها قصصًا مؤلمة من الاستنزاف اليومي الذي يعيشه المجتمع المغربي.
رحاب لم تغفل جانب آخرا مهما من هذه الظاهرة، إذ سلطت الضوء على العنف الرقمي بوصفه “العدو الصامت” الذي يتسلل إلى حياة النساء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرت أن التحرش، التشهير، والابتزاز الإلكتروني ليست مجرد ظواهر معزولة، بل هي أشكال متطورة للعنف تُكبّل حرية النساء وتعزل أصواتهن في الفضاء العام.
وأكدت رحاب أن هذا النوع من العنف يترك ندوبًا نفسية عميقة لا تقل خطورة عن آثار العنف الجسدي، مما يجعل مواجهته ضرورة ملحة.
ورغم التقدم التشريعي الذي أحرزه المغرب، شددت رحاب على أن القوانين وحدها ليست الحل، وأن الحل يكمن في سياسات شاملة تُركز على التعليم والإعلام، وتعمل على نشر ثقافة المساواة والاحترام، وأن “الاستثمار في حماية النساء هو استثمار في مستقبل البلاد”، بهذه العبارة لخصت رحاب رؤيتها لمستقبل خالٍ من العنف.
في ختام الندوة، وجهت حنان رحاب رسائل قوية للجميع: الأسر، المؤسسات، الأفراد، وحتى صناع القرار بقولها، “التغيير يبدأ بالوعي، والوعي يبدأ من هنا”، قالتها بنبرة حازمة، مؤكدة أن العنف ضد النساء ليس قضية نسوية فقط، بل قضية وطنية تمس الجميع.
كان خطابها أكثر من مجرد تحليل للوضع الراهن؛ كان دعوة مفتوحة إلى بناء مغرب أكثر عدلاً، مغرب لا يُترك فيه مستقبل النساء رهينة للعنف أو التهميش، بل يُحتفى بهن كركيزة أساسية للتنمية والتقدم.
حنان رحاب، من خلال كلماتها الواضحة وصراحتها الجريئة، جعلت من الندوة منبرًا للوعي وأرضية للعمل. والسؤال الذي يظل مطروحًا بعد هذه الندوة: هل نحن كمجتمع مستعدون لتحمل هذه المسؤولية؟.
تجدر الإشارة، إلى أن هذه الندوة المنظمة من طرف النساء الاتحاديات في موضوع: ” العنف ضد النساء والفتيات ومؤشرات التنمية ”، عرفت مشاركة أيضا النقابية ثريا لحرش ، والفاعلة الجمعوية والخبيرة خديجة الرباح، والمحامية مريم جمال الإدريسي.
حنان رحاب: العنف ضد النساء.. أزمة تُهدد التنمية ومسؤولية وطنية مشتركة

تعليقات
0