وسيط المملكة يدعو إلى الجدية كمقوم حاسم ومؤثر في ضبط عمل الإدارة

أنوار التازي السبت 4 يناير 2025 - 12:31 l عدد الزيارات : 37506

أكدت مؤسسة وسيط المملكة، على أهمية مفهوم الجدية كمبدأ ناظم، وكموجه حكاماتي جوهري وكمقوم حاسم ومؤثر في ضبط نجاعة الأداء الإداري، من أجل تأمين ارتفاق عمومي رشيد، يؤهل الإدارة إلى القيام بأدوارهـا علـى النحـو المطلوب للنهوض بالنموذج التنموي المنشود وتحقيق تنمية أكثر استدامة.

وسجل وسيط المملكة في تقريره السنوي لسنة 2023، أن هناك خمس مرتكزات أساسية، الالتزام بسمو الدستور روحا ومنطوقا، وبسيادة القانون والخضوع الأمثل لمقتضياته، بما يؤمن الحماية القانونية للمعاملات الإدارية، والتشبع بمبادئ الحكامة الجيدة التي أقرها الدستور، ثقافة وممارسة، والالتزام الفعلي والمحكم بتطبيقها كمبادئ توجيهية استدلالية يمكن الاسترشاد بها لتقييم فعالية ونجاعة الأداء الإداري، والتي تقوم على احترام المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إلى المرافق العمومية، والإنصاف المجالي في تغطية الخدمات الارتفاقية لمجموع التراب الوطني، وتأمين الاستمرارية في أدائها، ومراعاة معايير الجودة والشفافية، وربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة، والتقيد بمبادئ  الديمقراطية والقيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية التي أقرها الدستور.

ومن بين المرتكزات، بلورة إرادة التغيير والانتقال، بتجاوز مرحلة التعبير عن النوايا إلى التنزيل الفعلي للتقويمات التصحيحية الكفيلة باجتثات مواطن كل اختلال أو ممارسة إدارية معيبة من جذورها، والحرص على الارتقاء بالأداء الارتفاقي نحو الأفضل بتجسيد التفاعل الجدي المستجيب لانتظارات الإصلاح الشمولي، وإرساء نظام فعال للتتبع والتقييم، وفق مقاربة تقوم على القياس الدوري لنجاعة الأداء الإداري، وتحقيق الالتقائية والتناسق والاتزان بين الصلاحيات والموارد، وتفادي أي خلاف أو تصادم أو تداخل أو تنازع في الاختصاصات تكون كلفته الإضرار بمصالح المرتفق، وترسيخ القرب الارتفاقي الحقيقي من المواطن، يتجاوز بعده الجغرافي إلى أن تكون الإدارة في خدمته، قريبة من انشغالاته وحاجياته، وأن تستوعب انتظاراته وتطلعاته، بتطويع الضوابط القانونية والمساطر الإدارية لخدمة هذا الهدف، وأن تنسج معه علاقة تقوم على أساس الاحترام المتبادل والالتزام بمبادئ  دولة الحق والقانون، وأن تبادر لأجل بلورة حلول حقيقية لقضاياه ومده بأجوبة مقنعة في آجال معقولة.

وشدد تقرير مؤسسة الوسيط المرفوع إلى جلالة الملك، أن جدية الإدارة، تتأكد أيضا حينما تكون هي أول من يبرهن على أن الكل ملزم بتنفيذ الأحكام القضائية، فتبادر فورا إلى الاستجابة إلى منطوقها، وتجسيد فاعليتها، وتنزيل ما قضت به على أرض الواقع، بإيصال الحقوق إلى أصحابها، وتمكينهم من التمتع بها والتصرف فيها، ضمانا لسيادة القانون وتطبيقا لمبادئ العدل والإنصاف، للحد من الممارسات السلبية والسعي إلى التطبيق الدقيق للقواعد القانونية، بما يجعل من التنفيذ مناط جدوى الحق في التقاضي دفاعا عن الحقوق والمصالح المشروعة.

