باشر الوزراء في الحكومة الفرنسية الجديدة مهامهم يوم الثلاثاء، عشية عيد الميلاد، لكن الأزمة السياسية تهدد بالتفاقم في الأيام المقبلة مع تهديد حزب العمال الاشتراكي بحجب الثقة عن الحكومة فور إعلان السياسة العامة في 14 يناير المقبل. رئيس الوزراء الوسطي، فرنسوا بايرو (73 عامًا)، الذي تولى منصبه في 13 ديسمبر بعد الإطاحة بسلفه ميشيل بارنييه، أكد مساء الاثنين أنه واثق من أن حكومته ستتمكن من تجنب حجب الثقة، قائلاً: “أنا متأكد من أن العمل الذي أحدده أمامكم وفريق الحكومة سيضمنان عدم تعرضنا لحجب الثقة.”
لكن الواقع السياسي في فرنسا لا يبعث على التفاؤل. الحزب الاشتراكي، الذي يمثل المعارضة الرئيسية، لم يستبعد احتمال تقديم اقتراح لحجب الثقة بمجرد إعلان السياسة العامة للحكومة. زعيم الحزب أوليفييه فور صرح يوم الثلاثاء قائلاً: “لا يوجد أي سبب لمنح أي شيء لهذه الحكومة، التي لم تحترم أي من شروط ميثاق عدم حجب الثقة.”
تشكيل الحكومة الجديدة جاء بعد فترة من الاضطرابات السياسية، حيث شغل بايرو منصب رئيس الوزراء السادس في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون منذ 2017. أما في عام 2024 فقط، فقد شهدت فرنسا تغييرات حكومية دراماتيكية أدت إلى تعيين بايرو، وهو ما يعكس حالة من عدم الاستقرار السياسي لم تشهدها البلاد منذ عقود. فور، الذي يرفض الحكومة الجديدة، أضاف أن حزبه قد يصوت ضد الحكومة فور إعلان السياسة العامة، مشيرًا إلى غياب التوازن السياسي في التشكيلة الجديدة.
تتجه الأنظار أيضًا إلى الأسماء البارزة في الحكومة الجديدة مثل إليزابيث بورن، التي تشغل منصب وزيرة التعليم، ومانويل فالس، الذي تولى حقيبة شؤون ما وراء البحار. جيرالد دارمانان يعود إلى الحكومة في منصب وزير العدل، وهو ما أثار انتقادات من المعارضة التي اعتبرت هذه العودة بمثابة خطوة إلى الوراء.
أما وزير الاقتصاد الجديد، إريك لومبارد، الذي يعتبر من الشخصيات اليسارية في الحكومة، فقد بدأ مهامه مساء الاثنين، مع التركيز على “معالجة الشر المتوطن لدينا، أي العجز المالي” وهو التحدي الأبرز أمام حكومته في الفترة القادمة.
تحديات الحكومة الفرنسية تتزايد، حيث يتعين عليها تمرير ميزانية 2025 في الجمعية الوطنية، وهو ما يعد اختبارًا حاسمًا لاستقرارها. ورغم أن رئيس الحكومة يراهن على دعم شخصيات وازنة في فريقه، إلا أن المعارضة تتجه نحو تقديم اقتراح لحجب الثقة عن الحكومة بعد إعلان السياسة العامة.
وفي الوقت الذي لا يبدو أن حزب “فرنسا الأبية” (اليسار الراديكالي) وحزب “التجمع الوطني” (اليمين المتطرف) سيوافقان على دعم الحكومة، أكدت مارين لوبن، رئيسة حزب التجمع الوطني، أن الفرنسيين قد يضطرون لاختيار “مسار جديد” في وقت قريب.
حكومة بايرو تضم 35 وزيرًا، منهم 18 امرأة و17 رجلًا، وهي أقل عددًا من الحكومة السابقة بقيادة بارنييه. ومع ذلك، فإن هذه التشكيلة لم ترقَ إلى توقعات الكثيرين، حيث تميزت باحتفاظ بعض الشخصيات المثيرة للجدل بمناصبهم، مما يرفع من حدة الانقسامات السياسية في البلاد.
تعليقات
0