وأكد وسيط المملكة، أن جدية الإدارة تكمن في تعهدها بأن تتيح للمرتفقين المعلومة بكل ارتياح ويسر، وبأن تمكنهم من ممارسة حقوقهم الارتفاقية كاملة في نطاق ما يجمعها بهم من علاقة، وفي التزامها في بلورة معاملاتها الإدارية المتعلقة بالمرتفق وبأدائها الارتفاقي بشكل عام، وفق مبادئ احترام القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة وقيم الإدارة المواطنة، بما يؤمن استفادة المرتفق من خدمات ارتفاقية في مستوى حاجياته. وتقترن أيضا جدية الإدارة، بتقيدها بالعمل المتواصل والأخذ بالأسباب، والعزم والحزم، والإقبال على الانكباب عليه والاجتهاد فيه، والحرص على عدم هدر الوقت، ومغالبة الأعذار والعراقيل، واتخاذ الإجراءات المقررة داخل الآجال المحددة.

وأشار المصدر ذاته، أن جدية الإدارة تتحقق أيضا حينما تعمد إلى  اتخاذ القرارات الصائبة، بالتروي واستقصاء التبصر قبل الإقدام على كل موقف، والإقبال بروح الوطنية على الانخراط المخلص في تفعيل الإصلاحات المسطرة لتأخذ مسارها الصحيح ووتيرتها الحثيثة من غير إبطاء أو توان، ذلك أن المحك الحقيقي لكل إصلاح لا يكمن في مجرد وضعه، وإنما في قدرة كل من موقعه على حسن تفعيله وتدبيره، بما يقتضيه الموقف من جدية وفاعلية، وتمام الإشراف والتتبع الدقيق، وتحقيق أعلى مستويات التنسيق والالتقائية الإدارية، والتوظيف الأمثل للموارد البشرية، والاستثمار الأنجع للإمكانات المتاحة.

وأوضح التقرير، أن جدية الإدارة، هي واجب مؤسساتي أخلاقي، وقاعدة سلوكية معيارية لكل عمل ناجح، وهي أيضا التزام منهجي، أضحى في الوقت الحاضر خيارا حاسما لا بديل عنه، للتحفيز على الوصول إلى حوكمة وتميز الأداء الارتفاقي، بما يجعله محركا أساسيا لمشاريع النموذج التنموي الجديد، وبما تكون معه الإدارة كقاطرة للتنمية، لا معيقا لها بسبب لاجدية العاملين بها.

وجاء في التقرير، “كما ترتب الحقوق الارتفاقية التزامات على الإدارة، فإنها ترتب بالمقابل التزامات بليغة على المرتفق، بما يقع عليه هو كذلك من وجوب تحري الجدية التامة في علاقته مع الإدارة، وأن يكون واعيا تمام الوعي بالواجبات الملقاة على عاتقه، وأن يعمل على تطبيق حقوقه تطبيقا سليما، وعلى تدبر التزام الوفاء بتحملاته، وعلى تغيير السلوكيات غير المنضبطة والتمثلات السلبية واكتساب العادات الإيجابية، مع الأخذ بعين الاعتبار، أن ممارسة حقه الدستوري بتقديم كل مظلمة أو تشك في مواجهة الإدارة، يقتضي أن يتم في إطار تام من اللياقة والانضباط والتقيد بالقواعد الإجرائية المقررة في الموضوع.”

وتكريسا للمواطنة الفضلى التي توازن بين الحق والالتزام، وتجسيدا للمبدأ الدستوري العام الذي يقول بإلزامية تنفيذ الأحكام القضائية للجميع، فبالأحرى تلك الصادرة لفائدة الدولة التي تمثل المصلحة العامة، ذكر وسيط المملكة، أن جدية المرتفق تتوثق كذلك من خلال مبادرته طواعية إلى تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة أشخاص القانون العام، دون امتناع أو مماطلة أو تعليق من شأنه أن يعصف بالحق ويهدم العدل ويفرغ آلية التقاضي من معانيها، ويؤدي إلى اختلال، تكون له انعكاساته السلبية على السياسات العامة التي ترتكز على ما يتم رصده لها من اعتمادات مالية، كما تكون له وطأته الجسيمة على قدرة القطاعات العامة في الوفاء بما قد يكون للمواطنين من حقوق، وعلى ضمان انتظام واطراد عمل المرافق العمومية بما يستجيب لمتطلبات الحكامة الجيدة.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 19:13

بلاغ المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي: دعم متواصل للوحدة الترابية والقضية الفلسطينية، وتأهب تنظيمي لخوض الاستحقاقات المقبلة

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 19:03

توقيف مطلوب دوليا بمطار محمد الخامس…

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 18:01

رئيس المجلس العالمي للمياه.. المغرب يحقق إنجازات هامة في مجال تحلية المياه…

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 14:59

صندوق النقد الدولي يتوقع نمو اقتصاد المغرب…

error: